المؤتمر الدولي للمياه» في اسطنبول: قمة عالمية مصغّرة وأزمات كبيرة
دعا الرئيس التركي عبدالله غل دول العالم الى اهتمام اكبر بالتشريعات الخاصة بالمياه عموماً ومياه الشرب خصوصاً وحذر من تحول تركيا الى دولة فقيرة بالمياه بحلول العام المقبل إذا لم تتخذ بلاده تدابير للحيلولة دون ذلك، واضعاً نهاية للحديث عن كون تركيا دولة غنية بالمياه.
جاء ذلك في كلمة غل في افتتاح المؤتمر الدولي الخامس للمياه، علماً أن الحديث عن شح المياه في تركيا تحول الى سياسة رسمية بدأها الرئيس السابق سليمان ديميريل في مواجهة المطالب العربية المتزايدة خصوصاً من سورية والعراق، بحصص اكبر من مياه نهري دجلة والفرات.
و شهد افتتاح المؤتمر الدولي للمياه الذي يستمر من 16 الى 23 من الشهر الجاري حضوراً مكثفاً جمع اكثر من 20 ألف مشارك بين سياسي وخبير في شؤون المياه، يمثلون 140 دولة، وعقدت على هامش الافتتاح قمة دولية مصغرة حضرها رؤساء تركيا والعراق وقرغيزيا وطاجيكستان وولي عهد كل من اليابان وهولندا، وينتظر انضمام عدد من رؤساء دول العالم للمؤتمر خلال الأيام المقبلة.
و يرفع المؤتمر هذا العام شعار (المياه حيث تذوب الخلافات) ويبحث في شكل رئيس في مشكلة الانحباس الحراري وتداعياتها، وزيادة الطلب على المياه الصالحة للشرب، وتلوث المياه الجوفية، والإسراف في عمليات الري الزراعي وأساليب الري الخاطئ، إضافة الى الاستثمار في المياه. ويُتوقع أن يصدر المؤتمر بياناً ختامياً غير ملزم للدول المشاركة، لكنه قد يشكل سنداً او ركيزة للتشريعات الدولية القادمة في شأن مستقبل المياه.
و تبحث لجان المؤتمر لمدة خمسة أيام سبل الاستثمار في المياه وجعله وسيلة للقاء الشعوب والمصالح وتجنب سيناريوات حروب المياه، لكن مؤسسات مجتمع مدني تركية وعالمية تخشى من أن يؤسس المؤتمر لإطلاق مشروعية لتجارة المياه الدولية، وتحديداً ما يتعلق بمياه الأنهار، خصوصاً أن لتركيا تجربة في هذا المجال اذ كانت عرضت مياه أنهارها التي تصب في البحر الأبيض المتوسط للبيع الى إسرائيل والدول العربية، لكن تلك المشاريع فشلت بسبب الفشل في إيجاد آلية لتوصيل تلك المياه وارتفاع سعر المياه المنقولة والمخزنة.
و في هذا الإطار خرجت جمعيات بيئية في تظاهرات قرب مقر عقد المؤتمر في اسطنبول، ورفعت شعارات مثل «لا لبناء المزيد من السدود» و «المياه حياة وليست سلعة للبيع». ويعتبر المؤتمر الدولي للمياه اضخم تجمع يعنى بمشاكل المياه ومستقبلها. ويصب المؤتمر اهتمامه هذا العام على الإعداد لتشريعات دولية وحكومية للحفاظ على المياه الصالحة للشرب ومكافحة تداعيات ظاهرة الانحباس الحراري. ويشدد المشاركون على ان هذا الأمر يستدعي تعاوناً دولياً ويتطلب تشريعات دولية، لكن الخلاف بين الدول على حصصها في مياه الأنهار والبحيرات المشتركة لا يزال يحول دون ذلك، إضافة الى اتباع أساليب ري خاطئة تؤدي الى زيادة ملوحة التربة وهدر كميات كبيرة من المياه.
ويناقش المؤتمر الأساليب العلمية للتعامل مع مشاكل المياه، خصوصاً ما يتعلق بالسدود التي أصبحت متهمة بهدر مخزونات المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة عالمياً في الفترة الأخيرة، إذ تتبخر مياه بحيرات السدود في شكل أسرع واكبر من مياه الأنهار الجارية.
وستوزّع خلال المؤتمر جوائز للشخصيات والمؤسسات التي تعنى بالمياه، وكذلك جائزة رمزية لأفضل فيلم يتناول المياه ومشاكلها في العالم. وتشير الأرقام الرسمية في تركيا الى تراجع مخزونها المائي الصالح للشرب الى 112 بليون متر مكعب، ما يعني انخفاض حصة الفرد في تركيا من المياه الى 1652 متراً مكعباً سنوياً العام المقبل، وهو ما قد يجعل تركيا تنضم الى قائمة الدول الفقيرة بالمياه.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد