«الرباعية» تصطدم بموقف إسرائيل ونتياهو يصيغ خطوطا لحل طويل الأجل
عقد ممثلو «الرباعية الدولية» اجتماعا مع ممثلي السلطة الفلسطينية في بروكسل أمس، في أول محاولة لبلورة صيغة لاستئناف العملية السياسية في الشرق الأوسط.
وبدا جلياً أن هذا التحرك الرباعي الدولي يصطدم بنوع من الاعتراض الرسمي الإسرائيلي الذي تجلى في رفض الدعوة للوصول إلى العاصمة البلجيكية للمشاركة في المداولات. ومع ذلك قررت «الرباعية» إرسال وفد إلى إسرائيل للتشاور معها في سبل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وفي هذا السياق أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن استشعار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باقتراب الضغوط الدولية يدفعه إلى محـــاولة صياغة خطــة سياسية جديدة تقوم على قاعــدة الحل المرحلي الطويل الأجل.
وجرى الإعلان قبل أسبوع عن رغبة «الرباعية» في التحرك من أجل استئناف المفاوضات غير المباشــرة بيـــن إسرائيــل والفلسطيــنيين. وعــقد أمــس الاجتــماع الأول بهــذا الشـــأن في بروكــسل مع وفد الســلطة الفلسطينية، وهــو اجــتماع أعقب اتصالات جــرت بــين ممثلي «الرباعية» ومسؤولين مــن كــل مــن إســـرائيل والســـلطة. وتحـــاول «الربــاعية» بلورة صيغة أو خريطة طريــق لاستئــناف المــفاوضات حول قضـايا الحـل الـدائم.
وسيصل وفد دولي إلى إسرائيل للاجتماع مع المسؤولين، وخصوصا مع مفوض الحكومة لشؤون المفاوضات المحامي اسحق مولخو.
ونظرت إسرائيل بنوع من الاعتراض على التحرك الرباعي الدولي، ورأت فيه نوعا من الالتفاف على الاحتكار الأميركي لرعاية المفاوضات وخطوة دولية فرضت عليها. وقد حاول نتنياهو الحصول على ضمانات من الإدارة الأميركية بشـــأن أهــداف اللقاء، والبيان الذي ينــشر فـــي نهايته، ولكنه لم ينل الضمانات.
ولم يخف بعض المسؤولين الإسرائيليين اعتقادهم بأن الإدارة الأميركية تشجع «الرباعية الدولية» على التحرك، في إشارة إلى تخفيف التزامها بالتنسيق مع إسرائيل وكتحرر من ضغط الكونغرس المؤيد لإسرائيل. كما أن القبول الأميركي بتحرك «الرباعية» يظهر للاتحاد الأوروبي على وجــه الخصوص عدم ممانعة تجاه محـــاولة هذا الاتحاد الدفاع عن مصالحه في المنطقة.
وأشارت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن المتوقع أن يعرض مولخو على الوفد الدولي صيغة لاتفاق مرحلي طويل الأجل، بعد أن اقتنع نتنياهو ورجاله باستحالة التوصل إلى اتفاق دائم مع الفلســطينيين خلال الفترة المحددة التي تنتهي في أيلول المقبل.
وأشاع المقربون من نتنياهو أن السبب في عدم إرسال وفد إسرائيلي إلى بروكسل للمشاركة في المداولات يتمثل في رفض الفلسطينيين الجلوس إلى المندوبين الإســـرائيليين وجهاً لوجه. وأبلغ نتنـــياهو «الرباعية» بأنه على استعداد لإرسال ممثل إسرائيلي، هـــو مولخو فقط، إذا كان اللقاء مباشراً مع الممــثل الفلسطيني صائب عريقات.
وتزايدت في الأسابيع الأخيرة التقديرات في الحلبة الإسرائيلية بأن الدولة العبرية ستواجه عزلة دولية، إذا ظل طريق المفاوضات مسدوداً مع الفلسطينيين أو السوريين. وربما لهذا السبب أعلن نتنياهو أن إسرائيل تعيش في هذه الآونة وضعاً دولياً بالغ الصعوبة. وهذا ما دفعه قبل أيام إلى إبلاغ المستــشارة الألمــانية أنجيلا ميركل بأنـــه يعكف علــى صياغة خطة سياسية جديدة.
وتخشى إسرائيل من أن النتيجة المحتومة للعزلة الدولية هو إعلان فلسطيني من طرف واحد عن دولة فلسطينية مستقلة في أيلول المقبل. ولهذا السبب قررت إسرائيل عرض خطة على «الرباعية» تقوم على أساس التسوية المرحلية الطويلة الأجل، والمنفتحة على حل نهائي دائم. ولكن ثمة قناعة في إسرائيل بأن خطة كهذه لا تحظى، حتى في داخل الائتلاف الحكومي وفي حزب «الليكود» ذاته، بأغلبية كبيرة. ويؤيد هذه الخطة على وجه الخصوص وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وكذلك وزير الدفاع إيهود باراك.
وكان رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست شاؤول موفاز من «كديما» قد عرض خطة كهذه مفتوحة على وعد بحل دائم يمنح الفلسطينيين مساحة أرض مساوية لتلك التي احتلت عام 1967. ولكن موفاز حمل أمس على الخطة التــي أشيع أن نتنياهو سيعرضها على «الرباعية». وقال إن «قلة المـــبادرة السياسية تقود بالضرورة إلى مواجــهة في ظروف أصعب لإسرائيل».
وشدد على أن سياسة نتنياهو قادت إلى تآكل التأييد العالمي لإسرائيل، وأضرت بالتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ولذلك فإن «الوقت حـــان للأفعال، وقد شبع العالم من الأقوال».
وكانت «هآرتس» قد أشارت إلى أن نتنياهو قرر تغيير موقفه من المفاوضات تحت الضغط الدولي، وأنه يدرس خطة لتسوية انتقالية مع السلطة الفلسطينية. وقالت إن نتنياهو يفحص إمكانية أن يقترح على الفلسطينيين، بالتوازي مع بلورة تسوية انتقالية وتطبيـــقها الفوري، مسار للتسوية الدائمة ولإنهاء النزاع.
وفي إطار التسوية الانتقالية، تقوم دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، وبالتوازي تدار مفاوضات على المسائل الجوهرية للتسوية الدائمة، في محاولة للتحديد كيف ستظهر عليه الحلول التي ستطبق في المستقبل. وقـــالوا في مكتبه «نحن لا نريد التملص من التســوية الدائمة، ولكن التسوية الانتقالية هي طريق التقدم إلى هناك».
الموقف الجديد الذي يعرضه نتنياهو هو عملياً تراجع عن موقفه السابق الداعي إلى انه يرغب في محاولة الدفع الى الامام بتسوية دائـــمة على كــل المسائل الجــوهرية للنــزاع الاسرائيلي – الفلسطيني في غضون سنة.
وتدمج المبادرة بين اقتراح ليبرمان، ومشروع موفاز. ومعروف أن ليبرمان يقترح تسوية مرحلية بعيدة المدى، في إطارها تقوم دولة فلسطينية في حدود مؤقتة على 45 الى 50 في المئة من أراضي الضفة الغربية. اما مشروع موفاز فيتحدث عن اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة على 60 في المئة من اراضي الضفة، الى جانب تعهد اسرائيلي بان تكون المساحة النهائية للدولة الفلسطينية مماثلة لمساحة حدود 67.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد