شــركـة ســويسـريـة لـ«بـيــع المشــاكـل»
قد تبدو فكرة تأسيس شركة لبيع المشاكل فكرة عبثية. وما إن تطرحها على أحد حتى تثير انتباهه وغيظه، فالناس لديهم من المشاكل ما يكفي، لكن إعلانات الشركة تقول ان الحياة لا يكون لها طعم من دون مشاكل، وهي قادرة على كسر الملل والرتابة.
شركة «need a problem» لبيع المشاكل هي شركة حقيقية لها موقع على الإنترنت يحمل الاسم ذاته، وقد أسسها ثلاثة شبان سويسريين هم هانز مارتن إمراين ومارتن كونجليا وبيورن هيرنج في مدينة برن السويسرية.
وتعلن الشركة على موقعها على الإنترنت قائمة أسعار المشاكل التي تبيعها لزبائنها، والتي تترواح بين يورو واحد إلى 500 يورو (650 دولارا تقريباً).
فالسعر يتوقف على حجم المشكلة ونوعها، أي أن المشكلة السهلة تباع بيورو واحد، ثم يستمر التدرج في قائمة الأسعار وفقاً لصعوبة المشكلة فمن 5 يورو إلى 50 و100، وهكذا حتى يصل السعر إلى 500 يورو للمشكلة الصعبة. وأغلى أنواع المشاكل هي التي يصل سعرها إلى 5 آلاف يورو، وفي تلك الحالة يمكن لهذه المشكلة أن تعمل على تغيير حياة الزبون بالكامل، كما تقول إعلانات الشركة.
على قهوة عربية في أحد شوارع ميونيخ، حيث يجلس عدد من الشباب العرب، تحاول قياس رد فعلهم على هذه الفكرة، وهل هناك إمكانية عند أحدهم لشراء مشكلة من الشركة؟ تعرض عليهم قائمة أسعار المشاكل، فيقابلوك بالسخرية والاستهجان، محاولين التأكد من حقيقة الفكرة وأنها ليست مزحة سخيفة.
إذاً لا أحد يرغب في شراء المشاكل، وليس لديهم الاستعداد لسماع مشكلة. لكن على الجانب المقابل فإن أصحاب الشركة استطاعوا بعد ثلاثة أشهر من تأسيسها بيع أكثر من 750 مشكلة، كلها من النوع السهل الذي يتراوح سعره بين يورو و500 يورو.
وعن ذلك يقول مارتن إمراين، وهو أحد المؤسسين، ان «النساء من ألمانيا هن أكثر زبائننا. إنهن يشترين المشاكل دائماً في فصل الخريف. في الحقيقة لا توجد تفرقة بين مشاكل الرجال ومشاكل النساء. والنساء اللواتي يشترين منا على درجة عالية من التعليم، وقد يبدو شراؤهن للمشاكل كنوع من الخبرة التي قد تفيدهم في المستقبل في حال وقوعهن في مشكلة ما».
إذاً لماذا يبحث البعض عن المشاكل كالأثرياء مثلاً؟ وماذا يرى هؤلاء في فكرة تلك الشركة التي تبيع لهم المشاكل؟
يقول الطبيب المصري ياسر الليموني ان بعض الأثرياء وأصحاب المال لا يعانون مشاكل الحياة الروتينية، التي تتطلب مثلاً العمل ربما إلى عشر ساعات يومياً من أجل توفير النفقات، لذلك نجد أن لديهم نوعاً من الفراغ. بعضهم يبحث عن ملء هذا الفراغ بالسهر وممارسة الرياضات الخطيرة والأشياء غير المألوفة، فذلك يولد لديهم شعوراً بالرضى والسعادة التي تعقب بذل أي مجهود.
ويضيف الليموني قائلاً «فكرة طرح مشاكل للبيع هي في حد ذاتها فكرة بسيطة وربما تافهة، لكنها في الوقت ذاته فكرة جهنمية، لأنها بالفعل تلقى رواجاً في بعض أوساط الأثرياء، إذ تحرك فضولهم في شراء الغريب وغير المعتاد. ويرى الطبيب المقيم في ميونيخ أن الشركة تجيد فن الإعلان عندما تعلن على موقعها أن مشاكلها ستحفز إفراز الأدرنالين.
ويستطرد الليموني في السياق قائلاً ان «هذا صحيح علمياً فالأدرنالين تفرزه الغدة فوق الكبدية وهو أنزيم مهم للإنسان، ويتم إفرازه في حالات الخطر والرياضة، وله ميزة كبيرة في مساعدة الإنسان على التركيز، ويساعد كذلك في رد الفعل السريع على المخاطر».
(«دويتشيه فيلله»)
إضافة تعليق جديد