جمعيات أهلية تجير نشاطاتها في الأزمة لصالح الإغاثة والرعاية الصحية
تواصل عشرات الجمعيات والمنظمات الأهلية في سورية جهدا دؤوبا في مجال الإغاثة والرعاية الصحية الجسدية والنفسية التي تزايدت متطلباتها مع تزايد المحتاجين إليها في مراكز الإقامة المؤقتة للمتضررين من إرهاب المجموعات الإرهابية المسلحة ما حدا بالعديد من الجمعيات إلى تجيير نشاطاتها الإنسانية للمجال الإغاثي وفتح باب التطوع والدورات التدريبية الخاصة بإدارة الكوارث وخدمات الإغاثة ولاسيما على المستوى الصحي.
وبلغت هذه النشاطات في عدد من الجمعيات درجة عالية من التنظيم فتولدت من النشاط الأساسي مبادرات تخصصية تعليمية ومهنية لتمكين المتضررين من أداء دور فاعل يعود عليهم بمردود مادي وخصوصا بعد فقدان الكثيرين لأعمالهم وورشهم جراء الظروف الحالية.
وتتخذ أنشطة الأمانة السورية للتنمية وهي أبرز العاملين في هذا المجال أبعادا متجددة بحسب ما تشير إليه أريج بوادقجي مسؤولة الإعلام والتواصل بالأمانة للمنطقة الجنوبية مبينة في تصريح لسانا أن العمل في مراكز الإقامة المؤقتة بدمشق الـ22 يتم على ثلاث مراحل تبدأ بتقديم الدعم الإغاثي اللوجستي والدوائي والحاجيات الأساسية مرورا بالتشجيع على التطوع والتبرع وصولا إلى تدريب المتطوعين على إدارة المراكز بأنفسهم.
وحول مبادرة كفو تلفت أريج إلى تركيزها على الجانب الصحي وتقديم خدمات تخصصية على هذا الصعيد إلى جانب مبادرة الدعم النفسي الاجتماعي الهادفة إلى التشبيك مع المنظمات الدولية ذات الصلة ومع الجمعيات الأهلية لتوفير هذه الخدمة بشكل متوازن لجميع مراكز الإقامة موضحة أن للمجتمع المحلي دورا كبيرا في هذه المبادرات لاسيما مبادرة ساعدني كمل تعليمي في مركز مدرسة المزة المحدثة والتي تستقبل الطلاب الأحرار من شهادة التعليم الأساسي والشهادة الثانوية ليعودوا إلى الدراسة بعدما أبعدهم التهجير عن مدارسهم إضافة إلى مبادرات تشجع عمل المتضررين كصنع اللحافات والمخللات والمربيات بما يغطي حاجة مراكز الإقامة يساعد على تسويق الفائض لتأمين موارد مالية ذاتية للمراكز.
وتبين ناديا جروس المتطوعة في خدمة مدارس الوافدين أن المجموعة تضم شبابا ذوي خبرة في مجال العمل الإغاثي والإنساني والتدريب ممن دفعهم نزوح العديد من العائلات على خلفية الأزمة إلى تأسيس جمعية تكون تحت إشراف مجلس الشباب السوري وتعمل على ثلاثة محاور هي خدمة مراكز الإقامة بدمشق بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية لتأمين ما ينقص إلى جانب خدمة العائلات المهجرة غير الموجودة في المراكز والتي استأجرت أو استقرت لدى عائلات أخرى حيث يقيم فريق المتطوعين وضع العائلة ويسجل احتياجاتها المادية من غذاء وكساء لتوفيرها بالتزامن مع التدريب الذي يقوم المتطوعون وفقا له بتدريس خبراتهم التطوعية من إسعاف أولي وطبابة وغيرها للعوائل المهجرة كي تصبح اقدر على التعامل مع الطوارئ.
من جانبه أكد عبد الهادي هواري المسعف المتطوع في فرع دمشق للهلال الأحمر العربي السوري استمرار المنظمة في إقامة دورات الإسعاف بمستواها المبتدئ كل إسبوعين لزيادة خبرات المتطوعين مشيرا إلى أن دورة الإسعاف كانت على مدى 18 ساعة وجرى تكثيفها خلال الأزمة لتصبح 12 ساعة مقسمة تليها دورة اسعاف متقدم بحدود 27 ساعة يصبح المتطوع بعدها قادرا على العمل والمناوبة.
وأضاف هواري إن الأزمة خلقت رغبة لدى كثير من الشباب في لعب دور فاعل وعدم الاكتفاء بالتفرج على ما يجري فاستقطبت المنظمة العديد من المتطوعين وبات هناك عدد كاف من المسعفين لاسيما في دمشق وريفها مع امكانية التطور لاحقا والتوسع في انشاء مراكز أخرى.
وتشير دانيا حناوي المتطوعة في الهلال الأحمر العربي السوري بقسم إدارة الكوارث إلى أن شرط التطوع أن يكون الشخص قد اتبع دورة اسعاف أيا كان المجال الذي سيتخصص فيه مبينة أن مدة دورة مبادئ الكوارث 4 أيام ويقع ضمن هذا المجال عدة اقسام أولها وأكثرها نشاطا في الوقت الحالي هو قسم الإغاثة الذي يقوم على التعامل مع الجمعيات لمساعدة المتضررين من المحافطات عبر تأمين الحد الأدنى من اللوازم الأساسية.
وأضافت حناوي إن الأحداث الفجائية كما في مخيم اليرموك على سبيل المثال تتطلب استجابة كل الفرق بشكل فوري حيث تسارع بالذهاب إلى الأماكن التي أوى إليها المتضررون وتؤمن مركز إقامة ووجبات اسعافية و أغطية وغير ذلك من الضروريات ثم تقوم المجتمعات المحلية والأمانة السورية للتنمية بتسلم إدارة المركز.
وحول قسم الدعم النفسي في فرع دمشق لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري تلفت نيفين أبو ريا إلى وجود 3 مشروعات هي آي ام سي مع الهيئة الطبية الدولية القائم على زيارة مدارس المتضررين ومساعدة الأطفال على التفريغ الإنفعالي إضافة إلى مشروع زوار المنازل بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف ويعتمد على الوصول للأطفال المتضررين الذين لم تستطع المنظمات الإنسانية الوصول إليهم ومشروع صندوق الأمم المتحدة لمساعدة المتطوعين والمسعفين بعقد جلسات فردية تخفف الأثر النفسي الناجم عن عملهم ومشاهداتهم اليومية المؤلمة.
ويشير رفيق دياب المدرب في جمعية الاستدامة التطوعية إلى أهمية جهود الجمعية في تنمية المجتمع من خلال التوعية في مجال استخدام الموارد وإنتاجها وإحداث مراكز توعية اجتماعية لتقديم الدعم المعنوي للمتضررين ومساعدة الشباب السوري للمحافظة على الإرث الحضاري والثقافي وإعداد وتطوير المناهج التدريبية وتدريب فئات المجتمع على مجالات تنموية.
وتبدو منظمة كشاف سورية من الجهات الأكثر نشاطا في الإشراف الشامل المتنوع على مراكز الإقامة المؤقتة كما يؤكد مسؤول الفوج الأول للكشاف بجرمانا نزار يارد موضحا أن متطوعي الكشاف يعملون في مجالات الدعم النفسي والإسعاف الأولي والتدريب على الأعمال اليدوية إلى جانب التركيز على الناحية الاجتماعية وخصوصا تفهم الآخرين وقبول الناس بعضهم بعضا في جميع الظروف كركن أساسي للمواطنة.
ورغم صعوبة التمويل تستمر بعض الجمعيات بالعمل محاولة الاستفادة من خبرات اعضائها قدر الامكان في الأوضاع الراهنة كما هو الحال في مركز طيورنا لذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقول أخصائية التربية الخاصة بالمركز وفاء عامر أنه يضم كوادر كفوءة للتعامل مع المعوقين بأجور رمزية بسبب ضعف الإمكانيات المادية للأهالي في هذه الظروف موضحة أن الجهود الحالية تنصب على تدريب الأمهات والأسر على التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وتبسيط المعلومات العلمية ونشر ثقافة مجتمعية بهذا الصدد حيث تم تدريب خمسة مدربين في ظل تزايد حاجة المجتمع لهذا النوع من العلم.
وتلفت أخصائية تربية الطفل ياسمين عيود من مبادرة سنابل إلى أن عمل المبادرة بدأ مع الأزمة الحالية وركز على تدريب الشباب في مجالات تربوية وفنية وعلمية نفسية لاستيعاب حاجات الأسر المتضررة بينما يشير عماد عربي كاتبي المدير التنفيذي بجمعية نقطة حليب الخيرية إلى أن نشاطات الجمعية العريقة تجاوزت تأمين الحليب والدواء للأطفال إلى تقديم علاج جسدي ونفسي مؤكدا أن ظروف العائلات المتضررة حدت بالجمعية إلى إجراء حسومات على أسعار الحليب المرتفعة إضافة إلى تسهيل إجراءات الحصول على الخدمات فلم تعد تشترط على العائلات أوراقا ثبوتية كاملة ولاسيما أن الكثيرين فقدوا أوراقهم بسبب ظروف التهجير أو لم يتمكنوا من أخذها معهم.
وتبين آمال البوجي العاملة في مشروع من إيدك منعينك أنها انضمت مع العديد من النساء المهجرات إلى المشروع الذي تقوم فكرته على إعانة العائلات المتضررة بما يضمن لهم رأس مال لإعانتهم باستمرار كتعليم غزل الصوف للسيدات وبيعه لزيادة الانتاج بحيث تقدم الجمعية الأدوات اللازمة للعمل مجانا لكل متطوعة مؤكدة أن هذه المشاركة أدت إلى تحسين نفسية العاملات لشعورهن بفائدتهن وثمار جهودهن.
من جهتها توضح آمال نعوم المتطوعة في مركز تنمية المرأة أن المركز ساهم في دعمها نفسيا واقتصاديا واجتماعيا من خلال الدورات التعليمية المتنوعة بدءا من دورات الحاسوب إلى الطهي والتجميل والمشورات الصحية والنفسية والقانونية والاجتماعية داخل مراكز الإيواء والبازرات التي تستثمرها السيدات لعرض انتاجهن اليدوي مشيرة إلى أهمية مشروع القروض الصغيرة الذي يقدمه المركز لمساعدة السيدات على مزيد من الانتاج.
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد