الصحـافـة فـي مـصـر صــارت «جـريمــة»

16-10-2012

الصحـافـة فـي مـصـر صــارت «جـريمــة»

«عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية». حملت ثورة «25 يناير» هذا الشعار في كلّ أزقة مصر وشوارعها. لكنّ شعار حريّة، لم يتحقّق حتى الآن، بحسب تقارير حقوقيّة. فالصحافة تواجه تحديات كبيرة والصحافيون يتعرضون لمشاكل لا تتوقف، تبدأ بحربهم من أجل دستور يحمي حرية الصحافة، مروراً بتعرّض العديد منهم لاتهامات بإهانة الرئيس وصولاً إلى إقفال ومنع صحف وقنوات فضائية.
الصدام بين الصحافيين والنظام الجديد بدأ قبل أن يصل الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم. ويعود ذلك إلى آذار الماضي، حين وصف المرشد العام لجماعة «الإخوان الدكتور محمد بديع، وسائل الإعلام والإعلاميين بـ«سحرة فرعون» الذين جمعهم فرعون لسِحر الناس وبث الرعب والرهبة في قلوبهم من دعوة موسى عليه السلام». وبعد تصريحات بديع، راح «الإخوان» يرفعون قضايا ضدّ صحافيين ووسائل إعلام. وتمَّ توثيق ذلك في تقرير أصدرته مؤسسة «حرية الفكر والتعبير» مؤخراً، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية. ويوثّق التقرير الانتهاكات التي يتعرّض لها العاملون في مجال الصحافة والإعلام منذ أن أضحى مرسي رئيساً، وحمل عنوان «حرية الإعلام في الجمهورية الثانية، حبس.. منع.. مصادرة».
وجاء في التقرير أنّه منذ تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، ظهر ميل لدى «الحرية والعدالة» إلى الاستخدام السيئ للقوانين التي تقيّد حرية الصحافة والإعلام، بدعوى السبّ والقذف والتطاول على أعضاء الحزب وغيرها من التهم المطاطة، نتج عنه استدعاء الصحافيين إلى أروقة المحاكم، إلى جانب أشكال أخرى من الانتهاكات الممنهجة، مثل مصادرة وإغلاق الصحف، ومنع مقالات تهاجم «الإخوان».
وأوضح التقرير أنّ بداية تلك الانتهاكات كانت في 30 أيار الماضي، عندما رفع مرسي «المرشح آنذاك للرئاسة» دعوى أمام محكمة القضاء الإداري ضد قناة «الفراعين». وحملت الواقعة الثانية توقيع الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، في 24 حزيران حين تقدم ببلاغ للنائب العام ضدّ كل من رضا أدوار رئيس مجلس إدارة جريدة «الدستور»، وإسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة «الدستور»، يتهمهما فيه بنشر أخبار كاذبة وارتكاب جريمة القذف في حقه، إبان المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة المصريّة.
ووثق التقرير صورة أخرى من صور الملاحقات القضائية للصحافيين جاءت من قبل المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد بديع الذي كان قد تقدَّم ببلاغ ضد عادل حمودة رئيس تحرير جريدة «الفجر» وخالد حنفي مدير تحرير الجريدة يتهمهما بالسبّ والقذف.
وهناك واقعة أخرى لم يذكرها التقرير، لأنّها حدثت بعد أيام من صدوره وبالتحديد يوم الأحد 14 تشرين الأول، إذ تعرضت الإعلامية جيهان منصور، مقدمة برنامج «صباحك يا مصر» على قناة «دريم»، لهجوم من الدكتور عصام العريان القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين»، ضمن مداخلة تلفونية، واتهمها بأنّها «تحصل على تمويل مادي للهجوم على جماعة الإخوان». مما جعلها تطالبه بالاعتذار عما بدر منه تجاهها من ألفاظ تشكل اتهاماً لها من دون أدلة أثناء مداخلته الهاتفية معها في البرنامج، والتي قال خلالها «مش عايز أسألك بتاخدي كام عشان تقولي الكلام ده».
تقرير مؤسسة «حرية الرأي والتعبير» ليس الوحيد الذي يوثق الانتهاكات بحق صحافيي مصر في المئة يوم الأولى من حكم مرسي. إذ صدر أيضاً منذ أيام قليلة تقرير لـ «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» ــ منظمة مجتمع مدني مصرية ــ أكّد أن «في المئة يوم الأولى لحكم مرسي أصبحت حرية التعبير بكل فروعها في خطر داهم». وذكر التقرير أمثلة عديدة للمنع والمصادرة منها مصادرة عدد جريدة «الشعب الجديد» بالكامل يوم 21 آب، بسبب مقال رئيس التحرير مجدي حسين الذي جاء بعنوان: «نطالب مدير المخابرات بإعادة النظر في سياسات الجهاز السابقة التي أفسدت الحياة السياسية»، ومصادرة جزئية للعدد رقم 1781 لجريدة «الدستور» الصادر يوم السبت 11 آب، بعد ساعات قليلة من طباعته بمطابع جريدة «الجمهورية». كما تمّ منع برنامج «الضمير» على القناة الثانية في التلفزيون المصري المحلي الذي كانت تقدمه المذيعة هالة فهمي، وذلك على خلفية حلقة تم بثها عبر برنامجها، وتناولت الحلقة «فضح الفساد المالي والإداري المتفشي في جهاز الإعلام الحكومي».
وبحسب التقرير فقد تمّ خلال حكم مرسي منع مقالات وأبواب وصفحات كاملة لاثني عشر صحافياً. منهم مبدعون معروفون مثل يوسف القعيد وإبراهيم عبد المجيد، ومنهم إخوان سابقون مستقيلون من الجماعة مثل ثروت الخرباوي وعبد الجليل الشرنوبي. كما وثّق التقرير ما أسماه ملاحقة قانونية لستة من الصحافيين والإعلاميين منهم شركاء نضال مع الإخوان ضد حكم مبارك ومنهم الصحافي عبد الحليم قنديل.
كما تم الاعتداء على الصحافي خالد صلاح رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع» في أغسطس 2012، أثناء دخوله مدينة الإنتاج الإعلامي، من قبل بعض المتظاهرين المنتمين والمؤيدين لجماعة «الإخوان المسلمين»، وهو المكان نفسه الذي شهد أيضاً اعتداءً على الإعلامي يوسف الحسيني من المجموعة نفسها، حين حاولوا منعه من دخول المدينة. كما اعتدت الشرطة على مصور صحيفة «الشروق» أثناء تغطيته مظاهرات السفارة الأميركية...

مصطفى فتحي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...