«طوق الياسمين»... عندنا ماهو أسوأ كثيراً من التحرش الجنسي

13-08-2008

«طوق الياسمين»... عندنا ماهو أسوأ كثيراً من التحرش الجنسي

يروي المسلسل السوري «طوق الياسمين» لمخرجه علي محي الدين علي قصة الطالبة الجامعية التي تتحدر من أسرة فقيرة، ما يضطرها إلى ترك الدراسة والبحث عن عمل لإعالة أسرتها، وهي في تلك الأثناء تتعرض للكثير من محاولات التحرش. ثم مع موت الأبوين تباعاً تبدأ الأسرة بالتحلل شأن الكثير من الروابط التي تتفكك بتأثير مجموعة ضغوط وعوامل تأتي من الخارج، وبالتالي نصبح شاهدين على بلوغ الأخ الصغير الهاوية بإدمانه على المخدرات.
يقول علي إن الحكاية لا تنتهي هنا بالطبع، بل هي بدأت لتوها. فنحن «نقف في مسلسلنا على ظاهرة التحرش بالمرأة عندنا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وعندما نوغل في التفاصيل سنكتشف أن للتحرش أبعاداً أخرى غير تلك القائمة في أذهاننا، فقد تربينا على أن التحرش يكون له وجه جنسي فقط، ولكن ها نحن نقف أمام ظاهرة التحرش الاجتماعي والإنساني وحتى الفكري بالنصف الآخر من المجتمع، وهو النصف الذي عادة ما يكون غير محصن وهشاً وسريع الانكشاف أمام عوامل القوة والضغط التي تكون بيد الرجل وهو يتعاطى بطريقة تجعل منه سريع العطب، وهذا ما يدفع بياسمين - لعبت دورها سلاف معمار - إلى قتل واحد من الأشخاص الذين يتعاقبون على التحرش بها من دون رحمة».
ويقول المخرج الشاب الذي انتهى أخيراً من تصوير مسلسله إن القصة الحقيقية تبدأ من هنا «مع إحالة ياسمين من الدوائر القضائية إلى مستشفى للأمراض العصبية والعقلية بهدف استقصاء حالتها وقول الكلمة الفصل، ومعرفة ما إذا كانت تعاني أمراضاً نفسية دفعتها الى ارتكاب جريمتها حتى نلتقي بالطبيبة المعالجة وهي في الوقت نفسه باحثة اجتماعية تعدّ رسالة دكتوراه موضوعها هو التحرش وسرعان ما تصبح ياسمين موضوع هذه الدراسة التي ستكشف عن تفاصيل مهمة ومثيرة في حياتها وحياة من يشبهنها من النساء».

وحول سؤال عن سبب «توريط» الطبيبة في موضوع ياسمين يقول علي: «ليس توريطاً، إنه جزء من معالجة درامية لا يكتمل العمل من دونها، فنحن نقف على حالة خاصة فشل القضاء في قول كلمته فيها، ما دفع بالمؤسسات التربوية والصحية لتقول كلمتها، وهذه حالة متقدمة نأمل بأن تتكرس في مجتمعاتنا، وهي ما فرض علينا أن نتيح المجال أمام الطبيبة لتقول الكلمة الفصل، وهذا في رأيي يسمح بتعقيد الحالة درامياً زائداً من سخونة الأحداث في مسلسل من ثلاثين حلقة، فهنا ستتدخل في السياق مجموعة شخصيات أخرى لا يمكن للمسلسل أن يستمر من دونها».
ويقول المخرج الذي عمل عشر سنوات مع المخرج حاتم علي قبل أن يعتمده هذا الأخير مخرجاً منفذاً في أعمال مثل «ملوك الطوائف»، «الملك فاروق» و«صراع على الرمال»، إن عمله الأول سبب له قلقاً مضاعفاً: «هو أول تجربة لي بعيداً من حاتم علي، وهذا يضاعف من حجم المسؤولية الملقاة على كاهلي، فأنا تلميذه وقريب منه بالمعنى الفني، و لكن من المطلوب مني أن أختط شيئاً خاصاً بي لأن العمل هو باكورة إنتاج شركة صورة التي يديرها ويشرف عليها المخرج حاتم علي، ولهذا فإن المطلوب مني هو أن أقدم مسلسلاً يجمع كل هذه الامتيازات في سلة واحدة اسمها طوق الياسمين، وهذه مسؤولية كبيرة آمل بأن أحقق منها ما يعزز مشروعي الفني».
ويقول علي رداً على تساؤل متعلق بالمنحى الرومانسي الذي يعتمده في عمله بالنظر إلى مآل الطالبة الجامعية نفسها: «الياسمين هو رمز المرأة في مجتمعنا الشرقي، والطوق هو مجموعة العقد والمفاهيم والأعراف التي يجب أن تتحرر منها هذه المرأة، فهي تمتد إلى نصف المجتمع شئنا أم أبينا، وهي الزميلة والأخت والأم التي تربي الأجيال، وإذا ما تركناها خاضعة لذئبية ما في مجتمعاتنا ولكل من يريد أن يتحرش بها بطريقته يؤدي هذا كله دائماً الى تأثيرات أكبر وأخطر من مجرد التحرش الجنسي، فنكون قد تركنا الأجيال نفسها عرضة لمختلف أنواع الأطواق وهذا لا يعود مقبولاً منا ونحن على أبواب القرن الواحد والعشرين».
ويضيف علي: «إن الطوق سيلتف من حول أعناق الجميع إذا ما استمرت الأمور بالشكل الذي سرنا عليه حتى الآن». ويقول: «إذا لم تستطع الرومانسية أن تتعادل مع هذا الواقع السوداوي الذي نعمل على تشريحه، فإن الكثير من التشوهات ستطاول هذه الأجيال ولن تجد من يصحح مسيرتها أو يقول كلمة في معضلاتها، ونحن سنكون شاهدين على كوابيسها هي بصفتها كوابيس الجميع، أو كوابيس مجتمع رفض في ساعة دلال وتمنع أن يمنح الحماية لهذا الكائن عندما كانت تتوجسه شتى أنواع المخاوف والاضطرابات النفسية».

فجر يعقوب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...