أمريكا .. هذا الوباء

03-10-2013

أمريكا .. هذا الوباء

الجمل- مايك ويتني- ترجمة: د. مالك سلمان:

الولايات المتحدة هي الوباء الأكبر في هذا العالم. بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه, أو العمل الذي تزاوله, فإن الولايات المتحدة ستجد عذراً ما لكي تدسَ أنفها في شؤونك وتجلبَ التعاسة إلى حياتك. لهذا السبب هناك أعداء كثر للولايات المتحدة, لأنها أكبر "أزعر" في العالم كله. لا يستطيع مسؤولو واشنطن أن يتقبلوا فكرة وجود شخص ما, في مكان ما, يعيش حياة طبيعية سعيدة دون أن يتعرض للقصف بواسطة الطائرات الآلية ("درونز") أو يُخطفَ إلى أحد المواقع السوداء حيث يمكن لعناصر "سي آي إيه" أن يقتلعوا أظافره أو يشبعوه ضرباً وتعذيباً. هذه هي الحرب الكونية على الإرهاب. فهي تعني أن تدسَ أنفك الكبير في شؤون الآخرين 24/7. يستمد البعض متعة كبيرة من القيام بذلك. لماذا؟ لأنهم أشخاص "غليظون". مثل السكير الذي يدخل إلى حفلة العشاء التي تقيمها بشكل مفاجىء ويدلق النبيذ الأحمر على السجادة. هذه هي الولايات المتحدة باختصار: شخص "غليظ" من الدرجة الأولى.
الكل يعرف أن هذا صحيح, حتى المغالون في التعصب, فهم يعرفون أننا يجب ألا نكون في أفغانستان أو العراق أو الصومال أو اليمن أو أي مكان آخر نتواجد فيه. نذهب إلى هذه البلدان بهدف الإزعاج فقط, لأننا أشخاص مزعجون: "الولايات المزعجة الأمريكية".
سئمتُ من الكتاب اليساريين الذين لا ينفكون يتحدثون عن الإمبراطورية والقوة العظمى. فكل هذا هراء, كما أنه ضربٌ من التضليل. إذ إنه يرفع سلوك الولايات المتحدة إلى مرتبة يبدو معها وكأنه جزء من خطة كبيرة محكمة. لكن الأمر ليس كذلك. ليس هناك أية خطة. الخطة هي إرهاب الناس والتسلط عليهم حتى ينفذ صبرُهم. وهذه ليست خطة على الإطلاق. إنه مجرد وباء. إنه أشبه بالشخص "الغليظ" الذي يستمر في ركل مؤخرة مقعدك في الطائرة أو المتعصب دينياً الذي يظهر فجأة في رحلة نظمتها الشركة التي تعمل فيها. هل ستقولون لي إن لدى هذا المتعصب خطة؟ لا. ليس لدى المتعصب الديني أية خطة, كما ليس للولايات المتحدة أية خطة. فالولايات المتحدة تفعل ما تجيده بشكل ممتاز: تحويل نفسها إلى إزعاج من الدرجة الأولى.
والآن سيتم إغلاق الحكومة, أليس كذلك؟ وكافة المشرعين الليبراليين يفركون أيديهم وينوحون بأن العالم سينتهي لأن هذا العملاق المزعج سيأخذ عطلة. هل هذه هي المشكلة؟
دعوني أقل لكم شيئاً: العالم بحاجة إلى راحة من الولايات المتحدة لكي يتنفس قليلاً, ليس بشكل دائم, بل لخمس أو عشر سنوات من العطلة لكي نتمكنَ من أخذ قسط من الراحة والاسترخاء. هل هذا سيء إلى ذلك الحد؟ أعني, ألن يكون جميلاً أن نأخذ عطلة من كل هذا القتل, والتجسس, والتدخل في شؤون الغير؟ هل يمكنكم أن تتخيلوا ذلك؟ هل يمكنكم أن تتخيلوا كيف ستكون الحياة على هذا الكوكب لو كان بمقدوركم أن تفيقوا وتكتشفوا أن الولايات المتحدة قد اختفت لسنتين أو ثلاث؟
من يعرف, ربما يحدث تعاون بخصوص القضايا الكبيرة, مثل التسخين الكوني, أو الدمار البيئي, أو الأوبئة الكونية. أو ربما لن يحصل ذلك. ربما تبقى العلاقات بين البلدان متوترة كما هي اليوم. ولكن في كل الأحوال, ستكون الأمور أفضلَ بكثير مما هي عليه الآن, لأنه سيكون هناك قتلٌ أقل, وتشويه أقل, ومشاكل أقل. هذا لأن الوباءَ الأكبر في هذا العالم لن يكونَ موجوداً.


http://www.counterpunch.org/2013/10/02/america-the-pest/

تُرجم عن ("كاونتر بنتش", 2 تشرين أول/أكتوبر 2013)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...