تونس: مقتل 9عسكريين في هجوم عند الحدود والسلطة تلوّح باستفتاء شعبي
يبدو أنّ الحكومة التونسية حسمت أمورها بالأمس، ومن خلفها «حركة النهضة»، واضعة البلاد والمعارضة أمام واقع تحاول فرضه، وذلك حين خرج رئيس الحكومة علي العريض في ختام اجتماع وزاري استثنائي معلناً أنّ حكومته ستواصل عملها، مؤكداً في الوقت ذاته «الحرص على مواصلة المجلس التأسيسي لأعماله وإنهاء الإعداد للدستور». كما صرّح بشكل واضح أن حكومته مستعدة للدعوة إلى «استفتاء الشعب في الشارع».
وفي تطور لافت يدخل على الأزمة التونسية عنصراً جديداً، أعلن التلفزيون الرسمي، مساء، أن تسعة عسكريين قتلوا وأصيب أربعة آخرون خلال «تبادل لإطلاق النار مع مجموعة إرهابية» في جبل الشعانبي في ولاية القصرين عند الحدود مع الجزائر. وأوضح البيان أن رئاسة الجمهورية أعلنت الحداد ثلاثة أيام.
وجاء هذا البيان في وقت كان من المنتظر أن يعلن «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وهو أكبر تجمع نقابي في البلاد، بياناً يعلن فيه موقفه من تطورات الأزمة. وقبيل الاجتماع، الذي حضره عدد من فئات المعارضة، أبدى «الاتحاد» استعداده لـ«أداء دوره التاريخي دفاعا عن حق التونسيين في التظاهر والحريات في البلاد».
وقال الأمين العام لـ«الاتحاد» سامي طهري إن الاتحاد «سيؤدي دوره التاريخي للدفاع عن حق التونسيين في التظاهر وعن الحريات في البلاد»، مضيفاً أن الاتحاد «سيحدد موقفه من الأزمة في اجتماع للجنته الإدارية مقرر ليلا (ليل أمس) وسيتحمل دوره على غرار ما قام به في 14 كانون الثاني»، في إشارة إلى قرار الانضمام للحراك الذي أطاح بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
من جانبه، رفض رئيس الحكومة علي العريض، خلال مؤتمر صحافي خاطب خلاله الشعب التونسي، مطالب المعارضة باستقالة الحكومة وحل «المجلس التأسيسي» وتشكيل «حكومة انقاذ وطني»، مقترحاً إجراء انتخابات عامة في 17 كانون الأول المقبل، الذي يصادف الذكرى الثالثة لانتحار البائع المتجول محمد البوعزيزي.
وفي وقت وصف العريض الداعين لمواصلة التظاهرات والحركات الاحتجاجية لإسقاط الحكومة و«التأسيسي» بـ«المغامرين والأنانيين» وأنّ دعواتهم ستجر البلاد إلى «العنف والفوضى والعدم»، صرّح في كلام أقل ما يقال فيه أنه يحمل مضامين هي على حد كبير من الخطورة أنّ الحكومة مستعدة للدعوة إلى «استفتاء الشعب في الشارع لمعرفة من هو مع مواصلة المسار (الديموقراطي) وتسريع خطاه... ومن هو مع العودة إلى نقطة بداية مجهولة... وإذا وجب لن نتردد». وقال إنه يجب على الشعب التونسي أن يكون «متأهباً» لحماية «الثورة».
وأكد رئيس الحكومة أنّ «الحكومة ستواصل أداء واجبها... نحن لدينا واجب، وعندما نتحمل المسؤولية نتحملها حتى الآخر»، مضيفاً في الوقت ذاته أنّ حكومته «تفتح حواراً مع كل الأطراف المستعدة للحوار لزيادة فاعلية الأداء... واختزال وتسريع المرحلة الانتقالية»، مبرراً ذلك برفض «العودة إلى نقطة الصفر».
من جانبه، كان زعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي أعلن في وقت سابق في حديث صحافي أنّ حزبه «منفتح على كل المقترحات»، رافضاً في الوقت عينه حل «المجلس التأسيسي»، ما يشير إلى قبول «النهضة» بقيام مفاوضات تنحصر بإجراء تعديلات على الحكومة.
في سياق آخر، انتقدت جماعة «أنصار الشريعة» وزير الداخلية لطفي بن جدو ردا على اتّهامه إياها بالتورط في اغتيال المعارضين محمد البراهمي وشكري بلعيد. وقالت الجماعة في بيان، مخاطبة وزير الداخلية، «لقد أخطأت خطأ جسيما بإقحام أنصار الشريعة عند الإعلان عن المتورطين في جريمة اغتيال البراهمي ومن قبله القيادي اليساري بلعيد».
وطالب البيان بن جدو بـ«مصارحة الشعب بحقيقة قائمة الاغتيالات التي أعدت في مثل هذا الشهر من العام الماضي»، دون توضيح من أعد هذه القائمة. كما أشارت «أنصار الشريعة» إلى أنها «لا تزال تتحلى بالصبر في اتخاذ القرارات تجاه كل الأحداث التي تمرّ بها البلاد».
وفي تفاصيل احتجاجات الأمس، تظاهر عدد كبير من المناهضين للحكومة في مدينة سيدي بوزيد، مسقط رأس الشهيد محمد البراهمي، فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين ولمنع وقوع اشتباكات مع أنصار «النهضة».
وفي العاصمة وفي أنحاء مختلفة من البلاد، استمرت التظاهرات، التي وصفت بالمحدودة في ساعات النهار، المطالبة بإسقاط الحكومة وحل «المجلس التأسيسي» في مقابل تظاهرات مضادة مؤيدة لـ«حركة النهضة».
وفجر أمس، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لفصل أنصار للحكومة عن معارضين لها اعتصموا بالآلاف طوال الليل امام مقر «المجلس التأسيسي» الذي انتشر الجيش حوله، فيما دعت «جبهة الإنقاذ الوطني» إلى اعتصام «دائم» أمام «التأسيسي»، وذلك في وقت واصل أنصار «النهضة» تعبئة صفوفهم لتجمع جديد كان مقرراً مساء الأمس.
وفي وقت لاحق استخدم الجيش التونسي الأسلاك الشائكة لإغلاق ميدان باردو الذي يستخدمه المتظاهرون المؤيدون للحكومة والمعارضون لها في العاصمة وأعلنه «منطقة عسكرية مغلقة». وكان من المتوقع تنظيم مزيد من التظاهرات مساء سواء لأنصار الحكومة أو مناهضيها.
يذكر أنّ تدخل الشرطة أمام مقر «التأسيسي» أدى إلى إصابة النائب المنسحب نعمان الفهري بكسور بعد تعرضه لاعتداء من قبل قوات الأمن.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد