مصر نحو تحريم رسم اللحية والنقاب
كانت الحرارة تزيد عن 32 درجة مئوية داخل القاعة العتيقة للمحكمة، الخالية من أيّ تكييف، في الدائرة الأولى لمحكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة. كان المشهد يستحق رسماً كاريكاتورياً ساخراً، خصوصاً حين انقطع التيار الكهربائي، قبل أن يعلن القاضي تأجيل البتّ في القضيّة المرفوعة من المحامي المصري نزار غراب، والتي تطالب بإصدار فتوى رسميّة، تحّرم رسم أي كاريكاتور يسخر من اللحية أو النقاب. يطالب المحامي المنتمي إلى التيار الإسلامي بتحريم "قانوني" لرسم أيّ ملتحٍ أو منقّبة. وتخاصم الدعوى شيخ الأزهر، ومفتي الجمهورية، ووزير الأوقاف بصفتهم، وتطالبهم بإصدار فتوى رسمية تحرّم رسم اللحى والنُقَب.
ويرى مراقبون معنيّون بحرية الرأي والتعبير، أنّ الهدف من القضية سياسي، وليس دينياً. ويعتبرون أنّ هدف غراب غير المباشر، هو ابتداع إطار قانوني، لمنع الرسامين من رسم الرئيس محمد مرسي ورئيس وزرائه هشام قنديل، اللذين أصبحا نجمي الكاريكاتور الساخر في مصر، دون منازع.
ينفي صاحب الدعوى أن يكون الهدف من تحرّكه القضائي سياسياً، مؤكداً أنّه "على رسامي الكاريكاتور احترام كون اللحية والنقاب مظهرين دينيين، وأن تصويرهما بشكل ساخر في الرسوم أمر مرفوض دينياً". كما يؤكّد أنّه يرحب بحرية الرأي والتعبير "لكن بعيداً عن اللحية والنقاب"، من دون أن يقدّم تصوّره الواضح مثلاً، عن كيفية انتقاد مرسي في الكاريكاتور، من دون إظهار لحيته.
ليست تلك الواقعة الأولى التي تطال حريّة الكاريكاتور منذ تولّي التيار الإسلامي السلطة في مصر. إذ خضعت الرسامة دعاء العدل للتحقيق، بعد نشرها لكاريكاتور في صحيفة "المصري" اليوم" اعتبره مقدم البلاغ بحقّها، إساءةً للإسلام.
يبدي رسام الكاريكاتور ياسر حسين استغرابه لذلك النوع من الدعاوى القضائيّة، "خصوصاً بعد ثورة غير دينية، رفعت شعارات الحرية والكرامة الإنسانيّة. لم نسمع خلال الثورة هتافات أو شعارات تقول إسلامية أو مسيحية أو نقاباً أو لحية". ويعتبر حسين أنّ الهجمة على الكاريكاتور ترجمة لعقليّة أصحاب التوجهات الدينية، من "إخوان" وسلفيين، الذين يحاولون تطويع القوانين لفكرهم، كنوع من أنواع السيطرة على أيّ شكل من أشكال المعارضة، تحت شعار حماية الدين.
ولا يتعامل حسين مع هذا النوع من الدعوات بجديّة، قائلاً إنّه حتى لو صدرت فتوى رسمية بمنع رسم الملتحين في الكاريكاتور، فإنّه لن ينفّذها. "هناك بالفعل فتاوى بتحريم الرسم نفسه، ومع ذلك لا يتوقف قلم فنان الكاريكاتير عن الرسم... وعموما إن أحببت أن أرسم ملتحياً، فقد أرسم لهم أبراهام لينكون"، يعلّق ساخراً.
مصطفى فتحي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد