الاصطياد بالمياه الإسرائيلية الأميركية العكرة
الجمل- *غوردون داف- ترجمة: رندة القاسم:
في الثامن عشر من تشرين الأول الماضي ، نشرت Atlantic Monthly مقالا بقلم جيفري غولدبيرغ أشار فيها الى قيام مسؤول في الادارة الأميركية بتوجيه اهانة الى القائد الاسرائيلي، اذ كتب:
"ذات يوم كنت أتحدث مع موظف رفيع المستوى في ادارة أوباما حول القائد الأجنبي الذي أحبط البيت الأبيض و الادارة الأميركية أكثر من البقية ، فقال: "الشيء الذي يمكن قوله عن بيبي أنه جبان (قذارة دجاج)" ، و كان يشير الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ، بنيامين نيتينياهو، مستخدما لقبه"..
لكن غولدبيرغ فهم القصة بشكل خاطئ ، خاطئ جدا. فالانتقاد الحقيقي يعود الى لقاء مجلس الأمن القومي، لقاء بين وزير الخارجية كيري، وزير الدفاع هيغيل، و الجنرال ديمبسي رئيس هيئة الأركان و بحضور الرئيس أوباما. و يبدو أن غولدبيرغ يلطف من الهجوم ضد نيتينياهو. اذ أكدت مصادر مرتبطة بالرئيس أوباما أن وزير الخارجية كيري، و ردا على نقاش متعلق بألف مستوطنة اسرائيليه غير شرعيه في الضفة الغربية المحتله، هو من انتقد نيتينياهو و بكلمات مختلفة تماما عما اخترعه غولدبيرغ. اذ ذكر من كانوا في اللقاء أن كيري قال للرئيس أوباما:"هل يعتقد نيتينياهو أننا، و بسبب كوننا على بعد أسبوع من الانتخابات، عديمي الحيله؟ من الواضح أنه فقد عقله الملعون".
عبارات أخرى وصفت نيتيناهو في حدها الأدنى بالمجنون و النذل و لكن أيا منها لم يستخدم تعبير "جبان". و مقال غولدبيرغ في Atlantic ليس أكثر من خدعة، و الآن يحوم المسؤولون الاسرائيليون مطالبين الحكومة الأميركية بالاعتذار عن خيال غولدبيرغ، و حتى نيتينياهو الذي يلعب دور الضحية قال: "لقد تعرضت للانتقاد فقط لأنني أدافع عن اسرائيل".
و الدور الذي تلعبه The Atlantic، التي كانت مملوكة سابقا من قبل الاسرائيلي مورت زوغريمان، يؤديه الآن بشكل أساسي جيفري غولدبيرغ، و هو جندي قديم في جيش الدفاع الاسرائيلي، خدم كحارس في معسكر اعتقال حيث كان المدنيون الفلسطينيون يجوعون و يعذبون. و قد ورد في موقع "stoptorture" الاسرائيلي المعني بحقوق الانسان:
"في الحادي و العشرين من تشرين الأول 2007، قامت محامية PCATI(اللجنة العامة الشعبية ضد التعذيب في اسرائيل) بتقديم شكاوي الى الشرطة الاسرائيليه و خدمة السجن الاسرائيلي نيابة عن PCATI و عداله ،المركز الشرعي للأقليه العربية في اسرائيل، تتعلق بالعنف المفرط خلال عملية تقصي، من قبل وحدات خدمة السجن الاسرائيلي، في المعسكرات التي تأوي سجناء الأمن في معتقل كيتزيوت ما أدى الى اصابة أعداد كبيرة من المقيمين بالجروح و موت السجين محمد الأشقر.
تم توجيه رسالة الى قائد الوحدة القومية من أجل التحقيق بشأن القيمين على السجون، طالبت بفتح تحقيق جنائي ضد حراس السجون الذين يلجؤون الى القوة المفرطه. و وجهت رسالة أخرى الى مفوض خدمة السجن الاسرائيلي و ورد فيها تفاصيل عن تصرفات غير ملائمة من قبل خدمة السجن الاسرائيلي تتضمن الـتأخر في علاج مساجين تعرضوا لجروح في حوادث و في تحويلهم الى الخدمات الطبيه".
و وفقا للمصادر، عاد غولدبيرغ الى الولايات المتحدة بعد تلقي تدريبات استخباراتيه . و سريعا ما بدأ بفبركة مقالات حول خلايا القاعده العاملة في العراق، و ذكر مدير الCIA السابق جيمس وولسي بأن غولدبيرغ أداة أثرت في غزو الولايات المتحدة للعراق.و قد قال عنه الكولونيل جيمس هينك، خبير الحرب النفسيه و الملحق الثقافي السابق في سفارة اسرائيل، و الذي كان ذات يوم جارا لنيتنياهو:
"جيفري غولدبيرغ عميل استخبارات كلاسيكي. ذهب الى اسرائيل مباشرة بعد الجامعة، و ارتبط ب "كيبوتز" شيوعي (مزرعة جماعية أو مصنع يهودي) ، و عمل في معسكر اعتقال لصالح الاستخبارات العسكريه، و قبل قرار عودته كعميل للمعلومات المضللة في الولايات المتحده، منح عملا في Jerusalem Post لكي يملأ سيرته الذاتيه.
ثم نشر كتابا عن تجربته في معسكر الاعتقال، عمل يخدمه شكل شخصي و يجعل منه بطلا. و وصل غولدبيرغ الى منصب رفيع في New York Times و تم تصنيعه ثانية على أساس أنه مدافع عن حقوق الانسان، و قد استغل منصبه لادراة جهود البروبوغندا الاسرائيليه الساعية الى غزو الولايات المتحدة المشؤوم للعراق عام 2003.غولدبيرغ واحد من الأشخاص الذين ساعد نفوذهم على الوصول الى الكارثة التي نراها اليوم".
و دور غولدبيرغ في Atlantic أبعد من مجرد اثارة السم. ف Atlantic نفسها ، كما نعلم، قد تحولت من صحيفة أدبية ذات سوية عاليه، الى منصة للمعلومات المضللة مهمتها الهيمنة على كل ما يتعلق باسرائيل. كل النقاشات حول اسرائيل، كل الانتقاد لاسرائيل، تمر عبر Atlantic و تحرر من قبل غولدبيرغ شخصيا، و من ثم تمرر الى الصحف الأخرى، امبراطورية مردوخ، صحيفة وول ستريت، فوكس نيوز، نيويورك بوست ، أو الى نيويورك تايمز ،واشنطن بوست، أو الى الاعلام الالكتروني مثل Huffington Post أو Daily Beast سيئة السمعة التابعة لجين هارمون التي تلقت تعليمات عام 2013 بالغاء مقال يتحدث عن أوامر أميركية غير حقيقية من أجل "منطقة حظر جوي" في سوريه.
في الحقيقة The Atlantic هي جيفري غولدبيرغ ، و غولدبيرغ وسيط شخصي لنيتينياهو. و كون هذا العميل المدرب "الذي تم تلميعه" يستطيع العمل بهذه الدرجة من الحصانة داخل اعلام نيويورك الواقع تحت السيطره الصهيونيه لا تشكل مفاجأة لأحد. و فقط القلة التي تعلم خلفيته الحقيقية هي من ستطرح الأسئلة...
*بقلم غوردون داف صحفي أميركي و مارينز سابق
عن موقع Press TV
الجمل
إضافة تعليق جديد