السيسي وابن سلمان يطويان صفحة الخلاف
زيارة غير رسمية، هي الأولى من نوعها لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي قضى عدّة ساعات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الجمعة، في لقاء منفرد جرى في استراحة رئاسة الجمهورية في شرم الشيخ. وكان لافتاً حرص السيسي وابن سلمان على إظهار الودّ والحميمية بينهما، بعد أشهرٍ من الجفاء، خصوصاً في ظلّ الطابع غير الرسمي للزيارة، التي احتفى بها الإعلام بصورة مبالغ فيها في البلدَين، وذلك بناءً على توجيهات أمنية، علماً بأنه حتّى مغادرة ابن سلمان شرم الشيخ، لم يكن يُعرف شيء عن الزيارة.
وفضّل الرئيس المصري قضاء عطلة قصيرة في المدينة المطلّة على البحر الأحمر، حيث ناقش مع ولي العهد السعودي العديد من الملفّات والقضايا، سواء في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية أو بالوضع العربي ككلّ، والموقف من أزمة سد النهضة، وغيرها من القضايا التي لا تزال موضع خلاف في الرؤى بين الجانبَين، ولا سيما لناحية التعامل مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تبدي مصر انفتاحاً أكبر من باقي دول الخليج، على تعزيز الشراكة معها. كذلك، جرى تناول العلاقات مع قطر والإمارات، والأزمة في اليمن. وعلى رغم أن السيسي تحدّث بإيجابية عن الدوحة وأبو ظبي، إلا أن هناك حالةً من التشكّك المشترك بين الجنرال المصري، وولي العهد السعودي، في بعض التصرّفات الإماراتية في الأسابيع الأخيرة، سواء على مستوى العوائق في التواصل، أو حتّى بالمواقف التي تبدو غير متّسقة مع الرغبة المصرية والسعودية في تخفيف التوتّرات، وهو ما جعل السيسي وابن سلمان يتّفقان على ضرورة إنهاء هذه "الشوائب" قريباً.
وحتى قبل أشهرٍ قليلة، لم تكن علاقة السيسي وابن سلمان الشخصية جيّدة، خصوصاً بعدما قاد الأمير السعودي الشاب التوجّه نحو التصالح مع قطر في قمّة العلا، وتحرّك في ملفّات عديدة بمعزل عن المصريين، ولا سيّما تلك المتعلّقة بتنسيق المواقف العربية في جامعة الدول العربية، فضلاً عن تصريحات كانت مستفزّة للجانب المصري صدرت عن بعض المسؤولين السعوديين، السابقين والحاليين، وهي أمور جرى احتواؤها، على مدار الأسابيع الماضية، بما مهّد لزيارة الجمعة الماضي. وربّما كان ذلك سبباً وراء نشر صورة بملابس غير رسمية للّقاء في شرم الشيخ، والتعليق عليها بإيجابية شديدة، أي بهدف إظهار أنّ توافق الرؤى بين الجنرال المصري والحاكم الفعلي للسعودية، سيؤدّي إلى "استقرار المنطقة العربية". ويأتي ذلك في وقت تتحدّث فيه القاهرة عن رغبةٍ سعودية في تحسين مصر للعلاقات الخليجية - الأميركية، على وجه التحديد، خلال الفترة المقبلة، مع الإشارة إلى زيارة يجري الترتيب لها لبايدن إلى المنطقة، في نهاية العام الحالي، ستتضمّن السعودية.
ولكن ترحيب القاهرة بإنهاء الخلافات مع ابن سلمان لم يكن مجانياً، إذ سبقه العديد من الترتيبات التي تضمّنت بعض الإجراءات الاقتصادية، التي اتُخذت من الجانب السعودي لزيادة الاستثمارات في مصر، واستقبال السيسي لعددٍ من الشخصيات المقرّبة من ولي العهد السعودي، وغيرها من الإجراءات التي جرت على مدار أكثر من شهر. ويجري في هذه الأثناء الترتيب لجولة خليجية للرئيس المصري، قد تشمل قطر التي تستضيف اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن سدّ النهضة. وفي هذا الإطار، فإنّ ما تطلبه مصر من السعودية، في الوقت الراهن، هو لعب دور أكبر في ملف سدّ النهضة، وبعض التسهيلات في أمور اقتصادية، في وقت جرى فيه الحديث، بشكل مباشر، عن رغبة مصرية في وساطة سعودية لإنهاء الخلافات مع الجزائر، في ظلّ تمسك الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بمواقف تراها مصر "عدائية".
وعلى العموم، يمكن القول إنّ الزيارة طوت صفحة الخلافات المصرية - السعودية، التي تغذّت لفترة على العلاقات الوطيدة مع ولي عهد الإمارات، محمد بن زايد. بمعنى آخر، تعود العلاقات المصرية - السعودية لتجد طريقها إلى الحل، على حساب التباعد المصري - الإماراتي. إلّا أنّ مصدراً دبلوماسياً مصرياً رفيع المستوى أفاد بأنّ القاهرة ستعمل على إعادة التوازن في علاقتها مع الأفرقاء الخليجيين الثلاثة، السعودية وقطر والإمارات، بعدما أدركت استحالة الاستغناء عن أيّ منهم، بشكل كامل.
الأخبار
إضافة تعليق جديد