اعتصامات حديقة كيزي وأكاذيب إيردوغان وتداعياتها الإقتصادية
جولة (الجمل) على الصحافة التركية- ترجمة: محمد سلطان:
ضرب العيش السلمي واللعب على الوتر الديني
تمت الدعاوي وتم الاحتفال بعيد القنديل بفرحة عارمة وأقيمت صلاة الجمعة بشكل جماعي واستقبل بناتنا المحجبات بإحترام فائق وعندما كان يتلى الأذان كان الجميع يلتزم الصمت والهدوء, ولكن مهما فعل المتظاهرون الشباب في حديقة كيزي لن يرضونه. فالمقتدر لا يشبع من الأكاذيب, ويحاول أن يسقط هؤولاء الشباب من أعين القطاع المتحفظ ويعمل ما بوسعه لجعلهم هدفاً لهذه الفئة من الشعب. إنه لا يتردد في اللعب بالنار, وهو دائماً يذهب إلى النار محملاً بالحطب. على سبيل المثال؛ اتهم الذين لجأوا إلى جامع والدة سلطان في دولما باهتشي هرباً من قمع الشرطة بأنهم كانوا يمارسون طقوس شرب الخمر والبيرا ويمارسون الجنس ضمن الجامع, دون أن يرى الحاجة للتحقق من صحة هذا الأمر وبذلك يكون قد تمسك بحبل الكذب والفتنة.
ويصر على تكرار ذلك في كل مكان وفي كلمة يلقيها على أنها واقعة حدثت بالفعل, ولكن حتى الحمامات في حديقة كيزي باتت تعرف أن هذه الافتراءات مقصودة لنشر الانشقاقات في صفوف المواطنين ونشر العداوة والفتنة بينهم عن طريق الدين والفتن التي يغذيها في قلوبهم.
لذلك قام كلاً من إمام الجامع المذكور فؤاد يلدرم ورئيس حركة "الإسلام المعادي للرأسمالية" إحسان إيلي أتشيك بتكذيب هذه الادعاءات بل وصرحوا أيضاً بأن هذه التصريحات هي عبارة عن مؤامرة تحضر ضد الشعب التركي للنيل من تعايشه السلمي.
ولكن المقتدر لا يكتفي عند هذا الحد؛ فجر قنبلته الثانية واتهم المتظاهرين أنهم قاموا بجر بناتنا وأخواتنا المحجبات في الطرق وأهانوهم دون إظهار أي دليل يثبت ذلك. وعندما يتكلم عن مثل هذه الأمور يقولها بطريقة وكأنه عايش الحالة وشاهدها بأم عينيه. ولكن أصحاب الوعي أطفأوا شمعة الكذب هذه قبل احتراقها, فقد كذّب رئيس بلدية بهتشلي إولير عن حزب العدالة والتنمية السيد عثمان دولي أوغلو تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وقال أن رئيس الوزراء حاول توتير المجتمع دون الاستناد إلى أي دليل في أقواله. ويكون بذلك قد ارتاح مجتمعنا بعد هذا الخبر الذي نقلته صحيفة يورت نقلاً عن دولي أوغلو الذي يعرف بتقربه وقرابته بزوجة ابن رئيس الوزراء.
ولكن المقتدر لا يقف عند هذا الحد؛ يحرض ويحرض, يجيش ويجيش, يثير الفتنة ويثيرها. والآن ادعى أنه تم مهاجمة وإذلال إثنتين من البنات المحجبات اللتان تقيمان في السكن التابع لمعهد خاص لتعليم القرآن الكريم في منطقة السعادية عندما ذهبتا إلى البقال لشراء بعض الحاجات. بعد هذا الادعاء انطلق سلامي أوزتورك رئيس بلدية قاضي كوي ليتحرى عن الموضوع واجتمع مع جميع مدراء ومسؤولو معاهد القرآن في المنطقة المذكورة ولم يحصل على أي شكوى من هذا النوع, بل وعلى العكس شكر مدراء هذه المعاهد أهالي تلك المنطقة بسبب خدماتهم والمساعدات التي قدموها لهم. كما أنه لم تصل إلى مفتي مدينة قاضي كوي أي شكوى من هذا القبيل.
كما كان رئيس الوزراء قد صرح سابقاً بأنه استشهد 53 مواطناً سنياً في التفجيرات الإرهابية التي حصلت في مدينة الريحانية في محافظة هاطاي (لواء اسكندرون). ونستطيع أن نرى من هنا أن أردوغان يستخدم الدين ويلعب على الوتر الطائفي لزراعة الفتنة والتفرقة الطائفية والمذهبية بين صفوف المجتمع التركي.
(أوغور دوندار – صحيفة: سوزجو)
تركيا اقتصادياً بعد حادثة كيزي
حادثة اعتصامات حديقة كيزي سوف تدخل التاريخ بسبب أهميتها. هل بالفعل سوف تكون نقطة تحول تاريخية كما توقع الكثير من الخبراء والمحللون؟ لا أستطيع التكهن بذلك تماماً. التاريخ هو من سيحكم هذا الأمر. ولكن أعتقد أنه بوسعنا تقبل فكرة أن هذه الحادثة عرّت النوايا الداخلية لحزب العدالة والتنمية, كما أنها هزت معنوياتهم المرتفعة. وهذه الاعتصامات أضحت وسيلة لفئة كبيرة من المجتمع من شريحة المثقفين المقربين من الفكر الليبرالي لينخرطوا في السياسة ممن لا رابط لهم بالفكر السياسي الإيديولوجي لتركيا القديمة, ووضعوا الحدود للتصورات التي أراد أن يرسمها حزب العدالة والتنمية للمجتمع التركي بإنشاء مجتمع متحفظ مبني على أساسات الأخلاق.
أنا أشك أن حزب العدالة والتنمية على يقين بهذه الحدود. فهم يعتقدون بأنهم يواجهون مؤامرة كونية تحاك ضدهم. من جهة يستمرون بالمفاوضات والمشاورات من أجل دخول تركيا في الاتحاد الأوربي, ومن جهة أخرى ينتقدونهم بسبب تصريحاتهم التي تناشدهم بالكف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين.
من جهة يتهمون لوبيات الفوائد والأسواق المالية الأجنبية بوقوفها خلف الأحداث وتجييشها, ومن جهة أخرى يوترون البورصة بسبب تصريحاتهم ومواقفهم من أحداث حديقة كيزي. إذا كنت تعتقد أن الدول الغربية التي كنت تراها حليفاً لك تريد أن تعلقك من قدميك أفليس من الواجب إعادة النظر بالعلاقات مع الغرب؟
النمو ينذر بالخطر:
التناقضات لدى حزب العدالة والتنمية الحاكم ولدت مخاوف حقيقية عند الشعب في اقتصاد الدولة للمستقبل القريب. منذ زمن ونحن نعاني من نمو بطيء في الاقتصاد الوطني, وأنا أشك أن رئيس الوزراء السيد رجب طيب أردوغان والقيادة في حزب العدالة والتنمية يدرون بهذه الخطورة
أبطلت أو أجلت الإصلاحات في مجالات أسواق العمل. كما تعرض الشعب لخيبة أمل في انتظارهم لإصلاحات راديكالية على الضرائب. في المسودة التي أرسلت إلى مجلس الشعب, إن الدخل القومي يحتوي على 5 بالمئة من ضرائب الدخل وهو بعيد جداً عن معيار الاتحاد الأوربي البالغ 10 بالمئة. إن خبراء الاقتصاد المحليون والأجانب يقولون أن النمو في تركيا عام 2013 يبدو تحت حاجز الـ4 بالمئة, هذا النمو غير كافٍ من ناحية نسبة البطالة المرتفعة, وغير مستقر من ناحية العجز الجاري, وغير مجدي من ناحية الإنتاج والقوة التنافسية في الأسواق. سنخبركم في التفاصيل مع أدلة رقمية في مقالٍ لاحق.
بات النمو طلب داخلي, كما أن العجز الجاري تتم تغطيته بالنقود الساخنة والتمويل الخارجي. إذا كان الاقتصاد التركي مبني على الطلب الداخلي فإن الدولة تحتاج إلى ثقة الاستثمارات الأجنبية وتمويل الأسواق الخارجية. هذه الحاجة لا يجوز ردها تحت مسمى أنها لوبيات الفوائد ورأس مال استثماري مباشر وخصوصاً أن الاتحاد الأوربي يؤمن 80 بالمئة منها. من المحتمل أن ادعاءات المؤامرة سوف تهدده هو أيضاً. ماذا سيفعل عندما سيضطر رفع الفوائد؟ هل سيتهرب من تطبيق السياسة الصحيحة كي لا يكون جزءاً من هذه المؤامرة؟
بالمناسبة, الإصلاحات السياسية مازالت قيد الانتظار, أما مرحلة السلم ذات الأهمية الحياتية متعلقة بمصير هذه الاصلاحات. اصرار حزب العدالة والتنمية على تطبيق النظام الرئاسي سوف يفقدهم الوقت ولن ينالوا إلا المزيد من خسارة الوقت. كما أن هذا الاصرار سوف يفقد السلطة توازناتها وسيعرضها لحالة عدم الاستقرار. على حزب العدالة والتنمية أن يعيد صياغة جدول أعماله ويعيد ترتيب أولوياته وأن يتخلى عن تصورات الأخلاق التي تزيد من توتير المجتمع, وإلا النمو البطيء سوف يضعف أكثر مما هو ضعيف. كما قال أسلافنا: "تحصد كما تزرع".
(سيف الدين كورسيل – صحيفة: راديكال)
جر العسكر نحو المظاهرات ونتائجه على الشعب والحكومة
النظام التركي يسعى خلف لعبة خطيرة جداً. اسم اللعبة: "إرسال الوحدات العسكرية باتجاه الشباب". بالإضافة إلى خطورة هذه اللعبة, إنه تصرف ممكن أن يودي بسمعة وهيبة العسكر التي أصبحت في الأرض. ومن الممكن أن تصل نتيجته إلى حالة معقدة جداً. من الممكن أن ترى الحكومة بإرسال العسكر تجاه المتظاهرين فكرة جذابة بدلاً من الشرطة التي نالت انتقادات واسعة من الشعب بسبب سوء معاملتها للمتظاهرين. لأن الشباب الذين يخدمون الخدمة الإلزامية للعلم سيتواجهون مع حب أخوتهم وأخواتهم في ساحات الاعتصام, وسوف يمنحوهم الفرصة, ولن يظهروا الحقد وردة الفعل عليه كما أظهروها ضد الشرطة. ولكن هذا الموضوع يحتوي على بعض التطورات الهامة في طياته.
الأول: مفهوم "المهمة" لدى العسكر وسبل تطبيقها:
العسكري مهما كان لا يحمل العنف في قلبه فبالنهاية يحمل بندقيةً في يده, وهو مضطر أن ينفذ أي أمر سيأتي من قائده دون أي تردد أو تساؤلات. ولهذا السبب يجب وضع عسكر ذو تفهم عالي لمفهوم المهمة بدلا ً من الشرطة المشترط عليها العنف. ولكن هذا الشيء سوف يؤدي إلى نتائج خطيرة جداً, لأنه لا يمكن تفادي ردة فعل الشباب على العسكر بعد فترة وجيزة من التفهم. نحن لا نعرف إن كان النظام يسعى إلى هذا الشيئ أم لا. ولكن إرسال العسكر نحو المتظاهرين الشباب سوف يؤدي إلى تصارع جهتين متأخيتين وسيجر البلاد نحو توتر أكثر فأكثر.
الثاني: متعلق بالاحترام التابع للعسكر, إن بقي:
ضعوا الجيش والقوات المسلحة أمام أنظاركم؛ من خلال عمليات اركنكون وسيليفري (إركنكون: هي قضية تم فيها إعتقال عدد من الضباط والمدنيين بتهمة التخطيط لإنقلاب عسكري ضد الحكومة. سيليفري: هو السجن الذي يوقف فيه المعتقلون من الصحفيين ومن قضيتي إركنكون وباليوظ) تم توجيه ضربات موجعة إلى هذه المؤسسة وتمت معاملة الموظفين والمتقاعدين من الذين يحملون هذا الفكر معاملة لا إنسانية أبداً. وبعد الاعتقالات التي حدثت في سلك الجيش, أدت إلى افساح المجال أمام تعيينات غير متوقعة حولت القوات المسلحة إلى ما يشبه مركز أرصاد تابع لإمرة الحكومة. ولذلك لمن يريد قطع العلاقات كاملاً بين الجيش الحالي والشعب, سيجد متعة فائقة بإرسال الجيش اتجاه الشباب.
والسؤال الذي يطرح نفسه: طالما الحكومة لديها الصلاحية للقيام بذلك, إذا من الذي يمنع هذا القرار؟
ولكن ليس كل شيء كما هو مكتوب على الورق. لو كان كذلك, لفكر الشباب بأنه "ما خصنا نحن؟ ما علاقتنا؟ فليفكروا الـ50 بالمئة من الذين صوتوا لأردوغان بمستقبل تركيا ومصلحتها". ولهذا السبب أنا أؤمن أنه مازال هناك أمل. من المطلق أن أحدهم سوف يرشد الذين يقرروا إرسال الجيش نحو الشباب إلى الطريق الصحيح. وأعتقد أن هؤولاء سيكونون ضمن القوات المسلحة التركية, أو ضمن العقلاء والمنطقيون الذين أؤمن بوجودهم ضمن صفوف حزب العدالة والتنمية.
البارحة أقنع حزب العمال الكردستاني للنزول من الجبال وسحب العسكر ووضع قوات الشرطة مكانها. واليوم يريد أن يسحب الشرطة ويضع قوات الجيش بدلاً منها في الاعتصامات. لأنه هذه المرة يقف بوجههم شباب مصطفى كمال أتاتورك.
لا أعلم إن كان سوف يسمع النصيحة...
ولكن يجب على أحدهم أن يشرح لأردوغان جيداً أنه إذا دخل العسكر ضمن هذا الموضوع فسوف تنجر الأزمة إلى مرحلة فوضى عارمة . ومن الممكن أن يبقى أردوغان تحت عبئ هذه المرحلة.
(البروفيسور الدكتور سعاد تشاغليان– موقع: أوضا تي في)
لوبيات الفوائد (İnterest lobby)
لا أستطيع إيجاد سبب منطقي من تحميل أردوغان للوبيات الفوائد مسؤولية وقوفهم خلف أحداث اعتصامات حديقة كيزي واتهامهم بتجييش المواطنين ضد الحكومة. الشهر الماضي في أواسط شهر أيار تم الإعلان عن تصنيف ضرائب المؤسسات, وحاز بنك كارانتي على المرتبة الأولى, ويليه في المرتبة الثانية بنك العمل, ويليه آك بنك في المرتبة الثالثة. وبحسب هذا التصنيف, يوجد في المراتب العشرة الأولى ثمانية بنوك. لأول مرة في تاريخ تركيا تصعد إلى هذه المراتب المتقدمة وتسجل هذا الرقم المرتفع من الضرائب. بمعنى آخر؛ البنوك حققت أرباحاً خياليةً, وصفق لها وزير المالية محمد شمشيك ووصف هذه المؤسسات بالأبطال الحقيقيون.
لم تسجل هذه السنة أي شكوى من البنوك في تركيا. بالإضافة إلى أن الفوائد حققت أرباحاً تعادل تسعة أضعاف المعدل في دول الاتحاد الأوربي. إذاً لماذا ستحاول لوبيات الفوائد زعزعة الاقتصاد؟ وما مصلحتها من دعم الاعتصامات وتجييش الشعب ضد اسقاط النظام!!؟ لا أحد يجد تفسير منطقي لهذه التساؤولات.
ولكن المهندس المعماري دوغان هاصول علق على الموضوع وقال: «على الأرجح بعد بدء هذه الاحتجاجات استعان أردوغان بتقرير خبراء أجانب وجهزوا له تقرير أجنبي عن هذه الأحداث وذكر في التقرير مصطلح "interest lobby"وهنا كلمة interest في اللغة الإنكليزية تأتي بمعنى فائدة أو بمعنى مصلحة, ومصطلح interest lobby هو مصطلح شائع يستخدم بمعنى لوبيات المصلحة. فأنا أعتقد أنه تم خطأ في الترجمة وسوق التقرير على أنها لوبيات الفوائد بدلاً من لوبيات المصلحة».
في الحقيقة لا يجوز استبعاد هذا الاحتمال أبداً.
(مليح عاشق – صحيفة: ملّييت)
الجمل
إضافة تعليق جديد