«سوق الحرامية» ضياع المستهلك بين التسمية والسعر
ما إن تدخل إلى سوق «الحرامية» حتى تلاحظ أنه يشبه سوق «الباله» من ناحية بيعه لكل بضاعة مستعملة، بدءاً من الثياب وصولاً إلى الأدوات الكهربائية وانتهاءً بالأحذية وأثاث المنزل والموبيليا.
في البداية لنتعرف إلى تاريخ السوق وأصل تسميته بـ «سوق الحرامية» وعن هذا السؤال أجابنا العم مصطفى«أصل تسمية السوق أنه في السابق كان عبارة عن سوق للخضار، وعندما انتقل سوق الخضار إلى الزبلطاني تحوّل السوق إلى شكله الحالي الآن، حيث أصبح سوقاً لبيع كافة الاحتياجات ولكن بسعر رمزي وبسيط.
ليس بالضرورة أن تكون الأشياء أو البضاعة المعروضة مسروقة، بل على العكس يقوم البائع بشراء تلك الأشياء من أصحابها بسعر ويبيعها بسعر مرتفع، حيث يكسب لنفسه بضعة من الملاليم كهامش ربح، وفي بعض الأحيان يتوافر في السوق بضاعة جديدة غير مستعملة وبأسعار رمزية.
الآن تغيّر الوضع فأصبح يسمى بـ «سوق الدراويش» وذلك لأن أغلب زبائنه هم من الأشخاص الذين لا يكفي دخلهم الشهري للشراء من الأسواق العادية، حيث ينخفض سعر أي قطعة في هذا السوق إلى النصف تقريباً، فالسترة المصنوعة من الجلد والتي يبلغ سعرها 2000 و 3000 ليرة سورية لا يكاد يصل سعرها في هذا السوق حتى 500 و 600 ليرة سورية.
والأمر ذاته ينطبق على الأحذية وباقي الاشياء فرب الأسرة الذي لديه خمسة أو ستة أولاد ودخله الشهري لا يتعدى 8 أو 10 آلاف ليرة سورية يجد هذا السوق ملاذاً آمناً لشراء الثياب بأسعار تتناسب مع دخله الشهري وهي ليست بالسوء الذي يتصوره البعض.
كما ذكر أحد زبائن السوق «إن جودة البضاعة هنا في هذا السوق جيدة جداً فيما يخص الثياب المستعملة الأجنبية الصنع، فمبلغ 2500 ليرة سورية يكفي لشراء الثياب من هذا السوق فسعر الكنزة على سبيل المثال 150 و 200 ليرة سورية ومن الممكن أن يصبح سعر اثنين منها 350 ليرة سورية والبنطال أيضاً لا يتعدى سعره 400 و 500 ليرة سورية، إلى جانب ثمن السترة الذي يتراوح بين 300 و 600 ليرة سورية».
إن الذي أوجد هذا السوق هو حاجة بعض مواطني الدخل المحدود والمواطنين المتقاعدين والذين لا يزالون مسؤولين عن أسرتهم، فأبو ابراهيم يشكو ألمه «بأنهم مهدّدون في أي وقت بأن تأتي المحافظة وتطلب إخلاء السوق، كون المنطقة الموجود فيها منطقة مخالفات، فأين نذهب نحن الذين مصدر رزقنا يكمن في العمل في هذا السوق ..
وفوق كل ذلك، فإن أغلب البائعين في السوق هم مستأجرون للمحل الذي يبيعون فيه بضاعتهم، حيث يصل مبلغ الإيجار 15 و 20 ألف ليرة سورية.
لذلك، فإن أغلب مطالب الباعة في السوق هي إيجاد مكان ملائم ومنظم وثابت والمحافظة هي الجهة المسؤولة عن إيجاد هذا المكان، على اعتبار أن جميع العاملين في هذا السوق ليس لديهم أي عمل بديل يؤمّن لهم لقمة العيش.
ومن المعروف أيضاً أن البضاعة المعروضة في السوق لا تقتصر على الثياب فقط، بل للأدوات الكهربائية نصيب من البيع، حيث يجوب باعة سوق «الحرامية» الشوارع وبعض الأحياء السكنية للطلب من المواطنين شراء بعض الأشياء المستعملة لبيعها في السوق. فعلى سبيل المثال يشتري البائع الغسالة بـ 1000 ليرة من مالكها الأصلي ليبيعها في السوق بـ 1500 أو 2000 ليرة سورية ويحصل على ربح بسيط من هذه العملية.
وما إن تصل الساعة الثانية ظهراً حتى ترى أن السوق تحوّل إلى خلية نمل متحركة من كثرة الازدحام. وعلى حدّ قول أحد الباعة «إنه الوقت المناسب للبيع».
وفي لحظة وقوفنا في السوق، صاح أحدهم وهو يجري بسرعة «لقد جاؤوا .. اهربوا»، وبلمح البصر اختفت البسطات التي كانت في وسط السوق، لم نكن نعرف ماذا يجري حتى أخبرنا بعض الباعة «إنهم الشرطة يأتون بين فترة وأخرى يومياً لضبط المخالفات ونقوم بإعطائهم مبالغ بسيطة من المال 200 و 500 ليرة سورية ليتركونا بسلام».
ماريشا زهر
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد