اليمن: مجازر متنقلة تحصد العشرات... والقبائل متمترسة في نجران وعسير

13-05-2015

اليمن: مجازر متنقلة تحصد العشرات... والقبائل متمترسة في نجران وعسير

حتى حلول موعد بدء الهدنة المفترضة، واصل العدوان شنّ غاراته على المحافظات اليمنية، مصعّداً من نوعية الاسلحة المستخدمة ومن المواقع المستهدفة، حيث أصبح العدوان الذي استنفد أهدافه العسكرية كما يبدو، يركز على ضرب المواقع التاريخية والسكنية بصورةٍ خاصة، وذلك بالتزامن مع مواصلة الجيش ومقاتلي القبائل السيطرة على مواقع في محافظتي نجران وجيزان الحدوديتين، كانوا قد أسقطوها خلال الأيام الماضية.

وفي وقتٍ أعلن فيه الجيش و«اللجان الشعبية» السيطرة على مديرية المسيمير (أحد معاقل «القاعدة») في محافظة لحج (جنوب) بالكامل، يواصل مقاتلو القبائل اليمنية السيطرة على المواقع التي أسقطوها في محافظتي نجران وجيزان، بحسب مصادر قبلية وعسكرية أكدت  أن مواقع عسكرية في منطقة جيزان تعرضت لقصفٍ كثيف، في وقتٍ لا تزال فيه خدمات الاتصالات والإنترنت مقطوعة عن نجران والمناطق الجنوبية للمملكة بالكامل. وكانت مصادر محلية في منطقة ظهران في نجران، قد أكدت أنباء قصف شركة «أرامكو» النفطية أول من أمس، مفيدةً بأن القصف سبب حالة نزوح كثيفة من هذه المنطقة.
في هذا الصدد، أكد عضو «اللجنة الثورية العليا» التابعة لـ«أنصار الله»، محمد المقالح أن الحرب «لم تعد على اليمنيين وحدهم كما كانت في أسابيعها الأولى»، مضيفاً عبر موقع «فايسبوك» أن الجيش والأمن السعودي «مشغولان اليوم بالبحث عن العشرات من مطلقي الصواريخ والمدفعية على مواقعه العسكرية والأمنية من داخل الحدود لا من خارجها»، في إشارةٍ إلى العمليات التي يشنها يمنيون من داخل الاراضي السعودية بعدما تمكنوا من السيطرة على مواقع عسكرية هناك. ويعتقد المقالح أن الجيش السعودي بات عاجزاً اليوم عن إخراج المقاتلين اليمنيين الذين يسيطرون على المواقع العسكرية في كل من جيزان ونجران رغم المحاولات العديدة لقواته التي خسرت الكثير من أفرادها ومعداتها في هذه الجبهات.
واستهدف طيران التحالف مناطق في صعدة وحجة الحدوديتين. وقالت مصادر إن عشرات الشهداء والجرحى سقطوا عصر أمس، في مدينة عبس الساحلية في حجة جراء استهداف الطيران السعودي للمستشفى والسجن هناك، وأكدت إحصائيه أولية لضحايا استهداف سجن عبس والمباني السكنية المحيطة به أن ثلاثين شهيداً سقطوا وعشرات الجرحى، وكلهم من المدنيين. كذلك، استُهدفت منازل ومنشآت حكومية أهمها المجمع الحكومي والمركز الثقافي، مع استهدف طيران العدوان السعودي جسراً يصل بين مديريتي عبس وشفر على الخط الدولي الواصل بين السعودية والحُديدة. وفيما أكدت مصادر طبية أن إجمالي شهداء الغارات على مناطق حجة وصلت الى 40 شهيداً كعدد أولي في كل مناطق القصف، فإن غارة جديدة لم تخلّف ضحايا شنت على منطقة المزرق حيث كان يقع مخيم النازحين الذي استهدفه العدوان في أيامه الأولى موقعاً مجزرة. أما في صعدة التي أصبحت شبه خالية من الحياة، فقد شنت طائرات العدوان غارة على سوق العند، وغارات أخرى على صعدة المدينة ومناطق حيدان ومران وساقين والحصامة ورازخ وباقم وكتاف، بينها قنابل عنقودية سقطت على منطقة القمع في كتاف. وخلفت هذه الغارات شهداء وجرحى، تعذر معرفة عددهم الحقيقي لصعوبة الاتصال بالمناطق المتضررة، بالإضافة إلى تعرض مناطق حدودية في صعدة قصفاً مدفعياً وصاروخياً من الجهة السعودية.
ونالت مدينة زبيد التاريخية في محافظة الحديدة حصتها من المجازر السعودية المتنقلة في اليمن، حيث استهدف العدوان أحد الاسواق الشعبية في المدينة، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى، بالتزامن مع تجدد القصف على قلعة القاهرة والأحياء المجاورة لها في تعز، ما أوقع أكثر من ثلاثين شهيداً. وفي تعز أيضاً، وفي وقتٍ تحدثت فيه وسائل إعلام عن قصف الجيش و«اللجان الشعبية»، كانت غارات التحالف قد استهدفت أحد معاقل ميليشيات حزب «الاصلاح» من طريق الخطأ كما يبدو.
إلى ذلك، لا تزال صنعاء تلملم أشلاء ضحايا مجزرة جبل نقم أول من أمس، التي أدت بحسب وزارة الصحة إلى سقوط نحو 90 شهيداً و300 جريح على الأقل، جراء القاء قنبلتين فراغيتين. وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد أصدرت تقريراً جديداً خاصاً باليمن تتهم فيه النظام السعودي وشركاءه بـ«إبادة الشعب اليمني جماعياً ومنع وصول أي مواد إغاثية أو طبية أو نفطيه إليه عمداً لإبادته عرقياً».
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية في شبوة إن الجيش واللجان تمكنوا من تفكيك عبوة ناسفة في مدينة عتق، بالتزامن مع هدوء نسبي في عدن خرقه سماع دوي انفجارات عنيفة جراء غارات سعودية على منطقة التواهي التي جرت السيطرة عليها قبل أيام.

علي جاحز

المصدر: الأخبار

 

اتصالات كيري وظريف مستمرة... ولا مبادرات جديّة للحل
سلاح كاسر للتوازن بيد «أنصار الله» و«غضب القبائل» بوجه جديد
منذ ظهور المؤشرات على حصول توافق إيراني ـ أميركي ـ أوروبي حول الملف النووي، قرر آل سعود شنّ عدوانهم المجرم على اليمن. سلسلة من الاهداف، بينها، وليس أهمها، البعث برسالة احتجاج قوية الى الولايات المتحدة. واشنطن لم تكن لتقدر على منع العدوان، وهي أصلاً صاحبة مصلحة فيه، لكن ربما كانت تفضله بتوقيت آخر وبآليات مختلفة وبأهداف أخرى أيضاً.
خلال الايام التي فصلت عن إعلان التفاهم الاولي بين طهران والغرب، حاول الجانبان الاميركي والايراني عدم الانصات الى الاصوات الآتية من شمال وجنوب الجزيرة العربية. لكل أسبابه. أميركا لا تريد وضعه بنداً يستغله المتشددون لإفشال المفاوضات الرئيسية، وإيران لا تريد الدخول في بحث أي عنوان قبل التفاهم النووي.

كان الجميع في الغرب يعتقد أنه بهذه السياسة إنما يمنح النظام السعودي الوقت لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية. لكن سرعان ما ظهرت الامور على عكس ذلك. ولم تمض على عودة الوفد الايراني الى طهران أيام قليلة، حتى تصدت طهران لمواجهة العدوان ولمواجهة احتمالاته كافة. وارتفع الصوت على المنابر، وحشدت الاساطيل في البحر، فكان أول اختراق أميركي ـ إيراني دبلوماسي تمثل في ساعات الاتصالات الطويلة بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والايراني محمد جواد ظريف، والتي انتهت الى إعلان الرياض وقف «عاصفة الحزم».يعتقد آل سعود أن ما
يقومون به براً وبحراً وجواً يمكن أن يشكل حصاراً مطلقاً وتاماً
لكن، لا الولايات المتحدة ولا إيران كانتا في وارد التصديق أن العدوان توقف. وعلى الارض، واصل «أنصار الله» ومن معهم في الجيش والقوى الشعبية استراتيجية السيطرة على الارض، وتحمل الضربات دون رد مباشر على المعتدي. وهو ما سمح بتحقيق نتائج كبيرة أفشلت خطة آل سعود لاحتلال جزء من أراضي اليمن، ودفعتهم الى مزيد من الجنون، قبل أن تصل الامور الى مرحلة جديدة، عندما قرر آل سعود الانتقال مباشرة الى الضرب المباشر للمدنيين وارتكاب المجازر بطريقة أكثر وحشية من فعل الصهاينة.
في هذا الوقت، قرر «أنصار الله» اعتماد استراتيجية جديدة. استكملوا مع الجيش السيطرة على عدن ومحاصرة مأرب والاحتفاظ بالممرات الآمنة الى الجنوب في تعز، وبدأوا في المقابل الإعداد لعمليات عبر الحدود تحت عنوان «غضب القبائل».
وهذه السياسة لها طريقتها، ولها آليات العمل الخاصة بها، ولها أهدافها، وكان الاساس إعطاء الاشارة الى آل سعود أنفسهم، والى الغرب من خلفهم، بأن سياسة الصبر ليست مفتوحة. ثم كانوا يعمدون الى تنفيس غضب قواعدهم المطالبة بردود قاسية، من خلال ضربات موجعة لكل جنود آل سعود المنتشرين على طول الحدود، وتوجيه رسائل صاروخية الى المناطق المأهولة بالسكان وبالمنشآت الحيوية.
وفي الوقت الذي ردّ آل سعود بمزيد من الجرائم، كان على الغرب التحرك أكثر. هذه المرة، لجأ الاميركيون الى الضغط المباشر من خلال عنوان «الآثار الانسانية» الكبيرة، التي لم يعد بإمكان العالم الصمت عليها. وكان من نتائجها تعزيز موقف الجيش الباكستاني الرافض للدخول في الحرب، وكانت هناك خطوة أخرى ظلت بعيدة عن التداول، وتتمثل في قرار ماليزي مبدئي بالمشاركة في القوات البرية، لكنه موقف عاد الى مربع التمهل والنقاش، في ضوء ما يحصل على الارض، سواء لجهة خسائر الجيش السعودي في الميدان، أو لناحية الجرائم الكبيرة التي ترتكب ضد المدنيين، إضافة الى تحذير استخباري غربي من أن الذي يريد التحرك على الارض في اليمن عليه «التعاون مع القاعدة».

سلاح كاسر للتوازن

يعتقد آل سعود أن ما يقومون به براً وبحراً وجواً، يمكن أن يشكل حصاراً مطلقاً وتاماً على «أنصار الله» وعلى الجيش اليمني. هم يرفضون الأخذ بتجارب الآخرين، ولذلك، لم يكن بمقدورهم توقع أن يصل الى يد أنصار الله السلاح الكاسر للتوازن، والمتمثل في أمرين:
الاول، سلاح يهدد طائرات آل سعود وحلفائهم، وكانت الباكورة في إسقاط الطائرة المغربية.
الثاني، صواريخ أرض ـ أرض من مديات مختلفة قادرة على تحقيق إصابات مدمرة في البنى التحتية العسكرية والمدنية والنفطية لآل سعود.
وأيضاً هناك دعم سياسي مفتوح، من خلال رفض ممارسة أي نوع من الضغوط عليه، جراء الاتصالات التي يقوم به وسطاء كثر.
وفي هذا السياق، علم أن كيري لم يتوقف عن التواصل مع نظيره الايراني، حتى خلال الايام التي سبقت وتلت زيارته للرياض. وكان الهم الاميركي الحصول على دعم إيراني لمشروع الهدنة الانسانية المقترح، وهو ما حصل عليه الجميع بإعلان «أنصار الله»، ومن ثم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ترحيبهما بالهدنة، مع العلم بأنه تم إيجاد آلية تعفي الجميع من الإحراج، من خلال تكليف منظمات إنسانية محلية ودولية مهمة الاشراف على تسلم المساعدات وتوزيعها في اليمن. وهو في حد ذاته لا يمثل حرجاً لأنصار الله، بينما مثل خيبة لآل سعود الذين اعتقدوا أنه بمقدورهم إدخال أنصارهم الى اليمن برفقة المساعدات.

لا مبادرات والتصعيد أخطر

لكنّ الهدنة الانسانية ليست مضمونة الاستمرار حتى لخمسة أيام، وإن كان الجميع يرحب بها. لكن مشكلة آل سعود هي في أن الولايات المتحدة ودولاً غربية ترغب في جعلها هدنة مفتوحة لوقت طويل، على أمل إنتاج مبادرة سياسية تتيح إطلاق الحوار اليمني ـ اليمني قريباً، بما يقود الى وقف العدوان وإيجاد حل لا تكون السعودية فيه الطرف الخاسر. لكن الازمة تكمن في أنه لا وجود لمبادرة مقبولة من الجميع. وما بين يدي المبعوث الدولي الجديد الذي بدأ أمس اتصالاته في صنعاء، لا يعدو كونه نسخة عن الاوراق التي تركها له المبعوث السابق، وهو ما ترفضه السعودية. وبحسب المعطيات، فإن الولايات المتحدة التي ترغب في التوصل الى حل، لا تمسك بأي ورقة يمكن أن تبيعها لإيران أو لـ»أنصار الله». في المقابل، لا يجد «أنصار الله»، ولا إيران، ما يوجب إعطاء آل سعود بالسياسة ما فشلوا في أخذه بالحرب. وهذا وحده يشكل السبب الكافي لعدم توقّع حلول سريعة. بل على العكس، فإن الخشية عند جميع الاطراف، وخصوصاً عند الاميركيين، من أن يعمد آل سعود الى تفجير الوضع، بحجة أو من دونها، ويكفي لهم رفض إقامة «أنصار الله» لحاجز في عدن أو أن يطلق مقاتل يمني النار على دجاجة على الحدود، حتى يطلقوا العنان من جديد لطائراتهم.
لكن، في حال قرر آل سعود العودة بالأوضاع الى ما كانت عليه قبل سريان الهدنة، فهذا لا يعني أن الطرف الآخر سوف يعود أيضاً الى ما كانت عليه الاوضاع. وسياسية «غضب القبائل» لها أشكالها التي تجعلها تتدحرج صوب عملية ثأر كبيرة سوف تدفع آل سعود الى الجنون، لكنها عملية تقول إن ما مرّ قد مرّ، وإن ما هو قادم له اسم جديد...
هل تقدر أميركا على لجم آل سعود، أم سوف تكبر كرة النار؟

إبراهيم الأمين- الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...