الأزمة المرورية في دمشق خارج السيطرة

12-07-2007

الأزمة المرورية في دمشق خارج السيطرة

مشاريع موعودة واحلام مؤجلة في جعبة محافظة دمشق وبالمقابل اختناقات مرورية وصلت حد الازمة الخانقة وتحولت بعض المحاور الرئيسية الى مرائب للسيارات المتوقفة بفعل الضغط المروري
حل المعضلة يحتاج خطوات متوازنة باتجاه تسريع انجاز المعابر الطرقية من جسور وانفاق واقامة طرق وتحسين منظومة النقل الجماعي وانشاء نظام للمراقبة المرورية ونقل مراكز الانطلاق والدوائر الحكومية خارج المدينة واقامة مزيد من المرائب الطابقية ولعل الخطوة الأشمل تتمثل بإعادة تنظيم المناطق العمرانية وانجاز الميترو.‏‏ اسهم دخول اعداد هائلة من السيارات الى دمشق والمحافظات خلال العامين الاخيرين في تعقيد الأزمة المرورية في الوقت الذي بدأ العمل في المتحلق الجنوبي منذ ربع قرن وتحديداً في عام 1982 ورغم أهميته لايمكن التكهن بموعد الانجاز وتحول بفعل مرور الزمن من محور يخترق الحزام الزراعي في غوطتي دمشق الغربية والشرقية الى شارع يخترق التجمعات السكنية حيث اتصلت المدينة بريفها وضاعت المسافات.‏‏
شوارع دمشق المركزية على حالها منذ 30 عاماً حيث بدأت العمل كسائق عمومي كما يوضح عاطف قبلان وأخذت تظهر بوادر الأزمة في شوارع دمشق في السنوات العشر الأخيرة ولكن العام الماضي وهذا العام أصبح الوضع سيئاً فعدد السيارات زاد كثيراً ولا تتوقف المشكلة عند زيادة العدد وإنما معظم أصحاب السيارات الجديدة خاصة النساء لايجيدون قيادة السيارة.‏‏
وشارك محمد الأنصاري سائق عمومي قبلان الرأي بالواقع المتفاقم للمرور بدمشق خاصة لجهة غياب الوعي بقواعد المرور وعدم احترام النظام مؤكداً أنه يومياً يصادف سيارات متوقفة, أصحابها لايعرفون شيئاً عن الحالة الميكانيكية للسيارة ما يجعلهم حائرين وعزا ذلك لسوء التدريب في مدارس السياقة ومنح شهادات السياقة بالواسطة.‏‏
تفاقم الأزمة المرورية حسب تعبير العميد فاروق موصللي مدير إدارة المرور حتمي طالما الخلل قائم بين عدد المركبات والهندسة المرورية ففي الوقت الذي تطور فيه عدد رخص السياقة الممنوحة ما بين عامي 2001و2006 من 79 ألفاً إلى 223 ألف رخصة سياقة نجد أن البطء يلاحق تنفيذ الحلول المرورية في دمشق فدخلت في السنوات الست الأخيرة 6 حلول مرورية بالمدينة. وفي حين يحتاج الحل المروري لسنوات حتى يدخل الخدمة لدينا نجده في الأردن على سبيل المثال منجزاً في 4 أشهر وأوضح العميد موصللي أن الجهات المعنية بالمرور هناك أنجزت خلال 15 سنة الماضية 86 تقاطعاً مرورياً وتسعى لغاية 2010 إلى انجاز 136 تقاطعاً.‏‏
وتضاعف عدد المركبات في سورية ما بين عامي 2001 و2006 ففي حين كان عددها 780 ألف مركبة وصل بنهاية العام الماضي العدد إلى 1,2 مليون آلية وفي دمشق قفزت الآليات ما بين عامي 2005و2006 من 204 آلاف مركبة الى 250 ألفاً وفي ريف دمشق حيث التداخل بين المحافظتين قفز الرقم من 122 ألف مركبة الى 150 ألف مركبة.‏‏
وأخذ موصللي على وزارة النقل عدم التشدد في مناهج تدريب السياقة في المدارس وضعف الجانب النظري والعملي خلال التأهيل وبذلك يعطى المتدرب رخصة سياقة تهدد حياته وحياة الآخرين ويضاف لذلك ضعف الثقافة المرورية لمستخدمي الطريق من سائقين وركاب ومشاة.‏‏
وكشف موصللي النقاب عن نقص تجهيزات فرع مرور دمشق من سيارات ورادارات ويقابل ذلك نقص في الحوافز رغم ان عناصر المرور يتعرضون لأسوأ الظروف الجوية ولضغط كبير يمكن تقليصه على الأقل في حال توفر منظومة نقل جماعي تعالج عدد سيارات الأجرة البالغة 30 الف يضاف لها 14 الف سيرفيس في دمشق.‏‏
جزم المهندس طارق ابراهيم العاسمي مدير هندسة المرور والنقل بالمحافظة بان مراكز الانطلاق سترحل خارج المدينة وبعد نقل مركز البرامكة الى السومرية منذ اسبوعين طلب محافظ دمشق وقبل بداية العام الدارسي انجاز نقل مركز الانطلاق المتواجد جانب ملعب تشرين الى نهر عيشة ونقل مركز انطلاق درعا والسويداء والبولمانات الموجودة حالياً في السومرية الى شارع 30 أما الهوب هوب في القابون وقبل نهاية العام تقرر نقله الى مركز البولمان الحالي.‏‏
ويبدو أن هناك بوادر لحل مشكلة النقل الجماعي ويوضح المهندس العاسمي ان شركة قدرة الاماراتية قدمت عرضاً مغرياً للاستثمار في النقل الداخلي بدمشق دون زيادة التعرفة في الوقت الذي وافقت فيه وزارة المالية على تخصيص 300 مليون ليرة لتمويل استيراد 600 باص صيني لتدعم اسطول شركة النقل الداخلي ومع ذلك فصفقة الباصات الايرانية ما زالت قائمة وان تأخرت بعض الشيء والحديث للعاسمي ويقول ان الشركة الايرانية سلمت وزارة النقل الدراسة الفنية المطلوبة تمهيداً لاستقدام الباصات.‏‏
ولدفع أصحاب السيارات للوقوف في المرآب القائمة وقعت المحافظة مع شركة طيف وكيلة شركة باركيون الفرنسية عقد استثمار مواقف السيارات في الشوارع الرئيسية لمنع التوقف العشوائي.‏‏
وجاءت التعرفة اعلى منها في المرآب الرسمية وحددت الساعة الاولى 50 ليرة سورية وكذلك الساعة الثانية وبعد ذلك تصبح الساعة 100 ليرة سورية ونوه المهندس العاسمي الى أن غرفة التحكم المرورية متابعة من قبل محافظة دمشق ووزارة الاتصالات والداخلية علما بأن شركة سيسرا الفرنسية بدأت بالدراسة في مرحلتها الرابعة ومدة انجازها مع المرحلة الخامسةو الاخيرة عام ونصف يصار بعدها إلى اعداد الاضبارة التنفيذية أو عرض المحور للاستثمار على نظا مT .O.B وهو يمتد من القابون الى السومرية بطول 12كم.‏‏
يقر المعنيون في محافظة دمشق بان بطء تنفيذ الحلول المرورية ساهم بواقع مروري سيىء في المدينة وفي هذا السياق يقول المهندس معن قنواتي مدير الاشراف في محافظة دمشق ان العمل بدأ في المتحلق الجنوبي عام 1982 وبقي يسير دون ضوابط زمنية واضحة للانجاز الى ان توقف لفترة طويلة عند العقدة الخامسة على طريق المطار .‏‏
شعرت الجهات الوصائية بخطورة الواقع المروري المتدهور ما دفعها إلى الاقلاع بالعمل في عام 2000 من خلال استكمال توسيع المسار من العقدة الخامسة الى حرستا والتركيز على العقد التي تخدم التقاطعات الرئيسية .‏‏
وأوضح قنواتي ان عقدة حرستا والتي تربط المتحلق باوتستراد دمشق حلب ستكون في الخدمة خلال ايام في حين عقدة قصر الشعب التي تربط المتحلق مع اوتسترادي بيروت والقنيطرة وعقدة كباس الدويلعة التي تربط المدينة بالمليحة ونفق كشكول سيكون في الخدمة نهاية الشهر القادم أما عقدة جوبر ونفق حرملة فانهيا من الناحية الانشائية ولكن عدم توفر السكن البديل يعيق دخولهما الخدمة كما تدخل عقد الشام الخدمة نهاية العام .‏‏
و ابدى المهندس قنواتي تقديره للجهود التي بذلتها مؤسسة الانشاءات العسكرية في انجاز الجزء الأكبر من المتحلق الجنوبي منوها ان تباطؤ الانجاز يعود لعدم توفر السكن البديل لنحو الفي اشغال معظمها موجودة على جانبي المسار و لهذا قررت المحافظة تسريع العمل في العقد المرورية و تأخير توسيع المسار و بذلك تتم المناورة في شقق الحسينية البالغة 960 شقة.‏‏
في الجانب العمراني بقيت الشركة العامة للدراسات و الاستشارات الفنية تعالج و تدقق بمصور دمشق العام في مراحله الأربعة ,خمسة عشر عاماً وإذ بها بعد هذه المدة تسلم محافظة دمشق مصور المدينة حسب الوضع الراهن. و يقول المهندس عبد الفتاح اياسو مدير التنظيم و التخطيط العمراني بالمحافظة ان المحافظة بصدد التعاقد على تحديث المصور العام متضمنا استراتيجية مرورية و بالمقابل تم انجاز خارطة مرائب حددت مواقع 100 مرآب في مختلف انحاء المدينة . و من المواقع المقرة كمرائب .. تحت حديقة المدفع - تحت حديقة عرنوس - شرق باب شرقي - مقسم 50 تنظيم البحصة مقابل وزارة الداخلية - تحت مدينة المعرض القديم - مقسم 12 شارع الثورة . و تسعى المحافظة من خلال المناطق العمرانية التي تم اقرارها الى زيادة عدد العقد المرورية و بما يحسن الشبكة الطرقية القائمة حالياً لتوفير انسياب مقبول للغزارات المرورية.‏‏

دراسات في الأدراج‏‏

لم ينكر المهندس مأمون الذهبي استشاري في النقل وهندسة المرور قيام محافظة دمشق بتنفيذالعديد من المشاريع الطرقية ولكنه بالمقابل يقول انها جاءت غير مبنية على منهجية منطقية خاصة ان المحافظة وبالتعاون مع وكالة التعاون اليابانية جايكا وخلال الفترة مابين 1995م و 2000 م وضعت المخطط العام المروري لغاية عام 2020م وتم تحديد برنامج زمني لتنفيذالمخطط موزع على مراحل 2005م -2010-2020-.‏‏
وتدعو بعض التوصيات الى سرعة تنفيذ المشروعات المرورية وتطوير النقل الجماعي وتحسين محور شمال جنوب وشرق غرب والدوار الداخلي الجنوبي والاخير يحتاج لحلول مرورية في محاور بلال والشيخ رسلان وباب مصلى والمجتهد.‏‏
- تم القيام بعد ذلك بدراسة مع شركة فرنسية للبدائل المناسبة لوسائط النقل العام واختيار المحاور التي ستحتاج إلى نقل سككي وتقوم الآن محافظة دمشق باعداد دراسات تفصيلية لاكمال هذه الدراسة.‏‏
- قامت محافظة دمشق بإعلان مسابقات مرورية لدراسات متعلقة بمحور المهدي بن بركة والمحاور المتعلقة بذلك ومسابقة أخرى للدراسة المرورية والعمرانية لمحاور شمال جنوب مدينة دمشق نتج عن هذه المسابقات أفكار وحلول كثيرة جيدة لمدينة دمشق ومايجب فعله اعداد دراسة تفصيلية لمايجب أن يتم تنفيذه من هذه الدراسات .‏‏
من خلال الأفكار المطروحة نجد أن الدراسات الهندسية لقطاع المرور والنقل موجودة ولكن التطبيق غير منسق ولايتم وضع أولويات للتنفيذ تتناسب مع ماتتطلبه الحاجة والحلول اللازمة للأزمة المرورية .‏‏
فلو تم استعراض المخطط والبرنامج الزمني لتنفيذ المشاريع الطرقية للخطط الموضوعة قبل عام 2000م (دراسات المخطط العام المروري مع جايكا دراسات المصور العام للمدينة ) لوجدنا أن ماتم تنفيذه لم يكن وفق المخطط الموضوع وسرعة التنفيذ لاتتناسب والحاجة المطلوبة لزيادة عدد السكان وعدد الآليات وحجم الطلب على النقل.‏‏
وكمثال على ذلك كان من المتوجب تنفيذه مابين عام 2000-2010م وفق خطط سريعة ومتكاملة المشاريع التالية:‏‏
محور شمال جنوب مدينة دمشق وربط شارع الثورة مع المدخل الجنوبي .‏‏
اكمال العقدة في الجزء الشرقي من الدوار الداخلي الجنوبي .‏‏
وضع حلول وتوسيع شارع 6 تشرين للأزمة الحاصلة عند عقدة القابون .‏‏
تنفيذ نظام التحكم المروري وغرفة العمليات مابين عام 2000-2003 حيث تؤدي إلى تحسين الأداء المروري بنسبة 30% وتخفيف الازدحام.‏‏
استكمال تنفيذ المتحلق الجنوبي بكامل العقد الطرقية على مساره وكان من المفترض الانتهاء منها بنهاية عام 2005‏‏
استكمال التنفيذ للمتحلق الشمالي مع العقد الطرقية على مساره .‏‏
من المفترض ان يتم تطوير النقل العام بشكل متكامل بالباصات ما بين عامي 2000 - 2010 حيث كان مقترحا تنفيذ خط شرق غرب المدينة بالباصات واستخدام الميكروباصات المتوسطة بحجم 30 راكبا لعدد تسعة عشر خطا في المدينة وانشاء بعض الخطوط للباصات في الشوارع التي تسمح بذلك مع انشاء محطات تبادل بمختلف اطراف المدينة وصولا لانتهاء الدراسات التفصيلية لخطوط النقل السككي ليتم البدء بالتنفيذ لخطين المترو (شرق غرب شمال جنوب) مع بداية عام 2010 ليتم استثمارها في عام 2015 وحتى 2020 لتتناسب مع الطلب وزيادة حجمه على النقل.‏‏
يتضح مما تقدم ان وتيرة انجاز العقد المرورية خاصة الموجودة على مسار المتحلق الجنوبي شهدت هذا العام نقلة نوعية وكذلك لجهة تخفيف الضغط عبر اخراج مراكز الانطلاق ولكن خطوات كهذه لايمكن ان تعالج ازمة استفحلت بدمشق ولابد من توفير السيولة المالية اللازمة لانجاز الحلول المرورية وتقليص الاجراءات الروتينية بتدخل من مجلس الوزراء على ان تطال الاجراءات التعاقد وفتح الاعتماد ومتابعة التنفيذ.‏‏
وتحتاج الازمة المرورية الى تطوير القوانين بما يضمن تقديم تعويض مالي للشاغلين كما هو الحال للمالكين في الاشغالات السكنية وبهذا تحل مشكلة السكن البديل وكذلك انصاف الشاغلين كما هو حال المالكين في المنشآت الصناعية والتجارية.‏‏
ان تكبيل القطاع العام بانظمة وقوانين تعيق روح المبادرة وتخوّن الموظف الحكومي على النيات وليس الافعال وعدم مكافأة العنصر المتميز اضحت قضايا تحتاج لاعادة نظر ان اريد لعجلة التطور ان تأخذ المسار الطبيعي.‏‏

تحقيق فوزي المعلوف
المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...