إقبال متزايد على اللحوم المجمدة في ظل ارتفاع أسعار اللحوم الطازجة
بدأت اللحوم الحمراء المجمدة في ظل ارتفاع أسعار اللحوم الطازجة تشهد إقبالاً مصحوباً بالحذر وتأخذ مكانها إلى جانب اللحوم الطازجة، وهي تبدو باهتة اللون.
وقد وضعت هذه اللحوم من دون تصفيف فوق المكان المخصص لها بمحل للقصابين في مدن وبلدات محافظة إدلب، غير أن الكثير من المستهلكين لا يعيرون الاهتمام لجودة مثل هذه اللحوم ولا لظروف تسويقها وحفظها، وما يهمهم بالدرجة الأولى هو سعرها، أما جودتها ومصدرها فآخر ما يتم السؤال عنه فهي بالمحصلة اسمها لحمة وهي تشبه بالشكل اللحوم الطازجة التي تحلق أسعارها إلى السماء...
تعرض كميات كبيرة من اللحوم الحمراء المجمدة على عدد من الطاولات الخشبية أمام محال القصابة هنا وهناك من مختلف الأشكال والأحجام، لكن الأسعار تتفاوت من جزار إلى آخر، وللمستهلك كامل الحرية في اقتناء ما يشاء، بالرغم من أن أغلب القصابين يلجؤون في العادة إلى أسلوب قبيح يتمثل في دعوة المارة بإلحاح واستمالتهم لشراء اللحم من عندهم. يتراوح ثمن الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء المجمدة ما بين 180 و220 ليرة سورية وهو سعر منخفض بالمقارنة مع أسعار اللحوم الحمراء الطازجة في وسط المدينة وبالأحياء الأخرى، حيث تتراوح ما بين 600 و 700 ليرة للكلغ الواحد علما أن التسعيرة الرسمية تبلغ 470 ليرة للكيلوغرام.
لأن لهيب الأسعار يصر على لفح جيوب المواطنين، فإن ما حدث هو ان أمواج اللحوم الحمراء الطازجة العاتية قذفت بالمواطن إلى أن وجد نفسه بين أحضان اللحوم المجمدة والمستوردة وعلى الرغم من كل التطمينات التي قدمتها الجهات الرسمية بشأن حماية المواطنين من المضاربة في أسعار الكثير من المواد الغذائية وعلى رأسها اللحوم وحمايتهم من غلائها الفاحش في الشهر الكريم، إلا أن أسعارها مازالت ونحن في نهاية رمضان على حالها، حتى فيما يتعلق باللحوم المجمدة، هذا فيما كشفت أرقام أن هناك ما يزيد على آلاف الأطنان من اللحوم الحمراء والمجمدة دخلت السوق في إطار الحفاظ على استقرار أسعار مادة اللحم التي يزداد الإقبال عليها خلال شهر رمضان.
وبعيدا عن لغة الأرقام والحسابات التي لا دور لها إلا تدويخ المواطنين ورفع ضغط دمهم، فإن عددا من المواطنين حاولنا أخذ آرائهم حول استهلاك اللحوم المجمدة عوضا عن الطازجة في شهر رمضان الكريم:
حيث تقول السيدة فاطمة الشريف إنه لا مناص لهم من استهلاك اللحوم المجمدة وإن كانت عائلتها تحاول قدر الإمكان تجنب استهلاكها، إلا أنه لا مفر لها منه في بعض الحالات مثلما يحصل أثناء اقتناء اللحم البلدي الذي بلغ سعر الطازج منه 700 ليرة للكيلوغرام الواحد ولذلك فإنها تجد نفسها مجبرة على اقتناء كميات منه مجمدا لإعداد بعض الأطباق التي تحتاج إلى هذه النوعية من اللحوم.
فيما قالت السيدة هيام المحمد إنه لا مفر لها أبدا من اقتناء اللحم المجمد لأنه بالنسبة إليها الحل الوحيد والأسهل والأوفر في ظل الغلاء الكبير لأسعار اللحوم الطازجة التي لن تتمكن من اقتناء كيلوغرام واحد منها وحتى إن تمكنت من ذلك فإنه لن يكفي احتياجات أسرتها كثيرة العدد، لذلك فهي تفضِّل اللحوم المجمدة على الرغم من أنها لا تضفي أي طعم أو نكهة على الأطباق المحضرة.
لاشك أن الأمر مربك بالنسبة للكثير من العائلات الادلبية التي وجدت نفسها بين مطرقة الحرمان من مذاق اللحم طيلة أيام السنة- باستثناء عيد الأضحى المبارك أو شهر رمضان الكريم أو الأعراس والحفلات- وسندان الغلاء للحوم بأنواعها الحمراء والبيضاء التي وصلت إلى مستويات قياسية خلال الأيام الأولى للشهر الفضيل، بحيث تركت علامات استفهام قوية بعد أن وصلت اللحوم الحمراء إلى 700 ليرة للكغ الواحد. ورغبة منها في إشباع وتنويع أطباقها الرمضانية وإضفاء بعض النكهة عليها التي لن تكون بطبيعة الحال في غياب بعض من قطع اللحم مهما تناهت في الصغر، فقد وجدت بعض العائلات في اللحوم المجمدة حلا وسطا على الرغم من أن الكثيرين يرون فيها حلا اضطراريا ويقتنونها على مضض، لا لشيء إلا لتجنب إعداد أطباق «ناشفة» دون لحمة بالتعبير المحلي الادلبي، وهي الأطباق التي تكون خالية من اللحم حسبما هو متداول بين العامة.
عدد من الباعة وتجار اللحوم أكدوا أن المستهلكين ما زالوا يفضلون اللحوم البلدية الطازجة، رغم تأكيداتهم أن اللحوم المجمدة والمبردة أفضل بكثير، مما يتيح للزبون اختيار جودة اللحمة، إضافة إلى ضمان حفظها مدة أطول من دون تغير طعمها، مبينين أن أسعار اللحم المبرد معقولة ومتناسبة مع الظروف المعيشية للمستهلك.
أكد بائع لحوم بأنواعها، أن هناك فرقا شاسعا بين اللحوم المبردة واللحوم المجمدة سواء من حيث الصلاحية ومدتها أو من حيث درجة الحرارة التي تحتاج إليها، مبيناً أن اللحم المبرد يحتاج إلى درجة حرارة معينة ولابد من وضعه فيها دون زيادة أو نقصان ودرجة البرودة التي يوضع فيها هي صفر مئوية، محذرا من أن الزيادة أو النقصان تعرض اللحم المبرد للتلف ولا يعود صالحا للاستخدام، إضافة إلى ذلك فإن المدة التي تسمح ببيع المبرد لا تتجاوز 17 يوما، أما بالنسبة للمجمد فيوضع في ثلاجات كبيرة تحت درجات تبريد عالية حتى يحافظ على صلاحيته وجودته، وبالنسبة للمدة الصالحة فلا تتجاوز 12 شهرا.
وأوضح أنه لاحظ أن المستهلكين سواء أصحاب المحال التجارية أو المطاعم يبحثون عن السعر الرخيص، لذا فإن الإقبال على اللحم المبرد الهندي أكثر من غيره.
وأكد أن الغالبية العظمى من المواطنين الادالبة لا يحبذون إلا اللحم البلدي وأنهم لا يقدمون على شراء اللحوم المبردة، أو المجمدة ولو كانت بسعر التراب، لافتا إلى أن الأذواق تختلف من شخص إلى آخر، وتجار اللحم الطري يحققون أيضا أرباحا كبيرة، وإلا لما استمرت تلك المهنة.
- كثيرا ما نشاهد دراجات نارية ذات الثلاث عجلات في إدلب وهي تقوم بنقل لحوم حمراء خلسة تسلك طرقاً ملتوية للوصول إلى محال القصابة وفي الغالب يلجأ أصحاب محال القصابة بالأسواق والأحياء الفقيرة - لأجل ضمان هامش ربح مهم إلى الذبح السري الذي يتم عن طريقه بيع وتسويق لحوم حصل عليها في الكثير من الأحيان من نعاج ومواش طاعنة في السن أو مريضة هذا ان لم تكن أنثى الغنم. يسود التخوف في أوساط اجتماعية واسعة من المواطنين في شهر رمضان من احتمال استهلاكهم لحوما حمراء مصابة بأمراض معدية أو تفتقد الجودة المطلوبة، سواء بمحال القصابة في الأحياء السكنية أو بالأسواق المخصصة لهذه الغاية.. وينبع هذا التخوف من الانتشار المتزايد لتسويق لحوم الذبح السري المخالف انطلاقا من الأسواق أو من الأحياء الشعبية، فضلا عن ضعف عمليات ضبط وزجر المخالفين وافتقاد شروط النظافة الضرورية أثناء عملية الذبح في الأماكن السرية المخالفة وأثناء نقل اللحوم وعرضها للبيع... بيد أن أكبر توجس ينتاب المستهلكين هذه الأيام يتمثل في احتمال رواج اللحوم المعروضة للبيع من الأغنام المصابة ببعض الأمراض، خاصة في ظل انتشار الذبح السري وغياب المراقبة الصحية متخذين من القرى الريفية مركزاً خصباً لبيع تلك اللحوم بأسعار تختلف عن السعر الحقيقي والتمويني وهذا ما دفع الكثير من المواطنين قصد تلك المحال طمعاً بالأسعار المنخفضة ولكن!!
الجولات التفتيشية التي قامت بها مديرية التجارة الداخلية في إدلب ممثلة بدائرة حماية المستهلك على محال بيع اللحوم المجمدة أسفرت عن ضبط عدة مخالفات في هذا الصدد حيث قامت منذ بداية العام الحالي وحتى تاريخه بسحب 15 عينة من اللحوم المجمدة وقد ثبت خلال التحاليل المخبرية ان هناك /5/ خمس عينات مخالفة اتخذت حيالها الإجراءات القانونية، كما نظمت الدائرة حوالي 49 ضبطا تموينيا شملت عدم حيازة فواتير نظامية ونقصاً في بطاقة البيان وعدم الإعلان عن السعر. ونوه مدير التجارة الداخلية إلى أن المديرية اعتمدت منهجا واعيا في التعامل مع المخالفين خلال حملاتها التفتيشية حيث طالبت عناصر الرقابة من خلال العمل على توعية وتثقيف المخالفين من أصحاب المحلات التجارية إلى جانب الأهالي قبل إيقاع العقوبة بحقهم.
علام العبد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد