قُبيل تصويت البرلمان اليوناني على «حزمة الإنقاذ» الأوروبية والمزيد من إجراءات «التقشف» التي تفرضها على البلاد، أعلنت نائبة وزير المالية، يوم أمس، استقالتها من منصبها، رفضاً للاتفاقية التي رأت أنها «مولود ميت».
قرر قادة دول منطقة اليورو خلال قمتهم المنعقدة في العاصمة البلجيكية بروكسل بالاجماع بدء مفاوضات من أجل منح اليونان خطة مساعدة ثالثة وسط اجواء من التفاوءل بعدم خروج أثينا من منطقة اليورو.
حينما يصير الاتفاق بحاجة لمعجزة سياسية، يصبح الحل على طريقة الأساطير: تقديم الأضاحي الكبيرة. القمة الطارئة لزعماء اليورو أوصلت إلى تلك الخلاصة، بما تمثله من بيان الوضع الراهن لأزمة اليونان المستعصية. الصدام لم يعد بحاجة لأقنعة. القضية ليست بين اليونان وألمانيا، بل بين معسكرين أوروبيين لكل منهما حساباته البعيدة، الأبعد بالتأكيد من خروج أثينا أو بقائها في تكتل اليورو.
ألغى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك اجتماع قادة ورؤساء حكومات دول الإتحاد الأوروبي، الذي كان مقرراً بعد ظهر اليوم الأحد، مع استمرار اجتماع قادة منطقة اليورو حتى انتهاء المحادثات حول اليونان.
فيما واصل وزراء مالية منطقة اليورو اجتماعاتهم، مساء أمس السبت في بروكسل، وسط تشكيك اوروبي في قدرة اليونان على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة منها للحصول على خطة انقاذ اخرى، أعلن مصدر أوروبي لوكالة "فرانس برس"، أن المانيا وضعت خططاً لخروج مؤقت لليونان من منطقة اليورو لخمسة اعوام في حال فشلت أثينا في تحسين اقتراحاتها للحصول على خطة المساعدة.
سلمت الحكومة اليونانية مقترحات جديدة لثلاثي الدائنين، المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي، قبل ساعتين من حلول منتصف ليل أمس، وانقضاء المهلة التي حددها الأخيرون لتلقيهم قائمة بـ«الإصلاحات» التي يسعون لفرضها كشرط لتمديد برنامج القروض لأثينا، وإبقائها في منطقة اليورو.
لحظات عصيبة يعيشها الآن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس. الرسالة القاسية التي وجهها له زعماء اليورو كانت واضحة: إذا لم تصدق أنك سترى نجوم الظهر، فنحن نساعدك على تخيّل سيناريو اليوم الأسود، إذا لم تقد التنازلات المطلوبة.
حينما تسمع تناقض كلام زعماء كبرى الدول الأوروبية، يمكن الاستنتاج بسهولة مدى المأزق الذي يقيم فيه الجميع.
صيحات الابتهاج المدوية في ساحة سينتاغما تَرَدَّدَ صداها في كل العالم.
شيء مثل الحلم عاشه اليونانيون هناك، وهم يتلقون أنباء فوز المعسكر الرافض للتقشف في استفتاء تاريخي. عيون الأوروبيين كانت مثبّتة على لحظات الحسم في أثينا، غير مصدقة ما يحدث. ما جرى بدا ضد المنطق وضد الحسابات، وضد كلّ ما وضع كهنةُ المشروع الأوروبي ثقلَهم خلفه.
تصنع اليونان التاريخ يوم الأحد. حكومة اليسار الراديكالي التي تقودها جعلت كل الطرق تؤدي إلى برلين هذه المرة. كيفما تم تقليب استفتاء اليونان، فخلاصة السؤال: نعم أم لا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. نعم أم لا لقيادة برلين للمشروع الأهم في الاتحاد الأوروبي، مشروع العملة الموحدة الذي يضم 19 دولة من بين دول التكتل الثماني والعشرين.