لا مخارج للأزمة التونسية وتعليق أعمال «المجلس التأسيسي»

07-08-2013

لا مخارج للأزمة التونسية وتعليق أعمال «المجلس التأسيسي»

استبق رئيس «المجلس الوطني التأسيسي» مصطفى بن جعفر، أمس، التظاهرة الكبيرة التي كان من المفترض أن تنظمها فئات المعارضة ليلاً والداعية إلى «حل المجلس التأسيسي» بشكل أساس، بإعلان تعليق أعمال المجلس إلى حين عودة الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية. المعارضة نظمت تظاهرة أمس أمام البرلمان للمطالبة بحل الحكومة (أ ف ب)
وفي وقت لا يبدو أن هذه الخطوة ستشكل اختراقاً في حالة الجمود السياسي التي تعيشها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز الماضي نظراً إلى تشبث مختلف الأطراف بمواقفها، فإنّ الائتلاف الحاكم حاول إثبات أنّ عمل المؤسسات لم يتأثر بالأزمة السياسية، حيث عقد «المجلس التأسيسي»، صباح أمس، جلسته العامة الأولى منذ اغتيال البراهمي خصصها لمساءلة الحكومة حول الوضع الأمني في البلاد و«تأبين» البراهمي، وذلك بحضور الحكومة.
وحضر الجلسة العامة 135 نائباً من المجلس المكوّن من 217 نائباً، فيما قاطع 60 الجلسات بعد إعلان انسحابهم من المجلس وغياب الآخرين. ووضعت صورة محمد البراهمي في مقعده داخل المجلس التأسيسي محاطة بالعلم التونسي وباقات من الورود.
وفي خطوة لم تشكل مفاجأة بالنسبة لكثيرين، أعلن رئيس «المجلس الوطني التأسيسي» مصطفى بن جعفر، مساء، تعليق أعمال المجلس إلى حين عودة الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية في تونس. وقال في كلمة متلفزة «أعلن تعليق أشغال التأسيسي وأتحمل مسؤولياتي في ذلك إلى حين عودة الحوار الوطني».
ودعا بن جعفر في كلمته «الاتحاد العام التونسي للشغل» وزعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي ورئيس «الحزب الجمهوري» محمد نجيب الشابي والقيادي في «الجبهة الشعبية» حمة الهمامي وقيادات حزبية أخرى للجلوس الى طاولة الحوار والخروج بحلول للوضع الراهن. وقال إن «المواطن التونسي سئم السياسة والسياسيين ويريد رؤية واضحة لمستقبله».
وكان بن جعفر قال خلال افتتاح الجلسة العامة صباح أمس، إن المجلس هو «خيار الثورة وركيزة الشرعية وسفينة النجاة».
وخلال هذه الجلسة، حذر رئيس الحكومة علي العريض من أن كثرة التظاهرات في تونس «تشوش» على «مكافحة الارهاب»، داعياً مواطنيه الى «التهدئة».
وأضاف في كلمته «أجدد الدعوة لكل الأحزاب والمنظمات.. لتعزيز اللحمة الوطنية وتكريس التهدئة الاجتماعية»، لافتاً إلى أنّ «مقاومة الارهاب يجب ان تكون فوق التجاذبات الانتخابية والمصالح الحزبية الضيقة والشخصية».
وقال «نأمل من جميع الاحزاب والجمعيات..الاصطفاف وراء المؤسسات الامنية فكل استهداف للامن والجيش هو استهداف للوطن والثورة».
من جانبه، أعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو أن أجهزة الأمن اعتقلت 46 شخصاً وانها تلاحق 58 آخرين بينهم 13 اجنبياً ينتمون الى «كتيبة عقبة بن نافع» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» والتي يتحصّن بعض أفرادها في جبل الشعانبي عند الحدود مع الجزائر.
وقال إنّ «مجموع المودعين (في السجن) من كتيبة عقبة بن نافع 46» بينهم «خمسة من الجناح العسكري وهم من اخطر الارهابيين» و«14 شخصاً ممن كانوا يمدونهم بالتموين والدعم اللوجستي»، موضحاً أن تسعة من بين الموقوفين اعتقلوا في جبل الشعانبي وانهم مدوا اجهزة الأمن بهويات كامل عناصر الكتيبة. كما أعلن «استمرار العمليات العسكرية والأمنية إلى حين اجتثاث الإرهابيين المتحصنين في الجبل».
بدوره، أكد وزير الدفاع رشيد الصباغ أنه «تم تكثيف الجهود الرامية الى مقاومة الإرهابيين في جبل الشعانبي من خلال طلعات متعددة (للطوافات) واستعمال المدافع لضرب المواقع التي يتحصنون فيها»، مشدداً على «استمرار هذه الطلعات الجوية إلى حين تمكن الجيش الوطني من قطع الطريق أمامهم سواء بإيقافهم أو القضاء عليهم».
وفي إطار التطورات الأمنية التي تشهدها البلاد، قال مسؤول في وزارة الداخلية إن الشرطة قتلت «متشدداً إسلامياً بالرصاص في ضاحية رواد الواقعة على أطراف العاصمة تونس» أمس، فيما لم تعرف أسباب الاشتباك.
بموازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية التونسي عثمان جارندي أن بلاده «تعوّل على التوافقات الوطنية» من اجل حل الازمة السياسية، رافضاً أي مقارنة بالوضع في مصر التي شهدت عزل الرئيس محمد مرسي.
وقال جارندي في مؤتمر صحافي خلال زيارته إلى الجزائر، «ليس هناك أي وجه للمقارنة بين الوضع في تونس والوضع في مصر»، موضحاً أن «في تونس مساراً ديموقراطياً بأحزاب تشارك في الترويكا (رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التاسيسي) واحزاب في المجلس التأسيسي ودستور في آخر مراحل كتابته».
في المقابل، وفي ردّ على تلميح زعيم «حركة النهضة» بالدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي في البلاد، رفضت أحزاب تونسية معارضة هذا التصور.
وقال النائب المنسحب من «المجلس التأسيسي» سمير بالطيب، وهو المتحدث الرسمي باسم «اعتصام الرحيل»، إنه ومن يمثل «يرفضون مقترح الاستفتاء»، مؤكداً التمسك بضرورة «رحيل هذه الحكومة وحل التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني».
من جانبه، قال المتحدث باسم حزب «حركة نداء تونس» لزهر العكرمي إن «مقترح الاستفتاء الذي تقدّم به الغنوشي سيكون مدنساً وغير نزيه ومرفوضاً لأن مؤسسات الدولة كلها بيد النهضة».
وفي وقت متأخر من ليل أمس احتشد عشرات الآلاف من التونسيين في وسط العاصمة تونس، حيث نظمت مختلف أحزاب المعارضة و«الاتحاد العام التونسي للشغل» تظاهرة كبيرة أمام مقر البرلمان لمناسبة مرور ستة أشهر على اغتيال المعارض شكري بلعيد.
وتطالب الأحزاب الداعية إلى التظاهرة بـ«حل المجلس التأسيسي والمؤسسات التنفيذية المتفرعة عنه»، في إشارة الى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، و«تشكيل حكومة إنقاذ وطني محدودة العدد برئاسة شخصية مستقلة وعضوية كفاءات وطنية مستقلة لا تترشح للانتخابات القادمة» و«تشكيل هيئة سياسية لجبهة الإنقاذ ودعوة سائر القوى الوطنية إلى الانخراط في مسار الإنقاذ».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...