تكنولوجيا النانو تساعد في الحصول على مياه
يمثل العمل الشاق، والابتكار الفائق التقدّم، القوى الدافعة للمنتجات والخدمات الحديثة لتكنولوجيا الجزيئات المتناهية الصغَر (النانو تكنولوجيا)، وهو علم يبحث في الذرّات والجزيئات على امتداد خط يبدأ في مختبر الأبحاث وينتهي في مجموعة من التطبيقات المحسّنة.
ويجرى تطوير مواد وطلاءات وأغشية وتكنولوجيات أخرى بقياس متناهي الصغر لاستعمالها في صناعة الإلكترونيات وإنتاج الطاقة وخزنها وتكنولوجيا المعلومات والطب والصحّة، لكن لن تكون الصناعة أو المستهلكون، المستفيدين الوحيدين من هذه الخطوات.
وخلال مؤتمر «نانوتك» لأوروبا الشمالية الذي عُقد في أيلول (سبتمبر) الماضي في كوبنهاغن بحضور 800 مشترك من 44 بلداً، قامت مجموعة من صانعي السياسة والخبراء الدوليين بدراسة قدرة تكنولوجيا الجزيئات المتناهية الصغر على مساعدة 1.1 بليون نسمة لا يتوافر لهم إمكان الحصول على مياه نظيفة، و2.5 بليون نسمة، اي 42 في المئة من عدد سكان العالم، محرومين من مرافق الصحّة الأساسية، مثل الحمامات والمراحيض الآمنة.
وقال عالم الفيزياء في وزارة الخارجية الأميركية رئيس فريق العمل حول النانو تكنولوجيا في «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية» روبرت رودنتسكي: «كانت عملية تنقية المياه وتحليتها تتم طوال عقود وفق الطريقة المستعملة حالياً، وما نشاهده هو أن النانو تكنولوجيا من المحتمل أن تقود إلى تحسينات في الطرق الموجودة، وتخلق أساليب جديدة كلياً».
وكان فريق العمل حول النانو تكنولوجيا الراعي للجلسة المخصصة للمياه، خلال مؤتمر «نانوتك»، كجزء من مشروعه لاستغلال تكنولوجيا الجزيئات المتناهية الصغر من أجل مواجهة تحديات عالمية.
واستناداً إلى برنامج الرصد المشترك لتأمين المياه والصرف الصحّي الذي تنفذه منظمتا الصحّة العالمية و «يونيسيف»، يمكن عبر الممارسة الأفضل لإدارة أنظمة مياه الشرب والصرف الصحّي، مَنع الإصابة بالإسهال الذي تسبب عام 2004 بوفاة عدد من الناس أكبر مما سببه فيروس «نقص المناعة المكتسبة» (الإيدز).
وتتمثل إحدى الطرق التي تستطيع بها النانو تكنولوجيا خفض مشاكل المياه والصحّة العامة في تغيير كيفية توفير المياه النظيفة للذين هم في حاجة إليها. وأشار أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة «إيلينوي» مدير مركز المواد المتقدّمة لتنقية المياه بواسطة الأنظمة أو الشبكات الممول من «المؤسسة الأميركية القومية للعلوم»، مارك شانون، ان الدول المتقدمة تستخدم أنظمة أو شبكات كبيرة مركزية لجمع المياه ومعالجتها كيميائياً، وتوزيعها عبر آلاف الكيلومترات من أنابيب المياه إلى المنازل والشركات. وقال: «تتطلب الأنظمة المركزية رأس مال وطاقة كثيفين واستخدام مواد كيميائية مكثفة». إن خمسة أفراد من بين كل ستة في الدول النامية لا يستطيعون استعمال الأنظمة التي نستعملها حالياً، إذ لا يتوافر المال ولا الوقت لاستنساخ هذا النظام حول العالم.
وتستطيع تكنولوجيا الجزيئات المتناهية الصغر، أن تساهم في إنشاء أنظمة موزّعة أصغر حجماً تدمج موادَّ وأنظمة لإزالة الملوثات والكائنات المسبّبة للمرض، من ضمنها الفيروسات المتناهية الصغر، من دون استعمال مواد كيميائية. إذ من الصعب إزالة الفيروسات من مياه الشرب باستعمال الأساليب الحالية، حتى في الدول المتقدمة.
وتعمل حالياً تكنولوجيا الجزيئات المتناهية الصغر في قرى إقليمي أوبامبو وكادنغه (غرب كينيا)، حيث تحوّل مادة «سكاي هايدرانتس» التي طورتها شركة «سيمنز» الألمانية، رواسب الوحل البنّية اللون من السدّ المحلي إلى مياه شرب نظيفة. ويتألف جهاز الترشيح الفائق القوة، الذاتي التنظيف، من ثلاث خرطوشات كبيرة تحتوي كل واحدة على 10 آلاف أنبوب صغير، مصنوعة من أغشية رقيقة تمنع فتحاتها بقطر 100 نانومتر، مرور الأوساخ والجراثيم.
وهناك جهد آخر لتنقية مياه الشرب بواسطة الأشعة الشمسية، ممول من الاتحاد الأوروبي، لإظهار فعالية تنقية مياه الشرب بواسطة الأشعة الشمسية ضد مجموعة من الأمراض ذات الصلة بالإسهال كـ(الكوليرا) التي تنقلها المياه بين أفراد الأسرة الواحدة، وكإغاثة طارئة بعد الكوارث الطبيعية أو الكوارث الأخرى.
المصدر: الحياة نقلاً عن «نشرية واشنطن»
إضافة تعليق جديد