أهمية إدراج «قانون الشارع» في المناهج المدرسية
الجمل- المحامي جواد المقداد: قبل أكثر من ثلاثين عاماً، أنشأت جامعة جورجتاون في واشنطن العاصمة، برنامجاً لطلاب الحقوق لديها لتدريس مُقررّ تعليمي في عدد قليل من المدارس الثانوية الرسمية، حول المبادئ الأساسية للقانون، والديمقراطية، وحقوق الإنسان. وقد عُرف المشروع في ما بعد بـ"قانون الشارع"، وتم تعميمه على جميع المدارس الثانوية الرسمية في عاصمة بلادنا. وتطورت مواد قانون الشارع من أوراق تّم تجميعها في ملف مؤقت إلى كتاب مدرسي فريد يُستخدم الآن في المدارس الحكومية في جميع الولايات الأميركية الخمسين. وعلاوة على ذلك، طوّر "قانون الشارع" مقرراً تعليمياً لطلبة العلم البالغين. وهناك حالياً حوالي 70 كلية حقوق في مختلف أنحاء البلد تقدم برامج تعليم "قانون الشارع". وفي هذه المقابلة، يناقش رتشارد رو، أستاذ الحقوق في جامعة جورجتاون ومدير برنامج "قانون الشوارع"،التجربة التربوية الفريدة التي يوفرها "قانون الشارع".
أجرت هذه المقابلة دارليسا كراوفورد، المحررة في نشرة واشنطن، وهي نشرة إخبارية (http://usinfo.state.gov/) تابعة لوزارة الخارجية الأميركية.
سؤال: كيف ظهر برنامج "قانون الشارع" إلى الوجود؟
السيد رو: ظهر "قانون الشارع" إلى الوجود في مركز جورجتاون للحقوق حوالي سنة 1972 كجزء من برنامج يعمل فيه الطلاب مع مجموعات المجتمع المحلي. وقد خطرت لأحدهم فكرة عدم الاكتفاء بالعمل مع مجموعات من المجتمع المحلي فحسب، وإنما التدريس فعلاً في المدارس الثانوية أيضا. وقام أربعة طلاب حقوق بتدريس الموضوع في مدرستين ثانويتين في مقاطعة كولومبيا، وكانت التجربة ناجحة لدرجة أنها سرعان ما تطورت لتصبح برنامجاً قومياً.
سؤال: كيف يعود "قانون الشارع" بالفائدة على المجتمع المحلي؟
السيد رو: قانون الشارع هو، في الأساس، مقرر تعليمي في القانون العملي، وهو يُركز على القانون الذي يؤثر في حياة الناس اليومية.
ويحتوي كتاب قانون الشارع على مقدمة عامة وعلى فصول حول مواضيع مُعينة مثل القانون الجنائي، وقضايا المستهلك والإسكان، وقانون العائلة، وقانون الإساءات الشخصية، وقانون الحقوق الفردية. ويعرض الكتاب أيضاً الكثير من المشاكل ودراسات لحالات مُعيّنة وحالات افتراضية، وليست الغاية من تضمنه لهذه المشاكل والأحوال هو مجرد قراءتها كمعلومات بل إن الهدف هو تحقيق مشاركة القارئ فيها وتعليمها بطريقة نشطة تفاعلية. و يحاول مدرسو قانون الشارع استخلاص المعلومات من الطلاب حول قيمهم ومعرفتهم الخاصة، ومن ثم الانطلاق منها والبناء على أساسها بحيث تنشأ في حصص الدراسة مناقشات حقيقية.
غير أن قانون الشارع هو أكثر من مُجّرد قانون عملي. فهو يُعرف التلاميذ على النظريات الكبرى للقانون والعدالة، إضافة إلى القانون الدستوري؛ وبعبارة أخرى، الأسس التي تقوم عليها ديمقراطيتنا.
وهذا بالذات هو ما يجعل "قانون الشارع" فعّالاً جداً: إنه يستقي مما يعرفه التلاميذ، ويعتمد على قيمهم وتجاربهم ويربطها، في نفس الوقت، بإطار القانون الشامل. ويقوم قانون الشارع على أساس البحث والحوار والمناقشة، بنفس الطريقة التي تقوم بها الديمقراطية وممارسة الحقوق المدنية على أساس البحث والحوار والمناقشة. وعليه، فإن المرء يستخدم القانون في الواقع لتعليم التفكير المدني الديمقراطي الأساسي، ومهارات التعبير ، مما يجعل منه موضوعاً دراسياً فائق القوة.
سؤال: كيف يرتبط قانون الشارع مع المناهج الدراسية في المدارس الرسمية ؟
السيد رو: إنه يرتبط بها بشكل وثيق وبعدة طرق. ففي المناهج الدراسية للعلوم الاجتماعية، هناك مقررات تعليمية إلزامية حول تاريخ الولايات المتحدة، والحكومة الأميركية، وعلم التربية المدنية. وإذا نظر المرء إلى تلك الكتب المدرسية، وما تركّز عليه المناهج الدراسية الخاصة بتلك المواضيع، سيجد أنها تعود دائماً إلى القانون. فحتى كتاب دراسة تاريخ الولايات المتحدة يناقش قضايا هامة بتت فيها المحكمة العليا، بل وحتى ربما بعض الدعاوى التي نظرت فيها محاكم الولايات. والواقع هو أن "قانون الشارع" لا يدرس في الكثير من الأحيان كموضوع اختياري، بل يترافق مع مقرر إلزامي عن نظام الحكم أو التربية المدنية. وهكذا، يتعلم الطلبة المنهاج الدراسي المألوف الخاص بنظام الحكم ويتعلمون المعلومات الواردة في قانون الشارع أيضا.
ومن الطرق المهمة الأخرى التي يرتبط بها قانون الشارع مع المناهج الدراسية أسلوب تدريسه المؤكد على المشاركة الذي يتيح للطلبة إبداء آرائهم. ويساعد قانون الشارع الطلاب على أن يصبحوا مفكرين ينقدون الأمور ومشاركين في الحكومة. فحصص دراسة قانون الشارع تطور القدرة على التفكير التحليلي، والكتابة التعبيرية، وأنواع المهارات المنطقية.
ومن خلال اعتماد أسلوب لعب الأدوار المختلفة، والمناظرات، والمحاكمات الصورية، يقوم الطلاب أنفسهم بالتفكير والإعراب عن الآراء. ففي حصص الدراسة التي يُدرّس فيها قانون الشارع بصورة صحيحة، يجري إشراك الطلاب في الكتابة والتعبير أكثر من المعتاد، مما يعزز مهارات القراءة والكتابة لديهم.
سؤال: هل بإمكانك وصف أساليب قانون الشارع؟
السيد رو: المعلّم ليس ينبوع المعرفة، وإن كان على المعلّمين معرفة موادهم جيداً جداً ليتمكنوا من القيام بهذا العمل. فهم يلعبون دور "المايسترو" في أوركسترا لتبادل الأفكار. والأمر الأساسي هو أن الطلاب هم الذين يقومون، في معظم الوقت، بالتفكير والتكلم في حصص الدراسة. وقد تشمل مواد المقررات التعليمية المطلوب مناقشتها دراسة حالات قضائية مُعيّنة، ومعضلات، وحالات افتراضية؛ ومقالات صحفية حالية؛ وشرائط الفيديو أو البرامج التلفزيونية، وهي مصدر آخر للمواد يحظى بشعبية واسعة.
وأكثر ما اشتهر به قانون الشارع هو أنه عمم اعتماد استخدام المحاكمات الصورية كأسلوب في التدريس. فالمشاركون يلعبون دور المحامين والشهود كممثلين لأطراف النزاع. وفي برنامجنا للمدارس الثانوية، هناك سيناريو مكوّن من 40 إلى 50 صفحة لمحاكمة صورية، مع ثلاثة شهود لكل طرف، وعدة أمثلة عن أدلة إثبات، ووصف لقوانين معينة ذات صلة بالموضوع. ويترتب على الطلبة تجميع كل هذه المعلومات، واستجواب الشهود على المنصة واستجواب شهود الخصم. ونعطي التلاميذ ستة أسابيع للتحضير، وتهتز مشاعر المرء ويشعر بالنشوة عندما يشاهد الفتيان والفتيات يقومون بذلك. ويقول الكثير من القضاة المحّنكين إن مستوى هؤلاء الشبان يعادل مستوى العديد من المحامين الذين يشاهدونهم في قاعة المحكمة. فهؤلاء الشبان والشابات يتقنون الإجراءات التقنية. ويمكن لطلاب السنة الثانية والثالثة في كلية الحقوق في جامعة جورجتاون، أخذ مُقرر تعليمي يتعلمون فيه كيف يُدرّسون قانون الشارع. وما نقوم به أساساً هو تدريس طلاب الحقوق الأسلوب التفاعلي، والمحاكمات الصورية هي الأداة المثالية لتدريس ذلك.
وأيّاً كان الأسلوب المعتمد، وهناك أنواع كثيرة من أساليب التعليم، فان ما نحاول عمله هو أن نوفق بين أسلوب التعليم وموضوع الدراسة، بحيث نعتمد أفضل أسلوب مناسب لإبراز الأفكار.
والمبدأ الأساسي هو أنه ينبغي أن تجتذب المواد والمنهجية مشاركة الطلاب، وفي الوقت نفسه، أن تكون معايير الدراسة صارمة وصعبة تشكل تحديا. وعليها أيضاً أن تنقل الطلاب في التفكير والتعبير والمعرفة وطريقة النظر إلى الأمور، إلى مجالات لم يعرفوها سابقا.
إننا نستخدم كتاب قانون الشارع ككتاب مدرسي، ولدينا مخزون هائل من مواد التدريس لكوننا شرعنا في برنامجنا منذ أكثر من 20 سنة. غير أن طلاب الحقوق في كليتنا يحبون أن يصمموا الدروس بحيث تلائم أغراضهم، وأن يعدلوا مُخطط التدريس لينسجم مع التغيرات في القوانين ومع طبيعة طلابهم.
سؤال: هل بإمكانك شرح برنامج "المعلم الخبير" المرتبط بقانون الشارع؟
السيد رو: لقد اعتبرنا أنه سيكون من المفيد جداً، ليس فقط جعل طلاب الحقوق يقومون بالتعليم، بل وأيضاً إشراك ممارسي مهنة المحاماة الحقيقيين في ذلك. وتتمثل الخطوة الأولى في العثور على منظمات قانونية مستعدة لتخصيص بعض الوقت لذلك. ويأتي خبراؤنا من شركات محاماة كبيرة وصغيرة، ومن مجموعات العمل للمصلحة العامة، ومن الوكالات الحكومية. فوزارة العدل، مثلاً، لديها فرع يوفّر "معلمين خبراء". وقد قامت وزارة العمل أيضاً بتوفير هذه الخدمة لبعض الوقت. ويقوم "المعلمون الخبراء" من وقت لآخر، بتدريس مواضيع يجيدونها تماماً وتتساوق مع المناهج الدراسية لقانون الشارع. وقد يكون المعلم محامياً أو مساعداً قانونياً أو عضواً آخر في هيئة موظفي مكتب الـمعلم الخبير.
غير أننا لا نريد أن يأتي الخبير كأستاذ ضيف فحسب، بل أن يقوم أيضاً بأمور تتصف بمشاركة أكبر. فكثيراً ما يقوم الخبير بأخذ تلامذة المدارس إلى شركات المحاماة أو الوكالات الحكومية ليشاهدوا ما يجري فعلاً خلال الممارسة الكاملة للقانون، ولكي يروا أيضاً جوهر العمل الذي ينطوي عليه الأمر. فبإمكان الطلاب الاطلاع على ملفات القضايا القانونية طالما لا يؤدي ذلك إلى انتهاك السرية، وبإمكانهم التحدث عن تلك القضايا. وبإمكانهم أيضاً إجراء مقابلات مع الموظفين والتعرف على أنواع الوظائف المختلفة المتوفرة في مكاتب المحاماة، حيث أن الموظفين ليسوا كلهم محامين. وتوظف شركات "المعلم الخبير" المشارك في برنامجنا العديد من طلابنا خلال فصل الصيف، كما أن البعض من طلابنا عمل مع تلك المؤسسات لاحقاً في وظائف مختلفة.
وفي أحيان كثيرة، يأخذ الخبراء الطلاب لحضور نشاطات قانونية ضمن المجتمع. مثلاً، هناك أحياناً شركات محاماة يكون أحد الشركاء فيها كاتباً لدى محكمة عليا، وقد يرتب لهم مقابلة مع أحد قضاة المحاكم العليا. وقد يأخذ الخبراء الطلاب لحضور دعوى في محكمة ترافع فيها شركة المحاماة تلك أو وكالة حكومية. فالمعلمون الخبراء مدربون بارعون يقدمون الكثير من وقتهم ومواردهم.
سؤال: كيف يمكن للتعليم العملي في مراكز المجتمعات المحلية الملحق بقانون الشارع أن يؤدي إلى مشاركة الطلاب البالغين ؟
السيد رو: هذه مقاربة شبيهة جداً بمقاربة المدارس الثانوية، على بعض المستويات. إننا نُدرّس قانون الشارع عملياً في عدد من مراكز المجتمع: في سجون المدينة، ومرافق العلاج، وفي ملاجئ المشردين، وفي ملاجئ النساء اللاتي تعرضن للعنف المنزلي، وفي ملاجئ مرضى نقص المناعة المكتسبة والإيدز، وفي بيوت احتجاز الأحداث، وغيرها. ونُعلّم، بصورة رئيسية، الناس الذين سبق لهم أن تعاملوا مع القانون بشكل مسيء لهم، أو الناس الذين يمكنهم الاستفادة من الأفكار التي نقدمها لجعل القانون يفيدهم. ولا يحق للطلاب تقديم استشارات قانونية ضمن قانون الشارع، لأنه مقرر دراسي والطلاب ليسوا محامين بعد. غير أن بإمكانهم التحدث عن كيفية عمل القانون، وشرح القوانين النظامية، والمسائل القضائية، حتى يتسنى للناس اتخاذ قراراتهم بأنفسهم حول كيفية التحرك.
الطلاب البالغون يتفحصون الأنظمة، وإجراءات المحاكم، والدعاوى: مثلاً، كيفية التعاطي مع مالك عقار، أو كيفية صياغة كتاب شكوى يتقدم به أحد المستهلكين. وتشمل المواضيع هذه الإسكان، والأسرة، والحقوق الفردية، والتعويض عن الأضرار، وقانون الإساءات الخاصة، وقانون المستهلك، والمنافع العامة. ويتعلم الطلاب عبر هذه النشاطات أن القوانين قوة إيجابية في المجتمع، فهي تنظم سلوكنا، وتحد من السلطات المفرطة، وتؤمن الهيكلية اللازمة للخير العام.
سؤال: كيف تكيّف قانون الشارع مع اللغات والثقافات والبيئات الأخرى ?
السيد رو: أظن أن القانون يجب أن يُفهم في سياق القيم، والثقافات، والخيارات القائمة. ولدي خبرة لا يستهان بها في تعليم قانون الشارع في البلدان الأخرى. فقد عملت في سلوفاكيا والجمهورية التشيكية، وإنكلترا، واسطنبول، وجمهورية الدومينيكان، وكمبوديا. وهي أماكن مختلفة جداً . وعلى القانون أن ينبع من القيم الأساسية لتلك البلدان وأن يتواصل مع ثقافاتها. إن فكرة نقل قانون الشارع إلى البلدان الأخرى وتطبيق البرنامج فيها لا تعني،بالنسبة لي، نقل نظام العدالة الأميركي والدستور الأميركي والقوانين الأميركية وغرسها كما هي، جملة وتفصيلاً، في بلد آخر. بل هي عبارة عن استخدام الأفكار الأساسية للقانون التي لها صفة كونية. كما أنني أقوم بمحاولة فهم ثقافة البلد، وتاريخه، ولغته، فأوجه الدرس ليصبح ذا معنى ضمن ذاك السياق الجديد. وبعض أجزاء قانون الشارع لا تحتاج إلى تعديل كبير، أما البعض الآخر فيحتاج إلى ذلك. وإذا تبين أن علينا أن نضع مناهج دراسية جديدة تماماً لبلد ما، فإن ما يحدث عادة هو أن أشخاصاً من ذلك البلد هم الذين يصوغونه حسب قوانينهم وإجراءاتهم. لكن المنهجية الأساسية تبقى دون تعديل رغم ذلك.
سؤال: هل كانت الجهود الرامية إلى تدويل قانون الشارع ناجحة في رأيك ؟
السيد رو: ليس الموضوع محاولة تدويل برنامج قانون الشارع بل هو نقل مفهوم مشاركة الجمهور في القانون وجعل القانون في متناول الناس العاديين في البلدان الأخرى. إنه بمثابة مهمة لإثبات كون الديمقراطية تستند إلى مشاركة المواطنين ذوي الاطلاع الجيد في العالم المحيط بهم، وعلى الأخص في مجالات الحكم، ولكن أيضاً في المعاملات اليومية في حياتهم. ويصبح ذلك عملية قوية جداً لبسط الديمقراطية، على الصعيد الدولي، لأن المرء ينجح في مساعدة الناس على التيقن من أن القانون يمكن أن يكون في متناولهم.
إن وضع كل بلد يختلف عن غيره، لكن يمكن أن يكون هناك دور حقيقي لقانون الشارع في بعض الأماكن. مثلاً، بذلت جماعات في جنوب أفريقيا جهداً كبيراً حتى توصلت إلى نسخة خاصة بها من قانون الشارع تتلاءم مع الأوضاع المحلية. فالأشخاص العاديون بإمكانهم أخذه إلى بلدانهم، كما أن المعلمين العاديين يمكنهم تدريس الأفكار الأساسية للقانون والعدالة، ولا حاجة لمحامين أو طلاب حقوق للقيام بذلك. ومعلمو قانون الشارع هم في أحيان كثيرة موظفون في وكالات حكومية أو منظمات غير حكومية أو أنهم من الكنائس. وقد شرحت قانون الشارع مرات عديدة لهذا النوع من المنظمات. فالفكرة هي تفصيل المواد على قياس حاجات ومصالح الناس الذين يرغبون بها، مع إضافة الكثير من التفهم الثقافي.
سؤال:كيف سيتطور قانون الشارع في المستقبل ؟
السيد رو: إن قانون الشارع يجعل القوانين والديمقراطية في متناول أكبر عدد ممكن من الناس، وهو يعطي الناس صوتاً يستند إلى التفكير الذكي، والتفكير التعبيري، وإلى القيم التي يؤمنون بها. وفي حين أن المرء لا يفرض عليهم قيماً معينة إلا أنني أعتقد أن هناك قيماً مشتركة أساسية يتم دعمها. وسوف تصل فكرتا الديمقراطية والعدالة العظيمتان إلى مزيد من الناس، وتكتسبان مغزى أكبر.
إن مزيداً من الجامعات ومن كليات الحقوق حول العالم سوف تتبنى برامج تدريس قانون الشارع، وسوف ينضم طلاب الحقوق إلى مساق قانون الشارع الدراسي إما كخدمة عامة، أو للحصول على ساعات معتمدة في مقرراتهم الدراسية في الجامعات كجزء من تَعَلّم الخدمة العامة. وسوف يذهبون إلى المجتمعات المحلية، والى المدن، والى القرى، ويُدرّسون الديمقراطية مستخدمين قوانين بلدانهم.
ثانياً، أظن أن تطوير هذه المبادئ الأساسية واستخدام تلك المقاربات، سوف يُحسّن أنظمة الحكم ومحاسبة الحكومات. وسيشكل هذا سبيلاً عظيماً لتحسين تطبيق ونشر العدالة مع ازدياد عدد الناس القادرين على المحافظة على رغبتهم في المشاركة في أنظمة الحكم إلى أكبر قدر ممكن.
وإحدى ميزات قانون الشارع هي كونه برنامجاً غير مكلف على الإطلاق. ذلك أنه يمكن للمرء إعداد مناهج دراسية وتدريب بعض الأشخاص عليها، ثم يقومون هم بدورهم بتعليم آخرين كيفية إدارة البرنامج.
ونحن نعتقد أن من الجوانب الهامة في قانون الشارع كون عملية التعلم نفسها مهمة بنفس أهمية المعلومات التي يتم تعلمها. فما يتعلمه الطلاب في الواقع ليس، مثلاً، ما إذا كانت عقوبة الإعدام جيدة أو سيئة، بل إنهم عندما يتعلّمون أي مادة، مثل عقوبة الإعدام،وحقوق الإنسان، وقضايا الملاكين والمستأجرين، يتعلمون التفكير في القيم الأساسية وفي خيارات السياسات المختلفة المتوفرة، وكيفية خدمة الصالح العام، وكيفية صيانة الحقوق الفردية. من خلال هذه المنهجية، ينجح قانون الشارع في دفع الناس إلى الانخراط في التفكير بما يمكن تحقيقه من خلال القوانين.
ويصدق هذا القول على الصعيد الدولي لأننا لا نصل بلداً ما حاملين موضوعا معيّناً في ذهننا، أو أي نزعة خاصة نريد تعليمها. إن ما ندرسه يدور في معظم الوقت حول مسألتي تحقيق الديمقراطية والعدالة الأساسيتين في أي مجتمع. إننا نُدرّس ماهية العمليات والأدوات التي يمكن تطبيقها على أي موضوع.
الجمل
إضافة تعليق جديد