الشتاء الأوروبي الساخن والعواصف التي ستضرب الاقتصاد الإيطالي والأيرلندي
الجمل: تعرضت دول الاتحاد الأوروبي لصيف أكثر حرارة بفضل تداعيات سخونة الأزمة الاقتصادية اليونانية، والآن تقول التقارير والتسريبات بأن معطيات الإنذار المبكر تنطوي على مؤشرات تفيد لجهة أن دول الاتحاد الأوروبي سوف تتعرض لشتاء ساخن بسبب الاحتمالات الوشيكة لاندلاع الأزمة الإيطالية والأزمة الأيرلندية: فما هي مؤشرات الإنذار المبكر؟ وما مدى مصداقية الوسائل الدفاعية في درء واحتواء خطر الأزمات قبل وقوعها خاصةً وأن معطيات الإنذار المبكر ما تزال تقول بأن دولاً أخرى مثل إسبانيا والبرتغال مازالت مرشحة لمواجهة تصعيدات الأزمات الاقتصادية والسياسية؟
* توصيف مسرح أزمات الاتحاد الأوروبي: ماذا تقول المعلومات؟
عندما تصاعدت ضغوط الأزمة الاقتصادية اليونانية، وتحديداً في الوقت الذي تزايدت فيه الخلافات الأوروبية-الأوروبية حول كيفية التعامل مع الأزمة اليونانية، تزايدت فيه التوقعات باحتمالات حدوث أزمات مماثلة للأزمة الإيطالية في كل من إسبانيا والبرتغال وذلك بسبب تشابه الأداء الكلي الاقتصادي في هاتين الدولتين مع الأداء الكلي الاقتصادي اليوناني، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بمؤشر ارتفاع الدين العام ضمن مستويات تفوق قدرة الدولة على السداد بما أدى إلى إعسار العديد من البنوك والمصارف، وأيضاً ما يتعلق بمؤشر ارتفاع التضخم وارتفاع البطالة.
حالياً، تقول المعلومات والتسريبات بأن احتمالات اندلاع الأزمة الاقتصادية في كل من إسبانيا والبرتغال مازال يمثل الحدث غير السعيد المؤجل، ولكن، برغم ذلك، فقد برزت العديد من المعطيات الجديدة التي تفيد لجهة أن إعصار الأزمات الأوروبي قد غير اتجاهه، وبدلاً من أن يضرب إسبانيا والبرتغال، فقد أصبح في طريقه لضرب إيطاليا وأيرلندا، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• الأزمة الإيطالية المتوقعة: تتميز الأزمة المتوقع اندلاعها في إيطاليا بأنها سوف تبدأ كـ (أزمة سياسية) ، وبسبب مفاعيل الصراع السياسي فإنها سوف تتحول إلى أزمة اقتصادية، وفي هذا الخصوص أشارت المعلومات إلى احتمالات أن يؤدي الصراع السياسي الإيطالي-الإيطالي إلى إقالة حكومة برلسكوني بما يؤدي إلى الدعوة لجولة انتخابات عامة إيطالية مبكرة.
• الأزمة الأيرلندية المتوقعة: تتميز الأزمة المتوقع اندلاعها في أيرلندا بأنها سوف تبدأ كـ (أزمة اقتصادية) وبسبب مفاعيل الصراع الاقتصادية فإنها سوف تتحول إلى أزمة سياسية، بما يمكن أن يؤدي إلى إقالة الحكومة الأيرلندية والدعوة إلى جولة انتخابات عامة مبكّرة.
تنظر الأوساط الأوروبية وتحديداً مفوضيات الاتحاد الأوروبي بقلق بالغ إزاء احتمالات استمرار مسلسل الأزمات، وذلك لجهة التداعيات الشديدة الخطورة التي سوف ينطوي عليها مستقبل الاتحاد الأوروبي، خاصةً وأن معالجة الأزمات أصبحت تتطلب تخصيص قدر هائل من الموارد المالية والسياسية، وهو أمر كشفت تداعيات الأزمة اليونانية بأن الاضطلاع بأعبائه لم يعد متاحاً أو ممكناً، على الأقل في الوقت الحالي.
* الأزمة السياسية الإيطالية: إشكالية الاحتواء
تقول المعلومات والتقارير والتسريبات بأن الأزمة السياسية الإيطالية أصبحت أكثر تعقيداً وذلك لجهة عمق جذورها، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى معطيات الأزمة الإيطالية ضمن الأبعاد الآتية:
- البعد الأول: يرتبط بشخصية رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني، وتحديداً: علاقات برلسكوني مع المافيا- علاقات برلسكوني "الخاصة جداً" مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين- شركات برلسكوني التي تتمتع بالاحتكار- فضائح برلسكوني الجنسية والأخلاقية- استهداف برلسكوني لخصومه.
- البعد الثاني: يرتبط بحزب الأحرار الذي أصبح يرزح تحت ضغوط الانشقاقات والخلافات حول زعامة برلسكوني إضافةً إلى خلافات جماعات المصالح داخل الحزب.
- البعد الثالث: يرتبط بالسياق المؤسسي الرسمي الإيطالي، وذلك بسبب استحواذ الفاسدين على الدولة الإيطالية، وبالتالي، فقد أصبح الزعيم برلسكوني وغيره من الأثرياء قادرين على القيام بكل ما يرغبون فيه، بما في ذلك شراء رموز الأجهزة العدلية والقضائية والسيادية الأخرى.
- البعد الرابع: يرتبط بالرأي العام الإيطالي، والذي أصبح منقسماً إلى رأي عام شمالي وآخر جنوبي، وإلى رأي عام ديني مسيحي-كاثوليكي وآخر علماني، إضافةً إلى وجود نخب براغماتية قادرة على السيطرة على شريحة الرأي العام التي تنتمي إليها.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات، بأن الأزمة السياسية الإيطالية يمكن القبول أوروبياً بتركها تمر وتنقض طالما أن ظاهرة حجب الثقة عن الحكومات هو أمر شائع في الدول الأوروبية الغربية، ولكن ما هو خطير جداً في الأزمة السياسية الإيطالية يتمثل في قابلية تحولها –وبسرعة- إلى أزمة اقتصادية، وذلك بما يمكن أن يؤدي إلى تعريض الاقتصاد الإيطالي واقتصاديات الاتحاد الأوروبي إلى مواجهة الآتي:
• ضغوط المزيد من الاقتراض.
• ضغوط المزيد من تحمل أعباء المديونيات الجديدة.
• ضغوط انخفاض قدرة الأطراف المدينة على القيام بتحمل أعباء خدمة الديون.
• ضغوط تدخل الدائنين في إدارة الاقتصاد.
• ضغوط توجيه المزيد من الموارد الاقتصادية لجهة تخصيصها من أجل سداد الديون.
• ضغوط التأثيرات السلبية على التنمية، بحيث تعوق عجلة التنمية، وفي نفس الوقت تتدهور أوضاع المشروعات القائمة.
• ضغوط انخفاض موارد دول الاتحاد الأوروبي.
• ضغوط عجز دول الاتحاد الأوروبي لجهة تغطية التزاماتها الداخلية والأوروبية والدولية.
تقول التقارير والمعلومات، بأن اندلاع الأزمة الاقتصادية الأيرلندية يمكن أن يؤدي إلى ضغوط وتداعيات يمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تتحملها وتحتوي ضغوطها، وذلك لأن أيرلندا تملك اقتصاداً صغيراً مقارنةً بحجم الاقتصاد الأوروبي، أما إيطاليا، فإنها تمثل العمود الثالث الرئيس في اقتصاديات الاتحاد الأوروبي بجانب فرنسا وألمانيا وبالتالي فإن حدوث الأزمة الاقتصادية الإيطالية سوف يكون بمثابة سيناريو الكابوس المفزع، والذي أصبحت الآن أطراف مفوضية الاتحاد الأوروبي ترتعد خوفاً منه، لأنه قد يضع السياسة الاقتصادية الأوروبية التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي عند حافة الهاوية، وهو ما تريده واشنطن، والتي كما تقول التسريبات بأنها تنتظر هذه اللحظة من أجل القيام بدفع الاتحاد الأوروبي وعملة اليورو إلى الهاوية، طالما أن سقوط اليورو سوف يعيد للدولار الأمريكي مجده القديم.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد