إعادة الإعمار في سورية على الطريقة السويدية
إعادة إعمار سورية هاجس يومي للحكومة وللشعب، تم الحديث عنه كثيراً ووضع الخطط والبرامج الخاصة بالتنفيذ على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ومن ضمن هذه الخطط ما تم عرضه مؤخراً على الحكومة في الزيارة الأخيرة لوفد هيئة الدفاع عن سورية في السويد، حيث قدم الدكتور أولف ساندمارك من مؤسسة إكزكتف إنتلجنس ريفيو الإخبارية في ستوكهولم في السويد، وثيقة إعادة إعمار سورية متضمنة العديد من البنود، من أهمها طرح فكرة تأسيس «بنك إعادة الأعمار» والاستفادة من طريق الحرير الجديد في سورية.
حصلنا على نسخة من هذه الوثيقة التي جاءت استجابة لاستفسارات بعض مؤسسات الحكومة في سياق زيارة إلى دمشق قام بها وفد مؤلف من معهد شيللر ومؤسسة إكزكتف إنتلجنس ريفيو الإخبارية وهيئة الدفاع عن سورية في السويد ولقائهم مسؤولين من الحكومة خلال العام الماضي 2014 ومن ثم تم إعداد الوثيقة في شهر تشرين الأول 2015، وهي مشروع تحت التطوير وسيتم تحديثها باستمرار.
بنك إعادة الإعمار
إن نقطة الانطلاق لنظام الائتمانات هو إعلان خطة إعادة الإعمار والتنمية الذي يوضح خطوة بخطوة عما تنوي سورية إنجازه في موعد محدد من المستقبل، بوجود هذه الخطة كركيزة يكون بمقدور الحكومة إصدار كمية الائتمانات المطلوبة لتشغيل اليد العاملة والأدوات والمواد الأساسية، وتمنح الحكومة التراخيص لكل مشروع ليتم الشروع به وفي الوقت ذاته توفر الائتمانات ويمكن تنفيذ وإدارة المشاريع إما من شركات القطاع الخاص وإما من مؤسسات الدولة حسب الحاجة والقدرة والكفاءة.
ولأجل إصدار مثل هذه الائتمانات الموجهة لإعادة الإعمار، بينت الوثيقة أن الحكومة تحتاج للبنك المركزي وأيضاً لبنك جديد مخصص لإعادة الإعمار، وحسب الوثيقة يمكن للحكومة أن توفر رأس المال الأولي الضروري لبنك إعادة الإعمار بذات الطريقة التي اتبعتها مصر مؤخراً في تحشيد شعبها لتمويل قناة السويس الجديدة وذلك بإصدار سندات خاصة يشتريها المواطنون السوريون في الداخل والمهجر، بحيث يكون لدى بنك إعادة الإعمار بهذه الطريقة رأسمال كاف يمكنه من إصدار ائتمانات، وينبغي للحكومة الاحتفاظ بالأغلبية المسيطرة من السندات في بنك إعادة الإعمار، وإلى جانب خط الائتمانات هذا يجب على البنك المركزي أيضاً إصدار ائتمانات موجهة لبنك إعادة الإعمار بوساطة هذه الائتمانات الإضافية (بين البنك المركزي وبنك إعادة الإعمار) سيكون بمقدور الدولة أن تدير ما يكفي من الائتمانات لتحقيق أسرع عملية إعادة بناء ممكنة.
وحينما تمنح الدولة الترخيص لمشروع ما يقوم بنك إعادة الإعمار بإطلاق ما يلزم من الائتمانات إلى حساب مصرفي خاص بذلك المشروع وتقوم مؤسسات الدولة أو الشركات الخاصة التي حصلت على عقد البناء من الدولة باستخدام ذلك الحساب المصرفي لدفع ما يلزم من نفقات شراء مستلزمات المشروع من مواد وأدوات ودفع أجور العمال وتستمر هذه العملية حتى إنجاز المشروع ويكون المشروع المنجز هو ضمانة جميع الائتمانات الجديدة الصادرة من بنك إعادة الإعمار.
تحفيز البنوك الخاصة
وبحسب وثيقة إعادة الإعمار، فإن حق إصدار الائتمانات هو مورد طبيعي لأي أمة لكي يتم استخدامه تحت سيطرة الدولة من أجل إعادة الإعمار ولا يجب إطلاقاً إعادة تدوير تلك الائتمانات في المضاربات أو الألاعيب المالية الهرمية، ولذلك يجب عدم السماح قانونا للبنوك التجارية بممارسة النشاطات الاستثمارية مثل مزاولة التداول بالأسهم والأوراق المالية أو إصدار السندات والأوراق المالية وهذا لا يعني تحريم البنوك الاستثمارية بل يعني فصل البنك التجاري عن أي نشاط استثماري من ناحية الملكية أو الموظفين أو مجالس إدارة البنوك والحسابات وغيره وفصله فصلا تاما عن أي بنك استثماري.
ويمكن إصدار قانون صريح لفصل البنوك فصلا تاما بين البنوك التجارية والبنوك الاستثمارية وبتشريع كهذا في سورية يمكن تحفيز البنوك التجارية للمشاركة في عملية إعادة الإعمار، حينها فقط سيمكن إعادة تدوير الائتمانات من بنك إعادة الإعمار لتخلق بذلك موجات ثانوية جديدة في الاقتصاد الفيزيائي الحقيقي حيث سيضاف رأس مال المصارف التجارية إلى عملية البناء عن طريق إقراض الشركات المشاركة في العملية أو تمرير جزء من ائتمانات (أموال) بنك إعادة الإعمار عبر حساب خاص في البنك التجاري الخاص إلى الشركات ولا ينبغي لبنك إعادة الإعمار ولا البنك التجاري إصدار كميات أموال أكبر مما هو مطلوب للشروع في المشروع المحدد إنجازه علاوة على ذلك، وطوال المدة التي تجري فيها عملية إعادة الإعمار يجب السيطرة على ائتمانات البنوك الخاصة بحزم بحيث يتم توجيهها وفقا لخطة إعادة الإعمار إلى أصناف القروض المخصصة لتوفير المواد الضرورية التي تحتاجها الشركات الصناعية والإنشائية والزراعية والسكان.
وأكدت الوثيقة أنه بوجود نظام ائتمانات يمكن للإدارات المحلية (المحافظات والبلديات) أن تستفيد من الائتمانات المباشرة من «بنك إعادة الإعمار» وذلك بالإضافة إلى مواردها ودخلها المحلية، سيؤدي ذلك إلى تحريك جميع الموارد البشرية والمادية المتوافرة محلياً في إعادة البناء بالإضافة إلى وسائل إنتاج الغذاء والحاجيات الأساسية الأخرى التي دمرتها الحرب أو أعاقتها، كما يمكن توجيه هذه الائتمانات محلياً إلى أصحاب الأعمال الموجودين في تلك المنطقة الذين يرغبون في تأسيس شركات جديدة لتشغيلهم والاستفادة من خبرتهم وإمكانياتهم.
علي محمود سليمان
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد