الأسعار منخفضة نفسياً فقط
عاد أيار من جديد حاملاً في جعبته إلى جانب عيد العمال هذه السنة، ذكرى عدها الكثيرون سوداء هي ذكرى العام الأول على اتخاذ الحكومة قرار رفع أسعار المشتقات النفطية (وتحديداً المازوت)، الأمر الذي ساهم في اشتعال أسعار السلع والخدمات في سورية كلها، أياً كان النوع أو العدد.
حاورنا زبائن أسواق الغذاء في دمشق لاستبيان بعض آرائهم حول هذه الذكرى، وكان أبو علي أول المتحدثين حيث قال مستهجناً السؤال: «ما رأيك أنت؟ تسألني عن رأيي، لقد خربوا بيتنا في قرارهم هذا، ألا يروا أن الأجور لم تعد تكفي إلا لشراء الخبز والبطاطا؟ ألم يكن لديهم أي نظر لاستقراء ما سيحل بالناس بعد هذا القرار؟»، لقد بيّنا في عدة مرات خلال متابعتها لحال السوق على مدار الشهور الماضية أن الأسعار لم تعد تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، وبينت كذلك عناصر ما سماه البعض «أزمة السوق المحلية» التي ساهم في اشتعالها رفع أسعار المازوت الذي انعكس في أيامه الأولى فوضى في قطاع النقل تلاها عزوف الناس عن شراء الكماليات فترةً طالت شهوراً- وإن تخللها بعض فورات التسوق عند المناسبات والأعياد.
بدوره قال أبو جمال (أحد الباعة في سوق الجمعة): «تراجعت حركة السوق بمجرد إقرار الحكومة رفع الأسعار العام الماضي، ولكن المضحك هو أن الحكومة عاودت خفض سعر ليتر المازوت خمس ليرات ظناً منها أن السوق قد تزداد انتعاشاً، ليس ذلك فحسب بل (مننونا) بهذه الليرات الخمس، ولكن ما الذي يمكن أن يفعله تخفيض قدره خمس ليرات؟ يجب أن تعلم الحكومة أن أسعار النقل والشحن لا تزال مرتفعة وهذا هو السبب الأساسي في ارتفاع أسعار بقية السلع!». ولكن السلع لم تعد مرتفعة الأسعار في نظر البعض لماذا؟ يقول أحد الزبائن المتوقفين على بسطة في سوق الهال: «إن الأسعار استقرت عند سقف معين، ثم عاودت الانخفاض جراء الركود الطويل الذي عانت منه الأسواق عموماً، فساد لدى الناس أن الأسعار لم تعد مرتفعة إلى ذلك الحد الكبير، ولكن الأمر الغائب عن بال الكثيرين هو أن الفترة ليست فترة أعياد أو مناسبات خاصة كالأعياد وافتتاح المدارس ومواسم المونة، فانتظر قليلاً بعد حتى يحين موعد رمضان وعندها فقط انظر إلى الأسعار، هل يظنون أنها ليست مرتفعةً؟ إنها مجرد فترة خارج الحساب!»، ربما كان لهذا الزبون الذي فضل عدم ذكر اسمه شيء من عمق الملاحظة، فالأسعار التي يراها البعض مقبولةً إنما هي مقبولة نفسياً وليس عملياً، وقبولها ناجم عن رغبة الناس في بقائها ثابتةً على الأقل بما يساعدهم على التحكم بإنفاقهم وفق جداول محددة، تقول أم سعيد: «أنا أتابع الأخبار يومياً وأعرف أن أسعار النفط انخفضت في العالم كله، وأسعار المازوت انخفضت أيضاً وتحديداً في البلدان المجاورة.
هكذا استقبل الناس الذكرى السنوية الأولى لرفع أسعار المازوت، أما الأسعار التي التهبت بعد هذا القرار فاستقبلت الذكرى السنوية باستقرارها على ارتفاع نسبي- وانخفاض نفسي كما يحب البعض- مقارنةً بما قبل رفع الأسعار.
وسيم الدهان
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد