الحرب أهلية عراقية.. والصناعة أمريكية – إسرائيلية

الجمل:"كل شيء قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، يؤدي فعلاً وبكل تأكيد إلى الحرب الأهلية"، والحديث هنا لكريستان بارينتي ، مؤلف كتاب: (الحرية)، والذي طرح فيه تفسيراً واضحاً ومباشراً لعملية غزو واحتلال العراق، وكانت من أبرز الوقائع التي استند عليها: الفشل في إعادة البناء والتعمير – تسريح الجيش العراقي – النهب الجائر والسافر لأموال النفط العراقي – استغلال استخدام كتائب بدر وتوظيفها – استخدام واستغلال قوات البشمركة الكردية وتوظيفها – استخدام فرق الموت – استخدام الاعتقال العشوائي والتعذيب – تدمير الفلوجة وبعض المدن الأخرى في محافظة الأنبار – وغير ذلك من الوقائع التي فسرها المؤلف كريستيان بارينتي، باعتبارها تعطي قوة الدفع للتمرد والعنف الجامح وتشكل شرارة الحرب الأهلية في العراق.
لقد أصبحت عملية" الحرب الأهلية التي ترعاها الدولة"، بمثابة الوصف الصحيح للعنف الطائفي الذي أصبح يجتاح العراق حالياً، هذا، ومنذ لحظة بدء الاحتلال الأمريكي، رأى معظم المحللين بأنه، في الوقت الذي تتوقع فيه إمكانية نشوء حرب أهلية بين الأكراد من جهة والعرب من جهة أخرى، فإن نشوء صراع وحرب أهلية شيعية – سنية ، هو أمر غير ممكن الاحتمال، في ظل الظروف الطبيعية والأوضاع العراقية العادية، وذلك لأن الطرفين السني والشيعي يتشاركان نفس الانتماء الوطني العراقي والقومي العربي، إضافة إلى وجود العديد من روابط القرابة والمصاهرة المتبادلة بين هذين الطرفين، مع ملاحظة الاعتدال الذي تمثله توجهات آية الله العظمي علي السيستاني.
وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من العراقيين تعارض بقوة، الحرب المدمرة المهلكة، إلا أن استخدام المليشيات المتمركزة إثنياً وطائفياً ضد تمرد العرب السنة على سلطة الاحتلال، قد أشعل شرارة حرب قذرة أصبحت تهدد بتحويل العراق إلى لبنان أو بلقان أخرى.
وبتفاقم مأزق "الحرب الورطة"، فقد لجأت إدارة الرئيس بوش إلى تبني عملية التحريض على الحرب الأهلية، وذلك بتمثل "استراتيجية المخرج" لها من المأزق العراقي، وفي هذا الصدد، قامت الإدارة الأمريكية بالمزيد من عمليات نشر القوات الأمريكية، والمصحوبة بالتقليل من الضوابط الأخلاقية على النحو الذي يطلق يد الجنود الأمريكيين بما يستبيح كل شيء في العراق.
وثمة هدفاً بات أكثر وضوحاً، يتمثل في تقسيم العراق إلى عدة دول صغيرة الحجم على النحو الذي يسمح بتقليل القوات الأمريكية، والاستيلاء على مخزونات النفط الكبيرة المتواجدة في شمال وجنوب العراق.
كذلك، أدت عملية الانتخابات، التي رعتها وأشرفت على إدارتها الولايات المتحدة، إلى تعميق الانقسام، وذلك عندما طلبت من الأحزاب السياسية العراقية إعداد قوائم انتخابية على أساس اعتبارات الانتماءات الجهوية ، والولاءات الإثنية والطائفية، وكانت النتيجة في النهاية، محاصصة الطائفية على غرار النسق اللبناني، مع ملاحظة أن القوات الأمريكية ظلت طوال فترة الانتخابات تقوم بعمليات القمع والتدمير في المناطق السنية، وذلك على النحو الذي يوحي من جهة لبقية العراقيين الأكراد والشيعة بأن السنة يعملون على تقويض الممارسات الديموقراطية الانتخابية ويرفضون الحرية والتعددية، ومن الجهة الأخرى توحي للعرب السنة بأنه لامجال لهم في المشاركة، وبالتالي تزداد حفيظتهم وعداءهم للأطراف الأخرى..
كذلك عملت خطط البنتاغون على اعتماد المزيد من الحرب النفسية، عن طريق زرع الانفجارات في المناطق الشيعة واتهام السنة بارتكابها ، ونفس الشيء عن طريق زرع الانفجارات في مناطق السنية واتهام الشيعة بارتكابها، كذلك عملت خطط البنتاغون على إعطاء الفتنة في العراق طابعاً مؤسساً، وذلك عندما وضع الأمريكيون في الحكومة السابقة وزارة الداخلية تحت تصرف كتائب بدر، و وزارة الدفاع تحت تصرف المليشيات الكردية، وذلك على النحو الذي أصبحت فيه كتائب بدر (تعمل عن طريق قوات الشرطة)، والمليشيات الكردية (تعمل فيه عن طريق قوات الجيش العراقي الجديد)، كذلك في شمال العراق ، حرّض الأمريكيون الأكراد على استئصال الوجود العربي في مناطقهم ، وذلك عندما أشعلوا فتنة خارطة المنطقة الشمالية، وذلك على خلفية إثارة خبرة القمع الذي مارسه نظام صدام حسين سابقاً ضد الأكراد، ومن ثم فقد اشتعلت الصراعات بين سكان مدينة الموصل البالغ عددهم 1.7 مليون شخص ، ضمن سيناريو أعده الأمريكان لدفع الأكراد من أجل العمل على طرد السنة من المدينة، ونفس السيناريو تم تطبيقه من مدينة البصرة بجنوب العراق من أجل التفجيرات ضد الشيعة والأكراد الذين يقيمون في مناطق سنية، وتصوير الأمر باعتباره انتقاماً سنياً.. من أجل طردهم وإخراجهم من المناطق السنية!!

                                                                                                                         الجمل