إلى أين تمضي مصر ما بعد مبارك

06-04-2011

إلى أين تمضي مصر ما بعد مبارك

الجمل: تشير المعطيات والوقائع الجارية إلى أن الساحة السياسية المصرية بدأت تشهد المزيد من التطورات السياسية النوعية الجديدة، وذلك من خلال عمليات الاستقطاب والاصطفافات المصحوبة بصعود العديد من أنواع القوى والجماعات المذهبية المتطرفة: فما هي حقيقة المؤشرات الجديدة في مصر وما هو شكل السيناريوهات المتوقعة.. وفي أي اتجاه تغير البوصلة المصرية؟

* المسرح السياسي المصري: توصيف المعلومات الجارية

اجتازت مصر المصاعب التي ترافقت مع ملف التعديلات الدستورية، وفي هذا الخصوص فقد نظرت العديد من الأطراف إلى حصول التعديلات على الأغلبية في نتيجة الاستفتاء، باعتباره مؤشراً على صعود نفوذ وقوة الحركات الإسلامية المصرية وعلى وجه الخصوص جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الأخرى الإسلامية المرتبطة بها، وذلك لأن تمرير التعديلات الدستورية معناه الإبقاء على المادة الدستورية التي تعرف مصر باعتبارها بلد إسلامي وبأن الدين الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريعات.خارطة مصر
على خلفية الخلافات المذهبية الدينية التي شهدتها مصر، فقد سعت بعض الحركات الإسلامية المتطرفة إلى جهة تحريك مفاعيل التطورات الجارية باتجاه إعطاء قوة زخم أكبر لمفاعيل الصراع، وفي هذا الخصوص نشير إلى الوقائع الآتية:
•    القيام بعملية تدمير وحرق بعض الكنائس المسيحية الأمر الذي أدى إلى تصاعد مشاعر الغضب في أوساط الأقباط المسيحيين المصريين. وعلى الفور سارعت السلطات الرسمية المصرية لجهة القيام بإعادة بناء الكنيسة التي تم تدميرها.
•    القيام بعمليات تدمير واسعة النطاق لمراقد وأضرحة العديد من رموز المجتمع الإسلامي المصري، وفي هذا الخصوص توجد في مصر أعداد كبيرة من قبور وأضرحة العلماء ورجال الدين الإسلامي الذين ينظر إليهم الرأي العام الشعبي الإسلامي المصري باعتبارهم من الأولياء والصالحين، بينما يرفضها الوهابيون والتيارات الإسلامية المتشددة ..
تحدثت العديد من التقارير والمعلومات بأن مصر أصبحت تمضي بشكل حثيث باتجاه احتمالات صعود شرارة الفتنة الدينية، وفي هذا الخصوص، من المتوقع أن تتزايد الاستهدافات المتبادلة بين القوى الدينية المتطرفة الإسلامية وغير الإسلامية.

* نموذج العنف الهيكلي ـ الوظيفي المصري: التوصيف والتحليل

تقول التقارير والمعلومات، بأن عملية تدمير واسعة النطاق قد مورست ضد أضرحة ومراقد الأولياء والصالحين، وذلك بما أسفر عن الآتي:
•    تدمير 100 ضريح ومرقد ومزار ديني مصري.
•    تزايد عدد المحاولات لتدمير المزيد من هذه الأضرحة والمراقد والمزارات.
هذا، وأشارت التقارير إلى تبادل الاتهامات، بين الأطراف المصرية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    تزايد غضب وحفيظة الجماعات الصوفية، والتي سعت إلى اتهام الجماعات السلفية والوهابية وجماعات أنصار السنة لجهة القيام بعمليات استهداف الأضرحة والمزارات، خاصة وأن الجماعات السلفية والوهابية وجماعات أنصار السنة، قد سبق وأعلنت مراراً وتكراراً أن وجود هذه الأضرحة والمزارات يشكل مخالفة صريحة للمبادئ الإسلامية الشرعية.
•    قيام السلطات الرسمية المصرية بالسعي لجهة لفلفة الأمور، وذلك من خلال عدم قبول الشكاوى، والاكتفاء بمجرد تحرير محضر الضبط باعتباره ضد مجهول، والاكتفاء بذلك دون القيام بالمضي قدماً في التحقيقات والتحريات. وتقول التسريبات، بأن السلطات الرسمية تسعى إلى تفادي الخوض عميقاً في هذه الأحداث والوقائع طالما أن التحقيقات سوف تطال العديد من كبار رموز الجماعات الإسلامية السلفية والسنية، وهو أمر سوف يؤدي إلى فتح مواجهة أكبر بين هذه الجماعة والسلطة السياسية.
•    شملت عمليات تدمير وحرق الأضرحة والمزارات كل محافظات مصر تقريباً، الأمر الذي يشير إلى وجود عملية استهداف منهجي منظم. وعلى خلفية تزامن حدوث الوقائع وتطابق أسلوب التنفيذ. فإن كل الدلائل والأصابع تشير إلى وجه جهة منظمة تملك الإمكانيات والموارد الكافية لجهة القيام بهذا العمل. وبهذه الكفاءة والفعالية العالية.
من المعروف والثابت وجود خلافات بين ما يطلق عليه الفقهاء تسمية "أهل السنة" و"أهل الجماعة"، وبكلمات أخرى، بين أتباع المذاهب السنية وأتباع المذاهب الصوفية، ومن الثابت والمؤكد أن مصر لا تنطوي على مثل هذه الخلافات وحسب. وإنما تشكل أحد أهم المناطق التي توجد فيها مثل هذه الخلافات وذلك بسبب عمليات الاستقطاب الديني المتزايدة والتي أدت إلى تمركز الجماعات السنية، والجماعات الصوفية.
يقول بعض الخبراء بأن ما حدث خلال اليومين الماضيين هو أمر يمكن أن يطلق عليه اسم "ظاهرة حرب الأضرحة". والتي من الممكن أن تؤدي إلى ظاهرة الحرب السنية ـ الصوفية، هذا، وفي أولى ردود الفعل على قيام الجماعات السلفية بالاعتداء على الأضرحة والمزارات الصوفية الإسلامية، جاءت أولى ردود الفعل عن طريق قيام بعض أنصار الجماعات الصوفية بعقد ندوة ساخنة يمكن الإشارة إلى ما ورد فيها على النحو الآتي:
•    عنوان الندوة: الإسلام والسياسة والحوار مع الآخر.
•    المشاركون في الندوة: الشيخ علاء أبو العزائم (شيخ الطريقة العزمية) ـ الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق ـ الدكتور أحمد السايح ـ الدكتور ابراهيم زهران رئيس حزب التحرير المصري.
هذا، وتقول التقارير بأن جميع المشاركين في ندوة الإسلام والسياسة والحوار مع الآخر من كبار رموز المجتمع الإسلامي المصري، والمعروفين بمواقفهم التي وردت في الندوة على النحو الآتي:
•    الشيخ علاء أبو العزائم (شيخ الطريقة العزمية): حذر من مخاطر إشعال حرب أهلية مصرية إسلامية صوفية ـ سلفية، وطالب السلطات المصرية بضرورة التدخل القوي لجهة حماية قبور أولياء الله الصالحين من خطر الجماعات السلفية. وسعى للتأكيد بأن السلفيين ينشطون في هذه الأيام لجهة استئصال القدوة الحسنة من المجتمعات الإسلامية.
•    الشيخ محمود عاشور (وكيل الأزهر السابق): قال بأنه عرف بدعوات السلفيين والوهابيين الداعية إلى القيام بهدم القبة الخضراء (قبر الرسول صلى الله عليه وسلم). ثم القيام بإخراج جسد الرسول الكريم إلى خارج المسجد النبوي، وأضاف الشيخ محمود عاشور قائلاً بأنه قد بكى كثيراً بسبب تأثره العميق. وتحدث الشيخ محمود عاشور قائلاً بأن السلفيين المصريين قد أطلقوا على الاستفتاء الدستوري الأخير في مصر تسمية "غزوة الصناديق". إضافة إلى جهة القيام بإصدار الفتاوى التي تبيح للسلفيين إخراج كل من يخالفهم من مصر.
•    الدكتور أحمد السايح (أستاذ جامعي إسلامي): تحدث قائلاً بأنه ظل يعمل أستاذاً بجامعة أم القرى في السعودية، وبأنه خلال السنوات التي قضاها في الجامعة، استطاع أن يلم بجميع خفايا الحركة السلفية الوهابية، وأضاف قائلاً بأن المعلومات الكثيرة التي حصل عليها مكنته بعد عودته إلى مصر لجهة القيام بتأليف 100 كتاب ركزت جميعها على فضح الحركة السلفية الوهابية وبيان ضلالها المبين. وأضاف الدكتور أحمد السايح قائلاً بأنه عندما سمع بعمليات هدم الأضرحة التي قامت بها العناصر السلفية، قام على الفور بإرسال رشاش إلى أهله الصعايدة، وذلك لإطلاق النار دفاعاً عن الأضرحة الكريمة الموجودة في صعيد مصر.
•    الدكتور ابراهيم زهران (مفكر إسلامي ورئيس حزب التحرير المصري): تحدث قائلاً بضرورة العمل من أجل نشر قيم التسامح الديني في مصر، وأضاف قائلاً بأن الجماعات السلفية هي أشبه بمجموعة من الناس جاءت من الكهف وبعد طول انقطاع تحاول فرض توجهاتها وآراءها بالقوة على المجتمع الإسلامي مستغلة التسامح والتراحم الموجود بين الناس.
حتى الآن، تشير المعطيات والوقائع الجارية إلى أن عمليات هدم الأضرحة والمزارات التي قامت بها الجماعات السلفية المصرية، تمثل المرحلة الثانية، وبكلمات أخرى بعد "غزوة الصناديق". بدأة الجماعات السلفية الدخول في "غزوة الأضرحة" وبالمقابل وعلى خلفية مشاعر الغضب الصوفي الشعبي، فقد سعت الجماعات الصوفية المصرية إلى تشكيل الجماعات المسلحة الخاصة بكل جماعة صوفية، والتي سوف تنحصر مهمتها الحالية في الدفاع بالقوة المسلحة عن الأضرحة والمزارات في مواجهة العناصر السلفية المسلحة التي تسعى إلى مهاجمتها. وبكلمات أخرى، من المحتمل إن لم يكن قد بات في حكم المؤكد أن تشهد مصر ظهور المليشيات المسلحة: النقشبندية ـ القادرية ـ الرفاعية ـ العزمية ـ البرهانية.. وهلمّ جراً، وذلك للدفاع عن ثقافتها في مواجهة غزوات الجماعات السلفية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...