الحكومة تعيد قانون العمل الجديد لمجلس الشعب بدون تغيير؟
أكد مصدر موثوق في مجلس الشعب أن مشروع قانون العمل الجديد الذي كان يدرس من قبل اللجان المختصة «لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية والخدمات » قد عاد إلى مجلس الشعب كما في صيغته الأولى، دون إدخال أي من التعديلات التي تم تقديمها من اللجان، علماً أن رئيس اللجنة الدستورية قد صرح في أكثر من مناسبة أنه في حال ورود أي نص يعتبره البعض غير دستوري سيتم مناقشته أو التحفظ عليه.
وأبدى المصدر استغرابه من التصرف الحكومي، ومن الاستخفاف بالأفكار التي قدمها عدد لا بأس به من الأعضاء وخاصة التعديلات المتعلقة بالمواد( 65،67،277)، وكل ما يتعلق بأرباب العمل وإعطائهم كامل الصلاحية بالتسريح التعسفي، الذي جاء في مشروع القانون الجديد كبديل عن المرسوم 49 لعام 1962 الذي قضى بإحداث لجان التسريح العمالي،وإلغائه نهائياً في القانون الحالي، خاصة مع وجود أكثر من عشر حالات تسمح لرب العمل بطرد عامله السابق ، وأكد المصدر أن ما كان يطرح في أروقة المجلس عن الدوافع التي أجبرت الحكومة على عدم إجراء أي تغييرات أو إنزال بعض التعديلات كانت بضغوط من وزيرة العمل، وبعض أرباب العمل الذين حاولوا إقناع الجميع أن عزوف المستثمرين بالقدوم إلى سورية والاستثمار فيها برساميلهم الكبيرة، بسبب القوانين البالية التي تقف في صف الطبقة العاملة على حساب الاقتصاد الوطني، وان بيئة العمل بحاجة إلى قوانين مرنة تجذب الاستثمارات العربية والأجنبية معاً.
وذكر قائد نقابي أنهم يتمظهرون بالقانون الجديد على أساس أنه اعتمد على أحسن القوانين العالمية وخاصة قانون العمل بفرنسا والجزائر ومصر، في حين أن الحقيقة غير ذلك تماماً لأنهم لم يأخذوا سوى ما يرضيهم ويرضي أرباب العمل، فالقانون الفرنسي مثلاً يأتي في أحد بنوده حق التسريح لكنه مقيد بأمور أخرى أهم فمثلما أعطوا لرب العمل الحق بالتسريح سمحوا للطبقة العاملة حق الإضراب، مؤكداً أن من يعمل من أجل تمرير مشروع القانون إنما ينفذ توجيهات البنك الدولي، بينما أكد عمار بكداش النائب الشيوعي في البرلمان إثناء كلمته أمام المجلس أن «المسودة الأساسية لهذا المشروع، والمقدمة قبل خمس سنوات من الآن كان فيها حق الإضراب، ولا أعرف لماذا حذف هذا الحق في النسخة النهائية للمشروع، معلناً رفضه وعدم موافقته للمشروع»، وقال احمد الحسن عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام في لقاء سابق معه «نحن كعمال لا نريد أن نتهم بأننا معرقلون لعملية التنمية الاقتصادية وأننا نقف ضد الاستثمار، وإذا كان من حق وزارة العمل أن تراعي حقوق المستثمرين وأرباب العمل، فمن حقنا أن ندافع عن حقوق العمال »، أما حسين الأحمد وهو أيضا عضو في المكتب التنفيذي والمعروف بدفاعه المستميت عن حقوق الطبقة العاملة قال: أن «العقد شريعة المتعاقدين، خير دليلاً على شريعة الغاب، وأن إلغاء المرسوم /49/ هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، لذا يجب عدم تمرير أية مادة ترتبط بالطرد والتسريح التعسفي، لأن الموضوع لو ترك إقراره لإرادة صاحب العمل فسيكلف العمال كثيراً».
وعلى هذا النحو يبدو أن الخلاف لن يحسم حول القانون /91/ والجدل الدائر منذ سنوات والنقاشات الماراثونية التي جرت حول واقع عمال القطاع الخاص، ستبقى موضوع الساعة لأكثر من ثلاثة ملايين عامل من القطـاع الخاص الذين يعيشون في متاهة التعديل، وان الاتحاد العام لنقابات العمال لن يكل أو يمل في تقديم تحفظاته النقابية لمحاصرة المواد التي تعتبر غريبة عن نص القانون وعن التوجهات الهادفة إلى إيجاد مظلة قانونية تشريعية تحقق الحماية للعاملين في القطاع الخاص و تضمن لهم الاعتراف والاحتفاظ بحقوقهم التي يتم إنكارها تحت عناوين وشعارات مختلفة وبراقة «الاستثمار».
والسؤال هل سيمرر القانون بدون إدخال تلك التعديلات عليه ويمشي على الجميع ونعود إلى سنوات عقود الإذعان؟ أم سيكون لأعضاء البرلمان رأي مختلف؟ خاصة وأن نصف أعضاء مجلس الشعب هم عمال وفلاحون ويجب ومن المفترض أن يكون لهم كلمتهم القوية في إصدار هذا القانون، لأن منطق الحياة والنضالات التي قامت بها الحركة النقابية، والمكاسب التي حققتها، يقول بأن القانون يجب أن لايصدر إلا وفق رؤية العمال والفلاحين الذين بهم يكبر الوطن.
علي نمر
المصدر: كلنا شركاء
إضافة تعليق جديد