ما هو مفهوم الشلة وما الذي يجمعها
لا يستطيع مأمون (24 عاماً) تخيل نفسه خارج الشلة التي تعرف الى أفرادها منذ كان طالباً في البكالوريا. فالشاب الذي أنهى دراسته الجامعية وبدأ عملاً متواضعاً، كما يصفه، في إحدى الشركات الخاصة يصر حتى اليوم على التواصل مع اصدقاء دراسته الذين أصبح لكل واحد منهم حياته الخاصة والتزامات تختلف بالتأكيد عن أيام الجامعة حيث كانت للشلة حياة تعج بالنشاطات المشتركة.
تعرف مأمون الى أصدقائه عبدالله وفريد وسامر وحسان من خلال اهتمامهم جميعاً بالسهر والخروج الى الحفلات وحضور مباريات كرة القدم وشكلوا ما يشبه المجموعة التي كانت تلتقي اسبوعياً. وخلال أيام الجامعة والمعهد خرج منها فريد وحسان وانضم إليها علي وعمار اللذان كانا يدرسان في الكلية نفسها مع مأمون فيما تخرّج عبدالله من أحد المعاهد المتوسطة. الشباب الخمسة يلتقون باستمرار حتى اليوم مع تبدل في الاهتمامات فرضته الحياة الجديدة بعد الانتهاء من الدراسة والدخول في مرحلة البحث عن فرصة عمل واقعية بدل الخيالات واحلام الدراسة.
وصارت شلة مأمون التي كانت تسهر حتى ساعات الصباح في لعب الورق والسهر وارتياد المطاعم والنوادي الآن أبعد ما تكون من الصخب وحضور الحفلات المختلطة والاقلاع عن استعراض كل فرد فيها بتعرفه الى صديقة جديدة.
ولم يتعرف هؤلاء الاصدقاء الى بعضهم بعضاً صدفة كما يؤكد علي خريج كلية التربية، موضحاً أن الامر كان مرتبطاً بوجود الاهتمام نفسه وربما القرب الجغرافي. فجميعهم من ضواحي دمشق الشعبية ويتشابهون في المنبت الاجتماعي والمشاكل وربما ينتقل التشابه الى الحلم الواقعي بالزواج بمن يحبون وبناء بيت صغير و«لو على السطوح» كما يقول علي ساخراً.
وقد يكون سامر الوحيد ضمن هذه المجموعة الذي لا يزال متعلقاً بالمكوث ساعات طويلة يومياً في الكلية والاستراحات والمقاهي الكثيفة المحيطة بها. فالشاب الذي تأخر تخرجه الى اليوم لا يزال يقضي ساعات طويلة بصحبة طلبة يصغرونه بثلاث الى اربع سنوات وبخاصة من الجنس الآخر ليتباهى بصداقته لأجمل الفتيات. وسامر الذي يبدو غير مبال الى درجة كبيرة له فلسفته الخاصة التي يعتبر أن لا فائدة من التخرج طالما انه لن يعمل بالشهادة التي سيحملها.
لكن سامر في المقابل هو أحد الاعضاء الاساسيين في الشلة، كما يرى عمار، مضيفاً ان لكل شخص حضوره الخاص والمحبب الذي لا غنى عنه على رغم المشاغل المختلفة التي حملت كل واحد باتجاه. اليوم يمضي عمار ساعات طويلة في محل والده ريثما يجد فرصة عمل تناسب اختصاصه فيما توجه علي نحو التدريس وعبدالله الى أحد المشافي الخاصة ليعمل إدارياً فيه. هذا التباعد لم يؤثر في سير اللقاءات شبه اليومية للشباب الخمسة وإصرارهم على تمضية مشوار يوم الجمعة خارج المنازل مع حضور «النارجيلة» معهم في أي مكان يذهبون إليه.
مأمون يرى أن اللقاء بين أفراد هذه المجموعة يشكل حاجة للتسلية والترويح عن النفس بعد ساعات العمل المملة. ويضيف ان الامر كان يحمل قبل سنوات خلت تصرفات فيها كثير من الشقاء والمبالغة في التعبيرعن الذات ومحاولة الهروب من الظروف الصعبة التي نعانيها بين الغناء والرقص والسهر الى ساعات الفجر يومياً بحجة وجود دراسة وامتحانات. ويتابع: «لكن الامر اختلف بالتأكيد اليوم وفي شكل جذري جداً مع الانشغال بالعمل على رغم عدم قناعة معظمنا بأعمالهم، والنظر الى تلك التصرفات بشيء من الضحك مع أنه لم يمض عليها أكثر من سنتين او ثلاث».
تلتقي الشلة اليوم دون ترتيب مسبق في منزل أحد الشباب وليس بالضرورة حضور الجميع خاصة اولئك الملتزمين أعمالاً تتطلب وقتاً طويلاً لإنجازها، ويقول علي: غالباً ما نلعب الورق وأحياناً نتابع فيلماً وربما نشرة أخبار والتعليق على ما يجري حولنا من أخبار فلسطين والعراق وحتى حفلات نانسي عجرم وأليسا لتنتهي السهرة على الاغلب بعشاء مما توافر».
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد