الاحتلال ينسف الموعد المحدّد لانسحابه

18-11-2008

الاحتلال ينسف الموعد المحدّد لانسحابه

أطاح الاحتلال الأميركي، امس، بـ»المعاهدة الاستراتيجية« التي تنص على خروجه نهائياً من العراق في العام ،٢٠١١ مكررا ربطه الانسحاب بالتطورات على الأرض وقدرة القوات الأمنية العراقية على تسلم الأمن من دون مساعدته، في الوقت الذي تخطت فيه الحكومة العراقية البرلمان، الذي بدأ دراسة المعاهدة تمهيداً لإقرارها او رفضها في ٢٤ الحالي، عبر توقيعها مع واشنطن »اتفاقاً مبدئياً« حولها.
وقال رئيس أركان الجيش الأميركي الأميرال مايكل مولن إن الانسحاب النهائي في العام ٢٠١١ مرتبط بـ»عدد من العوامل«. وقال خلال مؤتمر صحافي في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، انه من الممكن أن تقوم الولايات المتحدة بسحب جميع قواتها ومعداتها العسكرية من العراق في غضون ٣ سنوات، إلا أن هذا الأمر يعتمد على أمور عديدة. وأضاف أن »الوضع يواصل التحسن، وفي الوقت ذاته ومن وجهة نظر عسكرية اعتقد أن من المهم أن يكون الانسحاب من العراق مرتبطاً بالوضع على الأرض«.
وحول ما إذا كان يعتقد أن العراقيين سيكونون قادرين على تسلم أمنهم بأنفسهم في العام ،٢٠١١ قال مولن »هناك بالطبع احتمالات كبيرة أن يكون الوضع على هذا النحو بعد ٣٦ شهراً«. وأشار إلى انه سينفذ توجيهات الرئيس المنتخب باراك اوباما، وهو مستعد لتقديم المشورة له حول العراق ومواضيع أخرى.
وأعرب مولن عن ارتياحه لبنود المعاهدة. وقال »كما فهمت فإن موعد ٢٠١١ (يعني) أن جميع القوات الأميركية« يجب أن تخرج من العراق، مشيراً إلى انه استشار كبار القادة الأميركيين في العراق وجميعهم يعتقدون أن الاتفاقية تمنح الوقت الكافي للعراقيين للدفاع عن أنفسهم، موضحاً أن القوات العراقية أظهرت مؤخراً تحسناً هائلاً. وتابع »يمكنني القول انه إذا تواصل هذا التحسن بالمستوى الذي نراه الآن، فإنه يمكنهم القيام بذلك«، في إشارة إلى تسلم امن العراق من دون مساعدة قوات الاحتلال.
ووقع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اتفاقاً »مبدئيا« مع السفير الأميركي في بغداد رايان كروكر بشأن المعاهدة. كما وقعا »اتفاق إطار استراتيجي طويل الأمد«. وقال زيباري »هذا يوم تاريخي للعلاقات الأميركية العراقية«. وأضاف »بعد المفاوضات المضنية، صادق مجلس الوزراء على الاتفاقية وذهبت للنواب للمصادقة عليها والكلمة النهائية ستكون لمجلس النواب، لكن هناك أجواء ايجابية بين الكتل السياسية«. وتابع »هي اتفاقية تشمل آفاقاً علمية ثقافية اقتصادية بين البلدين، وهذا ما تطمح إليه كل دولة في العالم للتوصل إلى فرصة كهذه مع الولايات المتحدة«.
من جهته، وصف كروكر عملية توقيع الاتفاقية بأنه »أمر تاريخي«. وأوضح كروكر ان »اتفاق الإطار الاستراتيجي« سيحدد العلاقات بين البلدين لسنوات مقبلة »اقتصاديا وثقافيا وعلميا وتكنولوجيا وصحيا وتجاريا، من بين مجالات أخرى كثيرة«. وأضاف »هذا سيذكرنا جميعاً انه بينما تواصل القوات الأميركية الانسحاب من العراق اعترافاً بالمكاسب الأمنية الكبيرة التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية بأن علاقتنا ستتطور بطرق عديدة هامة«.
وأكد زيباري، خلال لقائه السفير الإيراني لدى العراق حسن كاظمي قمي في بغداد، أن الاتفاقية لا تتضمن أي بنود للمساس بمصالح الأمن القومي لدول الجوار، وأن العراق لن يستخدم كقاعدة للاعتداء على أية دولة مجاورة. وكانت طهران أعلنت معارضتها للمعاهدة، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي لم يرفض الاتفاق علناً، موضحا انه على الولايات المتحدة أن تأخذ وجهات نظر المسؤولين العراقيين بجدية. وقال رئيس السلطة القضائية في إيران آية الله محمود هاشمي شهرودي إن الحكومة العراقية أبلت جيداً في ما يخص هذه« المعاهدة. ونقل موقع التلفزيون الإيراني على الانترنت عن شهرودي قوله »نأمل أن تكون النتيجة (النهائية للاتفاقية) في مصلحة الإسلام وسيادة العراق«. في إشارة إلى انسحاب قوات الاحتلال كما نصت عليه الاتفاقية. إلا أن النائب علي اقازادة حذر من الاتفاقية تمنح شرعية لمواصلة احتلال الولايات المتحدة للعراق. وقال »انه اتفاق لا يعتمد عليه. إن الولايات المتحدة ستحاول تمديد وجودها في العراق«.
وفي دمشق، لم يكد وزير الإعلام السوري محسن بلال ينهي كلامه خلال افتتاح اجتماع لوزراء الإعلام العرب في دمشق، معرباً عن خشيته من أن تتحول الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، إلى مكافأة للاحتلال والى إطار يسمح لاميركا بان »تشن هجمات على الدول المجاورة«، حتى ثارت حفيظة الوزير العراقي فاروق عبد القادر، معتبراً تصريحات مضيفه »تدخلاً في شؤون بلاده«. هنا تدخل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عارضاً على الرجلين»فنجان قهوة«.
وأعلن مصدر برلماني انه وخلال القراءة الأولى لمشروع المعاهدة في البرلمان وقع جدل حاد بين أعضاء الكتلة الصدرية، وعددهم ٢٩ نائبا، ورئيس البرلمان محمود المشهداني حول جدول أعمال الجلسة، التي شارك فيها أكثر من ثلثي النواب. وطالب النائب الصدري عقيل عبد الحسين »بحذف الاتفاقية من جدول الأعمال، وإجراء قراءة أولى لمسودة قانون المصادقة على المعاهدات الدولية«.
ويحاول الصدريون إقرار قانون المعاهدات الدولية الذي يتطلب مصادقة ثلثي النواب لتمرير الاتفاقيات الدولية، أي ١٨٤ صوتا، من أصل ،٢٧٥ قبل إقرار المعاهدة. وأشار المصدر إلى أن المشهداني قرر، على أثر الجدل، تقديم مشروع المصادقة على المعاهدات الدولية، قبل المعاهدة. وتمت قراءة الاتفاقية وقانون المصادقة على المعاهدات الدولية أولياً قبل أن يتم رفع الجلسة إلى اليوم، على أن تتم القراءة الثانية غداً.
واعتبر النائب عن »الائتلاف العراقي الموحد« قاسم داوود أن »تمرير الاتفاقية لا يرتبط بهذا القانون«، في إشارة إلى قانون المعاهدات الدولية، موضحاً انه »وفي حال عدم تشريعها ستمرر الاتفاقية عبر القنوات الاعتيادية، وبعدها لن توصد الأبواب وسيأخذ التصديق طريقه، ولا اعتقد أن هناك أي ربط بين مشروع القانون ومصادقة الاتفاقية«. وقال داوود »استطيع القول إن الائتلاف قد حسم أمره باتجاه التصويت لمصلحة الاتفاقية، وكذلك التحالف الكردستاني وكتل داخل جبهة التوافق حسمت أمرها، والحزب الإسلامي على الطريق في هذا الأمر«. وتابع »لا اعتقد أن كتلة القائمة العراقية والحوار الوطني وحزب الفضيلة يختلف موقفهم«. وأوضــح »نحــن أمــام حالة وجود أغلبية واضحة تؤيــد الاتفاقية وتؤيد الســيادة العراقية وانتقال السـيادة بــيد العراقيين«.
وأعلن زعيم »جبهة التوافق« عدنان الدليمي أن لدى الكتلة تحفظات على الاتفاقية رغم تأييدها المبدئي لها، مشيرا إلى انه يتعين على الحكومة العراقية والقوات الأميركية العمل معا لضمان عدم تهميش العراقيين أو تعرضهم للاعتقالات العشوائية، وأفضل سبيل لضمان ذلك هو الاستفتاء.
ميدانياً أصيب ٢٦ عراقياً في انفجارات وهجمات في السليمانية في إقليم كردستان والعمارة.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...