«فورين أفيرز»: الخلاف الأميركي التركي في سورية يهدد بتقسيم «ناتو»
اعتبرت مجلة «فورين أفيرز»، أن الخلافات الأميركية التركية بشأن سورية وتقارب أنقرة مع موسكو بات يهدد بتقسيم حلف شمال الأطلسي «ناتو».
وقالت المجلة الأميركية في مقال لها: كانت علاقة تركيا المتوترة بالولايات المتحدة في دوامة انحدار طوال سنوات. وظلّا منقسمين حول قائمة طويلة من القضايا، من انعطافة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه رفض الولايات المتحدة تسليم رجل دين مقيم في بنسلفانيا متهم بمحاولة الإطاحة بالحكومة التركية، أصبح الحلفاء المفترضون على خلاف متزايد».
وذكرت المجلة، أنه منذ الغزو الأميركي للعراق، الذي مهد الطريق لحكومة إقليمية كردية أكثر صرامة في شمال العراق، نظرت تركيا إلى الولايات المتحدة كقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وقد عزز هذا الرأيَ في أنقرة الدعمُ الأميركي للميليشيات الكردية في سورية، ودفعَ تركيا نحو أحضان روسيا، وأثار تساؤلات حول مدى التزام البلاد بحلف الناتو».
وقالت: «لإثبات مدى ضآلة إيمان تركيا بواشنطن هذه الأيام، انظر فقط في خطتها للحصول على نظام الدفاع الصاروخي المتقدم من طراز إس 400 من روسيا»، مشيرة إلى أن تركيا أكدت أن نظام «إس 400» مصمم لهزيمة تقنية الشبح الأميركية، وأن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من إمكانية استخدامه لجمع معلومات استخبارية قيّمة عن طائرة مقاتلة من الجيل الخامس، معلومات استخباراتية قد تنتهي في يد موسكو، عندما يحتفظ الفنيون الروس بأجزاء من النظام.
وأوضحت المجلة، أن أردوغان وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم يسعيان لتعزيز مفهوم أضيق لمصالح تركيا القومية، وهي فكرة تعتقد أن تعاوناً أوثق مع روسيا في القضايا الاقتصادية والأمنية الرئيسية سيخدمها، «ما يعني أن تركيا لم تعد تنظر إلى الولايات المتحدة كحليف لا يمكن الاستغناء عنه».
وذكرت، أن الأمور ساءت أكثر بين أميركا وتركيا مع اندلاع الحرب في سورية، حيث سعت أنقرة لتهميش الأكراد السوريين، الذين سيطروا في أوائل عام 2012 على المناطق الحدودية، مشيرة إلى حزب «الاتحاد الديمقراطي – با يا دا» والميليشيات المرتبطة به هما الفرع السوري لحزب «العمال الكردستاني»، وهو جماعة متمردة انفصالية في جنوب شرق تركيا تعدّه كل من الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية.
وأشارت المجلة إلى أن تركيا فشلت في التلاعب بقوة النيران الأميركية لمصلحتها، وسياستها المتمثلة في غض الطرف عن الفصائل المتمردة «الجهادية» في شمال سورية ما أوصلها في نهاية المطاف إلى مسار تصادمي مع واشنطن.
وذكرت أنه مع ظهور الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الإرهابيين في المناطق على طول الحدود، اختارت الولايات المتحدة تعزيز أهدافها المحدودة في مكافحة الإرهاب مع شريك مختلف: الميليشيات الكردية السورية، حيث أرسل اختيارها إشارة واضحة إلى أنقرة بأن الولايات المتحدة ستضع مصالح الأمن القومي الخاصة بها قبل مصالح تركيا، الأمر الذي ردت عليه أنقرة بالمثل، فغزت شمال سورية في عامي 2016 و2018، بهدف الضغط على الولايات المتحدة لقطع العلاقات مع الميليشيات الكردية السورية ومنع تشكيل كيان كردي مستقل على طول الحدود.
وقالت: «مع تباعد المصالح الأميركية والتركية في سورية، بدأت أنقرة إعادة تقييم احترامها أو رضوخها التقليدي لواشنطن بشأن قضايا الأمن القومي الأخرى أيضاً.وأضاف: «بعد ما يقرب من 17 عاماً من حكم حزب العدالة والتنمية، التي أغضبت الولايات المتحدة خلالها تركيا نتيجة الشراكة مع الأكراد السوريين، وبالتالي انقلب قسم كبير ومتزايد من النخبة الأمنية القومية ضد واشنطن، ونتيجة لذلك، تمكنت أنقرة من استكشاف شراكات مع الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية الأخرى».
وأوضحت أنه «لم يكن محور أنقرة تجاه موسكو نتيجة مقررة مسبقاً»، مضيفة أنه «ومع ذلك، ومع ابتعاد أنقرة عن واشنطن، أصبح من الممكن إقامة شراكة أوثق مع موسكو».واعتبرت المجلة أنه «من المفارقات أن تعاون تركيا مع روسيا نشأ بسبب نجاح موسكو في هزيمة الوكلاء المدعومين من أنقرة في ساحة المعركة السورية».
ولفتت المجلة إلى أنه في الوقت نفسه، برزت روسيا باعتبارها الشريك العسكري الأكثر موثوقية لتركيا في سورية، وقد مكّن ذلك أنقرة من استئناف عملياتها القتالية المحدودة في المناطق الحدودية التي تمارس الضغط فيها على الأكراد»، مشيرة إلى أن روسيا تستفيد من هذه العمليات لأنها تزيد من التوترات الأميركية التركية، التي بدورها تزيد من التوترات العالمية، لأن كلا الدولتين عضوان في حلف الناتو.
الوطن - وكالات
إضافة تعليق جديد