أميركا تصر على حماية «النووي» الإسرائيلي: إجهاض مؤتمر دولي بشأن الشرق الأوسط
أثنى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على الإدارة الأميركية التي منعت الإرباك عن إسرائيل، بوقوفها بقوة ضد الإرادة الدولية في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، والتي طالبت بعقد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من هذا السلاح.
ويخدم هذا الثناء الإسرائيلي مساعي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الرامية لتسهيل تمرير الاتفاق النووي المرتقب مع إيران في الكونغرس، وتجاوز الاعتراضات الإسرائيلية.
وفي اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، شكر نتنياهو الإدارة الأميركية لأنها منعت استصدار قرار كان سيتخذ في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار الذي عقد في نيويورك، ويقضي بعقد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من السلاح حتى آذار العام 2016.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قول نتنياهو لكيري ان واشنطن وفت بالتزاماتها التي قطعتها لتل أبيب في العام 2010، بشأن كل ما يتعلق بالمسائل النووية. وقال نتنياهو لكيري إنه يقدر جيدا موقف أوباما وكيري نفسه، وأيضا الجهود التي بذلها الطاقم الأميركي في المؤتمر الذي اختتم أمس الأول.
وكانت أميركا وكندا وبريطانيا وإسرائيل قد رفضت قرار عقد مؤتمر تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي. وتم رفض القرار رغم أن صيغته النهائية تضمنت بنوداً كثيرة تستجيب لمطالب إسرائيل. وقالت ممثلة أميركا في المؤتمر إن مشروع القرار «لا يستوي مع سياسة الولايات المتحدة»، رغم أن واشنطن تؤيد تجريد الشرق الأوسط من السلاح، ولكن ينبغي التوافق على ذلك بين دول المنطقة «توافقاً تاماً ومشتركاً».
وخلال المؤتمر الذي عقد في نيويورك طلبت مصر تحديد موعد نهائي لعقد مؤتمر إضافي للبحث في تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي. ومعروف أن إسرائيل حضرت المؤتمر، رغم أنها ليست من الدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وذلك للمشاركة في منع تعرضها للإدانة. وقد أدانت القاهرة الموقف الأميركي من طلبها، وأعلن المندوب المصري في المؤتمر أن «هذا يوم حزين لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي». وأضاف أن مصر عملت بجد من أجل تحقيق موافقة واسعة على مشروع القرار.
وتضمنت الصيغة النهائية للقرار، الذي رفضته أميركا، تفويض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عقد مؤتمر لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي خلال فترة تسعة شهور. واحتوى القرار على بند يطالب الأمين العام بتعيين مبعوث خاص حتى مطلع تموز المقبل لتنسيق فعاليات المؤتمر بين دول المنطقة. كما أشار إلى أن عقد المؤتمر بداية لعملية تفاوض بين دول المنطقة، وبهدف «بلورة معاهدة تلزم بشرق أوسط خال من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى»، وأنه بعد نيل موافقة الدول على جدول الأعمال يعقد المؤتمر خلال 45 يوماً من ذلك.
واعتبر معلقون أن صيغة مشروع القرار كانت متوازنة نسبياً، بحيث تضمنت أن يحدد جدول الأعمال بالتفاوض بين الدول، وأن يكون القرار بالإجماع. كذلك، وخلافا لمؤتمر العام 2010 لم تشر مسودة القرار إلى إسرائيل بالاسم. وقد ذكر اسم إسرائيل إلى جانب الهند وباكستان وجنوب السودان، وجميعها دول لم توقع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
وكانت مصر قد قدمت في بداية المؤتمر قبل حوالي شهر مشروع قرار يطالب بأن يفرض على إسرائيل عقد مؤتمر دولي مخصص لمشروعها النووي. وردت إسرائيل وأميركا بعنف على مشروع القرار المصري. وطالبت تل أبيب بألا يركز المؤتمر على الشأن النووي، بل على الإرهاب ومسألة الصواريخ. وشددت على وجوب أن تكون القرارات بالإجماع، وهو ما تضمنه مشروع القرار في صيغته النهائية التي رفضت.
وتشير مصادر إســرائيلية إلى أن الموقف الأميركي جاء بعد زيارة قام بها مساعد وزير الخارجــية الأميركية لشؤون حظر انتشار السلاح النووي طوماس كانترمان لإســرائيل. وفي الزيارة أعربت إسرائيل بشدة عن رفضها أي إلزام لها بمؤتــمر دولي بهذا الشأن. وفي كل حال ولأسباب مختلفة تقف أميركا إلى جانب إسرائيل في هذا الشأن حتى لا تضطر تل أبيب للإقرار بوجود مشروع نووي لها. ودوماً تجد أميركا بجانبها من يساند موقفها في دول مثل بريطــانيا وكندا. والمثير للسخرية أن أميركا نفسها كانت قد وقعت على وثيــقة في العام 2012 تدعو دول المنطقة لإجراء مفاوضات لتجريــد الشرق الأوســط من السلاح، لكن لم تجر أبداً أية مداولات بهــذا الشأن، لا على الصعيد الدولي ولا على الصعيد الإقليمي.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد