الصحف الالكترونية العربية نسخ صماء للوسيط الورقي
قارنت دراسة حديثة للدكتور خالد الفرم، نائب رئيس تحرير صحيفة «عكاظ»، عن الصحافة الإلكترونية وتطبيقاتها، بين التجارب العربية والأميركية في هذا المجال. وأشارت الى أن المواقع الإلكترونية للصحف العربية تشبه النُسخ الصم من الأصل الورقي.
وأوضحت الدراسة تفوق المواقع الإلكترونية للصحف الأميركية على نظيراتها العربية في درجة تحديث المواد، وحجم التحديث ومستواه، ونوع المواد السمعية - البصرية المستخدمة فيها وغيرها. وكذلك نوّهت بحقيقة أن معظم الصحف الإلكترونية العربية ما زالت في المرحلة الأولى من تجربتها. ورأت أن المرحلة الثانية من هذه التجربة تتمحور حول إعادة إنتاج بعض النصوص وفق خصائص النشر الإلكتروني، فيما تتركز المرحلة الثالثة حول إنتاج محتوى خاص بالصحافة الإلكترونية، واستثمار الخصائص الفنية للصحافة الإلكترونية في شكل كبير.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى أهمية الاختصار والتكثيف والربط الرقمي التشعبي، على طريقة النص الفائق الترابط، في الكتابة الإلكترونية. وأوردت أن طول القصة الخبرية في الصحافة الإلكترونية يفترض إلا يتجاوز 24 سطراً على شاشة العرض، ومتوسط الامتداد يفترض إلا يتجاوز 500 كلمة. ودعت الى استخدام الوسائط الإعلامية المتعددة (ميلتي ميديا) في القصص الطويلة. كما اعتبرت أن درجة التباين اللوني تسهل من سرعة القراءة والقدرة على التركيز، إذ لا تزال الشاشة اقل جاذبية للقراءة من الورق. وشدّدت أيضاً على أن سرعة القراءة على الشاشة أقل من سرعة القراءة التقليدية بنسبة تصل إلى 25 في المئة.
وكذلك بيّنت أن التحرير الإلكتروني يعتمد على الاختصار والدقة والسرعة، إضافة الى القدرة على استعمال مزايا الكتابة الرقمية مثل صنع الوصلات Links التي تربط الموضوع بمجموعة من المواد التي تدعمه.
وتناولت الدراسة مسألة التداخل بين الصحافتين الإلكترونية والشبكية. وبيّنت أن صحافة الإنترنت قد تستعمل أساليب تقليدية في إنتاج المواد الصحافية مثل الحوار وكتابة التقارير والأعمدة الصحافية ثم تبثها الكترونياً عبر الشبكة. وبقول آخر، فإنها تجمع أساليب العمل في الوسائط الصحافية الورقية والإلكترونية معاً. وخلصت الدراسة الى القول في هذا السياق إن إطلاق لفظ الصحافة الإلكترونية على صحافة الإنترنت هو أمر غير دقيق من حيث الشكل والوصف العام، لأن الأولى هي كيان قائم بذاته، يرتكز الى المعالجة المعلوماتية للمحتوى الصحافي. وأوضحت الدراسة أن الصحف الإلكترونية تنقسم إلى ثلاث فئات أساسية وفقاً لأسلوب إنتاج المحتوى الخاص بها. تضم الفئة الأولى الصحف الإلكترونية التي تعيد إنتاج محتوى الإصدار التقليدي. وتتكوّن الفئة الثانية من تلك التي تنتج محتوى مخصصاً للنشر الفوري، وتدعم النصوص بوصلات وإمكانات تفاعلية.
وتتسم الفئة الثالثة من الصحف الإلكترونية بكون المحتوى ينتج خصيصاً للنشر الفوري معتمداً على الخصائص المميزة للشبكة العنكبوتية.
وأكدت الدراسة أن معظم الصحف الإلكترونية العربية هي نسخ صماء للصحف الورقية، وتتسم بالجمود وبطء التحديث، والاقتصار على النصوص. وكذلك تغيب عنها المواد السمعية البصرية، والخدمات التفاعلية التي تميز الإعلام الفوري. وأشارت إلى أن سيطرة التقنيين وليس الإعلاميين على إدارة محتوى الصحف الإلكترونية، وتكليف المؤسسات التقنية وليس الإعلامية مهمة إنشائها، حدّا من فاعليتها. واعتبرت تلك المواقع تجسيداً للجيل الأول عربياً من الصحافة الإلكترونية.
وتشير الدراسة إلى تحديات تواجهها المؤسسات الإعلامية في تبني مفهوم الصحافة الإلكترونية، إذ تحتاج تلك المؤسسات إلى إجراء تحولات تنظيمية وثقافية في آليات الممارسة الصحافية والأعراف التقليدية السائدة فيها، والتي لم تعد تتناسب ومتطلبات بيئة الاتصال الفوري. كما مالت الى القول إن الاستفادة من مزايا الصحافة الإلكترونية تتطلب أحياناً إجراء تغييرات هيكلية في نظام العمل داخل المؤسسات الصحافية.
وتناول الباحث معايير تقويم الصحف الإلكترونية، التي تشمل درجة تحديث المعلومات، ومدى التشعب في خيارات المحتوى، ومدى الاستجابة للمستخدم، ودرجة سهولة إضافة المعلومات، ومدى تسهيل الاتصال الشخصي مع المعلومات وغيرها. ويعني ذلك أن الممارسة المهنية في بيئة الصحافة الإلكترونية ألغت المفاهيم التقليدية للصحافة المطبوعة، وغيرت من ثقافة العمل الصحافي مثل مفهوم وقت الطبع، إذ أن الصحيفة الإلكترونية غير مقيدة بأوقات الإعداد والطبع والتوزيع، وباعتبار أن الفورية تميّز ثقافتها وصناعتها.
وكذلك قسّمت الصحافة الإلكترونية، من حيث جهة الإصدار، إلى نوعين رئيسين. ويشمل أولهما صحافة الأفراد التي نمت خارج المؤسسات الإعلامية، وبرزت على شكل صحف تعددت أسماؤها، ولم تتبلور خصائصها في شكل كامل. وتصدر الثانية من المؤسسات الإعلامية التي تتميز بوجود أُطر وهياكل قانونية وأنظمة تحريرية وفنية.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد