أطفال يحتجون على التغيرات المناخية بالرسم
تجمع نحو ثلاثين طفلاً في دمشق، ليشاهدوا رسوماً نفذوها منذ سنتين تحاكي موضوع التغيرات المناخية وأثرها في البيئة. كان ذلك في افتتاح المعرض الذي اقامته «الجمعية السورية للبيئة»، والمستمر حتى الاسبوع المقبل في مقهى «الحديقة البيئية» في دمشق. وفي حديقة تشرين، التي تستضيف معرض الزهور الدولي، يتجمع يومياً مئات الاطفال ليلونوا ويرسموا مواضيع تتعلق بالبيئة ايضاً.
الرابط بين التجمعين هو ان رسوم المعرض خرجت من ورش العمل السنوية التي يحتضنها معرض الزهور، وترعاها جمعية البيئة. وأما لماذا احتاجت الرسوم سنتين حتى تجد طريقها الى العرض، فهو ما توضحه عضو مجلس ادارة الجمعية ريما صباغ، التي تلفت الى ان فكرة رسوم الاطفال جاءت تلبية لدعوة المشاركة في معرض أقامته الأمم المتحدة في البحرين، منذ عامين، حول فكرة التغيرات المناخية ووعي الأطفال بتأثيراتها، وتقول: «اخترنا الأطفال الاكثر تميزاً، فنحن نحتفظ برسوماتهم بعد ورشات العمل السنوية، وقمنا بتوعيتهم حول الموضوع الذي سيرسمون حوله».
وتضيف: «شاركت الرسوم التي نفذها 37 طفلاً في مسابقة البحرين، لكنها لم تحظ بجوائز. ولما كانت شروط المسابقة تقضي بعدم امكان استخدام الرسوم المشاركة قبل ان تظهر النتائج، فلذلك تأخرنا في اقامة المعرض المحلي، بعدما لاحظنا ان هناك رسوماً تستحق التكريم».
ومن يزور المعرض سيلاحظ ان هناك رسوماً مميزة فعلاً، وفيها مخيلة والتقاطات ذكية، وذلك قياساً الى معدل اعمار الأطفال الذين نفذوها، وتتراوح بين 9 و14 سنة.
ومن تلك الرسومات، يلفت الانتباه رسم راما عياش (14 سنة) التي اختارت ان تعرض بيئة القطب المتجمد وتطرح تصورها للتغيرات المناخية وأثرها فيه. واللافت في الرسم ان منفذته تركت مساحة كبيرة من الورقة البيضاء بلا تلوين (مع العلم ان شغف الطفل يتمثل، عموماً، بملء المساحات الفارغة باللون) لتنقل اجواء الثلج والجليد، فيما اكتفت ببعض الخطوط لتدل على هيئات الدب القطبي والبطريق. وأما اثر التغيرات المناخية، فيبدو في رتوش اللون الازرق على المساحة البيضاء، لتدل على ذوبان الجليد، واما البطريق فيبدو وهو يحدث زميلاً له فيما يمسك، وهنا تبدو دقة التفاصيل، جريدة تحتل صفحتها الاولى صور لبطريق وخبر عنه.
وفي العموم، وعلى رغم تباين مستويات الرسوم والاعمار، يبدو ان جميع الاطفال سعوا الى اعطاء الطبيعة ملامح آدمية، سواء الشمس ام الاشجار والبنايات وغيرها، كلها لديها وجوه وتعبيرات تدل على حالتها في المعاناة او الراحة.
وأكثر التشخيصات التي اعتمدها الاطفال هي تلك التي تعطي الكرة الارضية ملامح رأس انسان. فهناك الكرة الارضية التي اثقلتها القذارة وأعيتها، ونجدها في حوض استحمام وقربها رجل يحاول غسلها بالفرشاة. وأيضاً الأرض التي تزخ قطرات العرق، وفي فمها ميزان حرارة يدل على ارتفاع حرارتها. ومن الافكار اللطيفة هناك رسم يصور رجلاً على سطح الأرض المليئة بالمصانع والدخان، وهو يستنجد بشخص آخر على كوكب قريب. كما تلفت الانتباه الفكرة الكاريكاتورية والمكثفة في رسوم عدة، ومنها رسم يصور الأرض على هيئة رأس آدمي يغطيه التلوث وبواعثه، فيما الأرض تحاول النجاة عبر ارتداء قناع واق. بعض الرسوم يمكن ان تنشر على صفحات الجرائد، كاريكاتور، ومن الصعب ان يخمن من يراها ان منفذها طفل!!
وإزاء ذلك، يبدو من الصعب أحياناً عدم التساؤل ما إذا كان الاطفال نفذوا تلك الرسوم دونما مساعدة؟. تجيب صباغ أنها ظنت ان هناك من ساعد الاطفال «فهم نفذوا رسومهم في بيوتهم، لكن عندما تسمع كلامهم عن رسومهم واثر التغيرات المناخية تفاجأ أيضاً بمعلوماتهم». لكن وتفادياً لأي ملاحظة، تتابع صباغ: «سنحاول في المستقبل جعلهم ينفذون الرسوم في الورش فقط».
اللافت في الموضوع ان الزائر سيقابل أشخاصاً فيه يحدثونه عن «رسوم فائزة»، على رغم ان المعرض لم يقم في سياق التباري، وتلفت صباغ هنا الى «نقطة سلبية»، اذ تقول: «هناك عضو في الجمعية يعمل مع الامم المتحدة في موضوع التغيرات المناخية، واستثمر المعرض لمصلحته واختار 5 اطفال اعتبرهم فائزين، فألبسهم قمصاناً عليها (لوغو) الامم المتحدة، وأخذ صورة لهم نشرها على موقع المنظمة وأوحى بأن المعرض هو مشروع يقام بالتعاون بينها وبين الجمعية، مع ان ذلك لم يحصل».
وعلى رغم المساعي الجيدة التي تبذلها جمعية البيئة في توعية الاطفال، واتاحة نافذة الرسم لهم في جناحها السنوي في معرض الزهور الذي يلقى اقبالاً لافتاً، فإن بعض «الحوادث»، مثل «استثمار» المعرض «البريء» لغرض شخصي، او جهل بعض اعضاء الجمعية، خلال الحديث معهم، بمصطلحات اساسية في موضوع التغيرات البيئية (مثل طبقة الاوزون وثقبها)، وهي معلومات تحدث عنها الاطفال في المعرض، تجعل من المبرر التساؤل عمن يحتاج فعلاً الى «التوعية»... أولاً؟!
وسيم إبراهيم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد