اختتام الملتقى الأول لحالة سكان سورية
تأتي ضرورة انعقاد ملتقى السكان الأول في سورية في وقت تبرز فيه المشكلة السكانية، حيث يمكن تحديد أهم معالمها بالارتفاع المستمر لحجم السكان في سورية، وباختلالات التوزع الجغرافي- السكاني.
وبترهل الخصائص النوعية السكانية، ورغم أن وتيرة معدل النمو السكاني قد تراجعت من حوالي 3.2% وسطياً خلال مرحلة النمو السكاني السريع 1947 ـ 1994، إلى ما يقدر بحوالي 37،2% خلال العامين 2006 ـ 2007، إلا أن هذا المعدل يعد مرتفعاً على مستوى الوسطي العالمي لمعدل النمو.
والخطورة أن هذه الزيادة السكانية المرتفعة ستؤدي إلى تراجع نصيب الفرد من الإنفاق على التعليم والصحة والإسكان والنقل والمواصلات، وتدني حصته من موردي الأرض الزراعية والمياه المحدودين في الأصل، كما ستجعل الحد من البطالة والأمية والاكتفاء الغذائي أكثر صعوبة، وهكذا لن يؤثر استمرار معدلات الإنجاب المرتفعة مستقبلاً على نوعية الحياة فحسب، وإنما قد يشكل أيضاً تهديداً للاستقرار الاجتماعي.
المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء في كلمة ألقاها أمس في افتتاح الملتقى الوطني الأول لحالة سكان سورية 2008 قال:
أشير إلى طبيعة العلاقة بين السكان والتنمية باعتبارها من أكثر العلاقات إشكالية في المجتمعات المعاصرة، بوصفها علاقة دينامية، من حيث تبادل الأثر والتأثير، ذلك أن هدف التنمية هو الإنسان، وهو في الوقت ذاته أداتها ومنطلقها، وعليه فإن أي خلل في توازن هذه العلاقة ستنشأ عنه تداعيات اجتماعية، وتحديات اقتصادية وثقافية لا يمكن تجاهلها، أو التغاضي عن آثارها وانعكاساتها على عملية التطوير والتنمية واستقرار وتماسك المجتمعات البشرية.
وأكد أننا في سورية لم نكن بعيدين عن آثار المتغيرات السكانية، إذ شهدت سورية منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي زيادات كبيرة في عدد السكان، وتغيرات مستمرة في توزعهم الجغرافي، فقد تزايد حجم سكانها أربعة أضعاف خلال الفترة 1960 ـ 2004، وأضاف عطري: من الطبيعي أن يشكل ازدياد السكان، وارتفاع نسب النمو السكاني غير المدروسة وغير المنظمة معضلة حقيقية، وعبئاً ثقيلاً على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وسيكون هذا العبء أكثر صعوبة وخطورة مستقبلية، في ظل محدودية الموارد، إذا لم يتم القيام بتدخل فعال.
وقال رئيس مجلس الوزراء: لقد خلق هذا الوضع تحديات ماثلة أمام الجميع، ومن هنا انبثقت وتنبثق أهمية البرامج الحكومية على صعيد المسألة السكانية، وما يرتبط بها من توجهات حول قضايا تنظيم الأسرة، والصحة الإنجابية، وتوفير مستلزماتها وسبل نجاحها، إلى جانب التركيز على السياسات السكانية الخاصة بإعادة توزيع السكان على المناطق والمحافظات بصورة أكثر توازناً، وبما يتلاءم مع توزيع الموارد الطبيعية، وكذلك في إطار عملية التخطيط الإقليمي، والتنمية الإقليمية، والمناطقية المتوازنة والشاملة.
في إطار ذلك اعتمدت الخطة الخمسية العاشرة للتنمية مجموعة من التوجهات والرؤى المستقبلية والغايات البعيدة المدى في إطار رؤية تهدف إلى إيجاد التوازن بين متطلبات السكان المتنامية، ومقدرات وإمكانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية.
إن تحقيق حزمة الأهداف التي تضمنتها توجهات الخطة الخمسية العاشرة للتنمية، يقتضي النظر إلى المسألة السكانية على أنها قضية وطنية، ومهمة جماعية، تتطلب مشاركة أوسع بين أفراد المجتمع.
المهندسة سيرا استور رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة قالت:
تعتبر المسألة السكانية أهم مفصل من مفاصل العمل في الهيئة السورية لشؤون الأسرة، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدعم الأسرة السورية وتحسين مستوى معيشتها وبالتالي تعميق تماسكها وحمايتها، وإن العمل على تعديل السلوك الديموغرافي للسكان يبدأ من الأسرة.
وأضافت: تتمثل خطورة المسألة السكانية في سورية بخصائصها، من معدل نمو سكاني ما يزال من أعلى معدلات المنطقة والعالم، وباختلال توزع جغرافي واضح للسكان ومهيأ لمزيد من الاستقطاب وكذلك في ضعف الخصائص والنوعية السكانية وضعف قدرتها على المنافسة.
وحسب تقديرات التقرير الوطني الأول لحالة السكان في سورية فإن حجم السكان سيزداد حتى العام 2025 بما يناهز عشرة ملايين نسمة على الأقل قياساً لعام 2005، وهو ما سيؤثر على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية، المعيشية والاجتماعية.
إن العمل على المسألة السكانية يبدأ أولاً من الاعتراف الواضح بالمشكلة وخطورتها ومن ثم توحيد كافة الجهود، لوضع الحلول ومعالجة التحديات.
ديليا بارسلونا نائب مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في صندوق الأمم المتحدة للسكان أوضحت:
ان تقرير حالة سكان سورية، وهو الأول من نوعه في القطر يهدف إلى تأسيس قاعدة معلومات تحليلية ومعتمدة حول السكان في سورية على جميع المستويات. ومن المتوقع أن تعزز هذه القاعدة من المعلومات الإدراك بأهمية تعزيز العلاقات الديناميكية المترابطة بين السكان والتنمية في سياق التغيرات المبنية على الإسقاطات السكانية على مدى السنوات الـ20 القادمة، وإلى ضرورة وضع ما يلزم من السياسات والاستراتيجيات والخطط التنموية.
منير الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد