البدون في السعودية يشتكون: مأساتنا المؤقتة أصبحت دائمة
يعيش البدون، وهم البدو الرحّل الذين يتنقّلون بين السعودية والكويت والأردن، «حياة مجمدة وصعبة» في السعودية، تفتقر الى الخدمات الضرورية في مجالات الاستشفاء والتربية والزواج والمعاملات المالية، ويعربون عن مخاوفهم من أن يصبح «المؤقت دائماً» بعد أن طال انتظارهم عقوداً. ومن بين البدون في السعودية حَملة «البطاقات السوداء»، وهي عبارة عن بطاقة تعريف مؤقتة صالحة لخمس سنوات فقط.
ويوضح الخمسيني أبو إبراهيم أن «حياتنا مجمدة أو معلقة، لا نستطيع الحصول على خدمات الدولة في الطبابة وقطاعات أخرى (...) وخصوصاً أولئك الذين لم يسجلوا أنفسهم إبّان حملة الإحصاء أواخر السبعينيات». ويقول الناشط الحقوقي وليد أبو الخير إن «البدون ارتكبوا خطأً بعدم تسجيل أنفسهم بسبب ترحالهم الدائم». ويضيف «هناك فئة منهم حصلت على البطاقات السوداء، وهناك يمنيون نالوا الجنسية السعودية في أوقات سابقة لكن تم انتزاعها منهم إبان حرب الخليج الثانية (1991) ومن الصعب معرفة أعدادهم». كذلك تشير جهات حقوقية الى مجموعات غير معروفة العدد من البلوش أيضاً.
وبدأت لجان تابعة لوزارة الداخلية السعودية حصر أعداد غير المجنسين من أبناء القبائل أواخر السبيعنيات، وصدر مرسوم ملكي قبل 13 عاماً قضى بمنح الجنسية لقبائل شمر وعنزة وبني خالد والأساعدة، وهم من عتيبة، إضافة الى حلفائهم.
ويقول أحمد ناصر العنزي، وهو مستشار قانوني ينشط في الدفاع عن البدون، إن «تسعين في المئة من أبناء القبائل حصلوا على الجنسية، لكن الحلفاء لا يزالون يحملون البطاقة السوداء للعمل والتنقل، والذين لم يجددوها يعانون الأمرّين». والحلفاء هم من المصاهرين والأنسباء ومن تخلت عنهم قبائلهم فلجأوا الى غيرها.
ويتابع العنزي «كل معاملات المواطن السعودي متوقفة على الرقم الآلي الذي يسمح له بالحصول على كافة خدمات الدولة، لكن من ليس في حوزته الرقم فلا وجود له إدارياً».
وتطلق الدولة على البدون تسمية «القبائل النازحة»، وتتباين التقديرات بشأن أعدادهم، لكن المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة تقول إنها لا تتجاوز سبعين ألفاً.
من جهته، يقول الستيني عبدالله، مكتفياً بذكر اسمه الاول، «أولادي درسوا في الجامعة لكنهم يعانون من البطالة، وبناتي يواجهن العنوسة، ولا خيار أمامهن سوى الزواج العرفي بسبب استحالة الحصول على صك زواج لعدم وجود الرقم الآلي». ويضيف «بعضنا يخدم في القطاعات العسكرية منذ أكثر من عقدين، وصدر مرسوم ملكي عام 2007 بمنح الجنسية للعشرات منا، لكن المراجعات لم تؤدّ إلى نتيجة حتى الآن».
بدوره، يؤكد ناصر الشمري أن حملة البطاقات «لا يحصلون بسهولة على جواز سفر للعلاج أو الدراسة في الخارج، لكن السلطات تمنح البعض تذكرة مرور مدتها ستة أشهر لسفرة واحدة، إلا أنهم لا يستطيعون الذهاب الى بعض الدول الخليجية». أما تجديد البطاقات فيستغرق أشهراً. ويضيف الشمّري أن حملة البطاقات «ليس بإمكانهم تسجيل أكثر من سيارة باسمهم أو تملك عقار، منزلاً كان أو أرضاً، كما أن بعضهم يواجهون صعوبات في دفن موتاهم (...) منحتهم السلطات هذه البطاقات على أساس فترة زمنية معينة لكن الموقت أصبح دائماً».
يشار الى أن حملة البطاقات لا يستطيعون استخدام حساباتهم المصرفية أو قيادة السيارة خلال عملية تجديدها، «ما يعني توقف حياتك»، بحسب الشمري. ويختم قائلاً إن بعض شركات الاتصالات تمتنع عن بيعنا هاتفاً بفاتورة بسبب عبارة القبائل النازحة، كذلك فإن المصارف لا تسمح لنا بالاقتراض للسبب ذاته»، والجامعات تصنّف البدون كطلاب أجانب لا يستطيعون الاستفادة من المنح، ودخول كلية الطب ممنوع عليهم.
(أ ف ب)
إضافة تعليق جديد