امرأة متعددة الوجوه
الجمل ـ ميس الكريدي:
من شبابيك العشوائيات تطل القصص ..ماعادت الملامح الموحدة التي تميز الحارات الشعبية وماعادت طقوس تنظيف الحارة ولا العرس الشعبي في ساحات ترابية . صارت أبنية مهترئة من لحظة قيامها وتضج بماهي محشوة فيه من ارتصاص بشري .
هل تضمحل الذاكرة ..وهل تلك الذاكرة تستحق نبشها وما اسم تلك الحقب التي ليست من التاريخ ولا الجغرافيا.
تلك المرأة التي تبكي في الشقة المقابلة في صمت في مبكّر هذا الصباح. أي نوع من الليالي قضت وهل أكتبها مسلسلا تلفزيونيا أفك به ضائقتي المالية ..فتصير حكايتها مفيدة بالضرورة حيث استفدت منها أنا أولا . ترى هل حاولت أن تسرق لحظة حب من زوجها في ليلتها وعاملها ببرود..
تبكي النساء كثيرا فقدا للحب وانتظارا له ..ونحن النساء الكاتبات نتوقف كثيرا عند مظلوميتنا الجسدية ونظن أننا كل النساء ونفشل في تضميد جراح المجتمع لأننا ننسلخ عنه ونسكن في قرية من نسج خيالنا فنتازيا متداخلة السيكيولوجيا.،
وتلك المرأة الباكية . ربما كانت من النسوة اللواتي ارتدين القدر اللاهوتي أثواب الأمهات الفضفاضة وانصرفن للأمومة .. وتركت جسدها يرتاح متهدلا ليصير كتلا شحمية تغوص كل النهايات العصبية تحت اللحم الآدمي وماعاد استنطاقها المؤنث ممكنا . ربما بكت من خلاف مع زوجته الثانية فهذا المنزل متعدد الوجوه وقد يكون صندوقا مغلقا على زوجتين ..وربما تكون النسوة الباقيات أم الزوج وأخته ويكون الخلاف على سرقة الثياب الداخلية مثل قصة نبيلة عبيد في فيلم حارة برجوان
تستثار أصابعي للكتابة بشكل مرهق ..فلا أتقن النوم ولا أتمكن من امتحان روحي في العشق
ومازلت أتفكر في الحكايات التي يمكن أن تبصق امرأة في استقبال الفجر خارج فراشها ..وبرفقة دمعة ..هل هي حيلة لاستدرار عاطفة شحيحة ؟!!
وماذا لو كانت تبكي بسبب أخبار عن ابنها في الجيش أو أن تكون اشتاقته أو افتقدته .. أو غادرها إلى العالم الآخر ..من سنة أو أكثر واليوم ذكراه السنوية ..وماذا لو كان ابنها مع المسلحين ومات ..وتبكي في عتمة الصمت حتى لا يكتشف أحد أنهاكانت على اتصال معه ...
تلك المرأة المكومة على كرسي تتوارى من عيون الصباح قد تكون ألف ألف قصة ..
إضافة تعليق جديد