الصحف الأمريكية تحمل على خطة بوش

13-01-2007

الصحف الأمريكية تحمل على خطة بوش

تراوحت التعليقات في الصحف الأميركية على خطة جورج بوش الجديدة حول الوضع في العراق، بين تحليل خطاب الرئيس الأميركي، والإضاءة على حالة الانقسام التي تشهدها الحياة السياسية في الولايات المتحدة على خلفية الموقف من الحرب.
أبرز تلك التعليقات جاء في مقالة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» لمستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض زبغنيو برجنسكي تحت عنوان «خمس نقاط ضعف في خطة الرئيس»، اعتبر فيها أنّ الخطة بالرغم من أنها «قدمت تحليلاً واقعياً للوضع العراقي»، لجهة الاعتراف بالفشل، إلا أنها تضمنت «تهرباً من المسؤولية لجهة تبنيها فرضية المسؤولية الشخصية».
وفيما أشار برجنسكي إلى أنّ خطاب بوش جاء خالياً من عقدة «الرهاب الإسلامي»، مقارنة بخطاباته السابقة، لفت إلى انه تبنى وجهة ديماغوجية لجهة تصوير الدور الأميركي في العراق على أنه «صراع يهدف إلى حماية الديموقراطية الناشئة ضد المتشددين».
ولفت برجنسكي إلى أن التعهد بإرسال المزيد من الجنود إلى العراق يشكل «تحايلاً سياسياً بتكتيك محدود وغياب للمكاسب الاستراتيجية»، مشدداً على أنه «غير كاف لكسب الحرب، وسيورط الجيش الأميركي في حرب شوارع دموية».
ولاحظ برجنسكي أن الخطة لم تضع أسساً «من أجل تطوير إطار عمل للحل السياسي»، خصوصاً لجهة رفض الحوار مع سوريا وإيران، مضيفاً أنّ خطاب بوش تجاوزه الزمن كونه أظهر أنّ «أميركا تعمل كقوة استعمارية في العراق، في حين أنّ عصر الاستعمار قد انتهى».
وفي مقال لصحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «خطة بوش بين السطور»، اعتبر المحلل انطوني كوردزمان أنّ «قراءة شاملة لخطاب بوش تثير العديد من التساؤلات التي لم يُجبْ عليها»، مشيراً إلى أنّ الرئيس الأميركي بتأكيده أنّ الحرب في العراق تحدّد وجهة الحرب الشاملة على الإرهاب، تجاهل «استمرار الهجمات من قبل متمردي حركة طالبان في أفغانستان والفشل في قمع تنظيم القاعدة عالمياً».
وفي ما يتعلق بالحملة الدبلوماسية التي اقترحها بوش في خطابه بهدف كسب دعم الدول العربية لسياسته في العراق، استغرب كوردزمان عدم الحديث عن «مبادرات لإعادة إحياء عملية السلام بين العرب وإسرائيل»، مضيفاً أنّ موقف بوش «المتشدد» ضد إيران وسوريا «من شأنه أن يعزز التقارب بين هاتين الدولتين».
أما صحيفة «واشنطن بوست» فتساءلت «لماذا لا يعطي بوش فرصة لدبلوماسييه؟»، معتبرة أنّ زيارة رايس الى المنطقة تبدو استعراضية، خصوصاً أنّ استبعاد سوريا وإيران، الجارتان الأقرب إلى العراق، عن الجولة يثير الشكوك في إمكانية تحقيق أي تقدم على المستوى الدبلوماسي.
وتابعت الصحيفة أن خطاب بوش أعطى أولوية للعمل العسكري على حساب العمل الدبلوماسي، في وقت يقول فيه وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر إنّ «الدبلوماسية تقتضي محاورة الأعداء والأصدقاء على حد سواء»، لافتة إلى أنّه «بالإمكان مواصلة الجهود الدبلوماسية مع الأعداء بالتزامن مع استمرار العقوبات، وتستطيع سوريا وإيران تقبّل ذلك».
أمّا المعلّق السياسي في الصحيفة ذاتها اوجين روبنسون فاعتبر أنّ استراتيجية بوش «لا تعدو كونها تغييراً متواضعاً في التكتيك، من شأنه أن يغرق الجنود الأميركيين في حرب شوارع يمتلك فيها المتمردون دائماً زمام المبادرة»، متوقعاً أن تكون «معركة بغداد صورة أضخم عن معركة الفلوجة».
وحول مسألة «التعامل مع إيران وسوريا»، اشار روبنسون إلى أن الرئيس الأميركي «لم يقصد طبعاً التعامل معهما من خلال الدبلوماسية»، كما أوصت لجنة بيكر ـ هاملتون، مضيفاً أنّ بوش، الذي وصفه بـ«المتهور»، «قرر منذ زمن طويل أنّ التعاطي مع الأنظمة التي لا يحبها يوازي معاقبة الأشخاص السيئين على سلوكهم السيء».
وفيما أعرب روبنسون عن اعتقاده بأنّ مغامرة عسكرية جديدة في إيران تبدو أمراً مستبعداً، نظراً للعراقيل التي يضعها الكونغرس أمام بوش، دعا إلى توخي الحذر من «رئيس يتحدث كثيراً عن حكم التاريخ وعن الرؤية الإلهية»، في إشارة إلى تبريرات بوش الدينية لشن الحروب.
من جهته أكّد المحلل ديفيد اغناسيوس في مقالة نشرتها «واشنطن بوست» أنّ خطة بوش الجديدة لن تسعف الرئيس الأميركي سياسياً في صراعه ضد الديموقراطيين، خصوصاً أنّ نتائجها على المستوى العسكري «ما زالت غير معلومة»، مضيفاً أنها بدت على المستوى السياسي كما وأنها «ولدت ميتة». وتابع اغناسيوس «لقد خسر (بوش) مجلسي الشيوخ والنواب، كما خسر الرأي العام المساند للحرب، وها هو اليوم يربط رئاسته بحصان جامح».
بدورها، اعتبرت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» أنّه في الوقت الذي ارسل فيه بوش «رسالة أمل» إلى الملايين من العرب والأفغان، فإنّ ما يجري في الشرق الأوسط يظهر أنّ هناك «فجوة وقطعاً بين الوعود الأميركية والواقع الدموي والمضطرب»، موضحة أنّ «الوجود الأميركي في العراق بدلاً من أن يفضي إلى تقدّم سياسي، سمّم الأجواء بشكل عميق، بحيث بات الناشطون العلمانيون صامتين خوفاً من اتهامهم بأنهم عملاء للأميركيين».
وتناولت التعليقات التي تضمنتها الصحيفة عرضاً لحالة الانقسام داخل الولايات المتحدة بين بوش والديموقراطيين، حيث كتب يوهان غولدبرغ أنّ «الأميركيين يتنازعهم موقفان من حرب العراق، الأول يريد انتصاراً، والثاني يريد مجرّد إنهاء الحرب». وتابع غولدبرغ أنّ الرئيس الأميركي تبنى في خطابه الموقف الأول، الذي يعبّر عن وجهة نظر المحافظين.
أما الباحث الجمهوري فرانك لونتز فانتقد موقف المعارضة الديموقراطية من الخطاب، واعتبر في مقالة نشرتها الصحيفة بعنوان «لغة زمن الحروب»، أنه في «زمن الحرب، من حق الأميركيين أن ينتظروا خطاباً رئاسياً مباشراً في لغته، سواء تضمن أخباراً جيدة أم سيئة، وحزباً معارضاً يستخدم الكلمة لتوحيد البلاد وشرح الموقف وليس الانقسام والهجوم».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...