أم كلثوم «تزور» باريس للمرة الثانية ... عبر معهد العالم العربي

19-07-2008

أم كلثوم «تزور» باريس للمرة الثانية ... عبر معهد العالم العربي

يقيم معهد العالم العربي في باريس معرضاً عن حياة أم كلثوم يضم الصور التي تحكي حياة «كوكب الشرق» منذ أن كانت صبية تغني في الموالد والحفلات... إلى أن صارت أكبر نجمة في العالم العربي، مروراً بالحوادث التي ملأت حياتها الفنية والشخصية مثل التزاماتها السياسية، كما يضم أرشيفاً صوتياً لأغنيات «الهرم الرابع» - كما تلقب أم كلثوم - والأحاديث التي منحتها الى الإذاعة خلال سنوات طويلة، والوثائق المكتوبة مثل المراسلات بينها وبين مقربين إليها، والمقالات المنشورة عنها في الصحافة العالمية.
وهناك مقهى تقليدي أشبه بـ «مقهى أم كلثوم» الشهير في القاهرة، ولكن أيضاً بعشرات المقاهي المصرية التي كانت تبث أغنيات الفنانة الكبيرة على مدار النهار والسهرة، فيتسنى لزائر المعرض الجلوس في هذا المكان وتناول مشروبه المفضل وهو يتلذذ بصوت «الست»، وكأنه في مصر تماماً.
ويلاقي المعرض اقبالاً واسعاً ويستقبل مئات الزوار يومياً طوال فصل الصيف، علماً أنه يستمر حتى منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ولم تتردد الكاتبة الروائية الفرنسية كلوتيلد إيسكال التي زارت المعرض في إبداء رغبتها في العودة إليه ثانية. وقالت لـ «الحياة»: «أنا مولودة في المغرب، ولكنني أتيت إلى فرنسا وأنا بعد صبية. ولم استطع أبداً نسيان أغنيات أم كلثوم التي كنت أسمعها وأنا صغيرة في بيت أهلي، علماً أننا عائلة فرنسية بحتة، وأملك الآن كل أغنيات أم كلثوم في شكل شرائط مسجلة وفي شكل أسطوانات «سي دي». وبمجرد أن علمت أن معهد العالم العربي سيقيم هذا المعرض، دونت تواريخه في مفكرتي وترددت إليه منذ اليوم الأول من دون أن أبالي بالوقوف ساعات طويلة في الطابور قبل أن أستطيع عبور المدخل وتخيل نفسي في القاهرة، كحال سائر الزوار من عرب وفرنسيين على السواء. وأنا أعرف الكثير من الباريسيين ومن أهل الريف الفرنسي، خصوصاً سكان منطقة «بورغوني» ممن شهدوا المعرض وإن كانوا لم يكبروا في بلد عربي. وأعتقد في منتهى البساطة أن الفرنسي يعثر في موسيقى أغنيات أم كلثوم على نبرات جديدة وغريبة كلياً عليه، وبالتالي فهو يرفضها أو يتقبلها بصدر رحب. وإذا فعل... وقع فوراً في غرام أم كلثوم وصوتها ونغمات أغنياتها وصار يعجز عن التخلي عنها. فنجده يقتني أسطواناتها ويستمع إليها وإن لم يدرك معاني الكلمات. فالحس الفني هو الذي يدخل في الاعتبار ويغري الأذن، وبالتالي يبدأ كل مستمع في تخيل كلمات تعجبه هو ويتخيل أن أم كلثوم تقول هذا الكلام».
وأضافت إيسكال: «أنوي العودة إلى المعرض كي أتمعن أكثر في تفاصيله وأقرأ ما هو مدون في الأرشيف الفرنسي الخاص بأم كلثوم. فأنا مع الأسف لا أقرأ اللغة العربية حتى أفهم كل ما هو مكتوب عنها، وثم لأنني أرغب في سماع أغنيات أم كلثوم في قاعات المعرض، وثم في المقهى مع فنجان شاي طيب».
أما الملحن الموسيقي الفرنسي يان دو روكفويي الذي زار المعرض أيضاً، فقال: «أضع نغمات عربية في كل الأغنيات الفرنسية التي ألحنها، وذلك منذ عشر سنوات. وأعرف أن أم كلثوم تغذي خيالي الفني ولو في شكل لا شعوري. وأنا أضحك على نفسي كلما فكرت في كوني لا أدرك كلمة واحدة مما تغنيه أم كلثوم. ومع ذلك، أتباهى عندما أتكلم مع الأصدقاء بأنني أعرف كل أغنياتها عن ظهر قلب. فكل ما أفهمه في الحقيقة هي كلمة «يا حبيبي» التي فسرها لي زميلي وصديقي العازف الجزائري خليفة الراشدي الذي يؤكد لي أنه في يوم ما سيشرح لي الأغنيات من الألف إلى الياء».
وأكد روكفويي أنه عثر في المعرض على «كنوز حقيقية من الأرشيف الموسيقي العائد إلى بدايات «أم كلثوم» الفنية، وبقيت نهاراً كاملاً في القاعات المختلفة أسمع... وأعيد السمع كي أدرك الفوارق الموجودة بين الإيقاع العربي والغربي. وخوفي الآن هو أن أكون تأثرت لا شعورياً بما سمعته، وأن أضع بعض هذه الأشياء في ألحاني المقبلة فيتهمونني بالتقليد».
واعتبر روكفويي أن «أم كلثوم تجاوزت الحدود الدولية، لأن موسيقاها وصوتها وأسلوبها في الترديد، كلها عناصر ليست في حاجة إلى دراسة من أجل أن نفهمها، بل فقط إلى حس فني وإنساني مرهف. وهذا في نظري ما صنع ولا يزال يصنع نجاحها».
وإذا كانت أم كلثوم زارت باريس مرة واحدة خلال حياتها كي تحيي حفلة على خشبة مسرح «أولمبيا» الشهير، فإن المعرض الحالي في معهد العالم العربي هو بمثابة الزيارة الثانية لـ «كوكب الشرق» الى عاصمة النور.

نبيل مسعد

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...