جائزة انترالييه لفيليب دجيان.. النجاح المتأخر

17-11-2012

جائزة انترالييه لفيليب دجيان.. النجاح المتأخر

انتهى الأربعاء الماضي «سباق» الجوائز الأدبية الفرنسية الكبرى في العاصمة الفرنسية مع إعلان نتيجة «جائزة أنترالييه»، التي حصل عليها فيليب دجيان عن روايته «أوه»، في دورة الاقتراع الثامنة بخمسة أصوات. وبذلك ينتهي الموسم، الذي شهد هذه السنة العديد من الخيارات التي شكلت بعض المفاجآت للبعض، والتي كنّا أشرنا إليها سابقا، حين صدورها.
في أي حال، تشكل هذه الجائزة تعويضا ما، إذ عرف عنها أنها غالبا ما تكافئ أولئك الروائيين «المنسيين» الذين تتناساهم أغلبية اللجان الأخرى، من هنا لم يشكل فوز دجيان مفاجأة كبيرة وبخاصة أنه كان من أبرز المرشحين لجائزة «ميدسي» هذا العام، حتى أن اسمه كان غالبا ما يتردد في الصحف عبر التكهنات، إلا أن «ميدسي» ذهبت إلى إيمانويل بيرير يوم 6 تشرين الثاني الماضي.
عرف دجيان الشهرة الأدبية مع روايته «37,2 في الصباح» التي صدرت في منتصف ثمانينيات القرن المنصرم، كأن للفيلم الذي اقتبسه عنها جان ـ جاك بينيكس، الدور الكبير في ذلك، إذ شهد الفيلم اقبالا شديدا، مثلما ارتفعت نسبة مبيع رواياته وهو الذي لم يكن يبيع قبل الفيلم أكثر من عدة مئات من النسخ. وكأنه كان بحاجة إلى هذه الرواية ليعرف الشهرة، إذ تغيرت حياته، وكان أول قراراته بعدها مغادرة فرنسا، ليعيش في الولايات المتحدة لمدة عشر سنوات، وكانت هذه التجربة واضحة في رواياته اللاحقة، إذ تأثر كثيرا بالأدب الأميركي. بعد الولايات المتحدة سكن لسنوات في إيطاليا قبل ان يعود من فترة إلى فرنسا، وهو يبلغ اليوم الواحدة والستين من العمر، وأكثر من ثلاثين رواية في جعبته، وقد ترجم بعضها إلى أكثر من عشرين لغة.
في حوار صحافي أجرته «الاكسبرس» الفرنسية قبل أكثر من 15 يوما مع الكاتب، قال دجيان: «لا تهمني الجوائز أبدا، ولن اقبل بأي واحدة إلا إكراما لناشرتي». هل كان كلامه هذا مخرجا ما، أم أنه الواقع؟ ثمة واقع وحيد الآن في مسيرته، أنه بعد النجاح الجماهيري يعرف اليوم النجاح النقدي.
تدور مناخات رواية «أوه» حول فكرة القتل المتواصل، إذ نقع على قصة ميشيل الراوية التي تتعرض للاغتصاب في صالة منزلها من قبل رجل مقنع، قبل أن تصعد إلى غرفتها بهدوء كي تبدل ملابسها. كانت تنتظر ابنها فانسان وصديقته الجديدة، الحامل من رجل آخر. كان الشابان العاطلان عن العمل يبحثان عن شقة في باريس ويرغبان بأن تدفع لهما ميشيل ثمنها. فانسان يكره والدته ميشيل لأنها غادرت والده قبل سنتين، ومن جهتها تكره ميشيل ابنها لأنها تجده ضعيفا مثل والده، الذي لا تزال ترتبط معه بعلاقة عاطفية ما لكنها لم تستطع مسامحته لأنه صفعها ذات يوم، مثلما لم تستطع طيلة حياتها مسامحة والدها لأنه قتل 70 طفلا في نادي «ميكي» حين كانت في السادسة عشرة من عمرها.
وبسبب عملية القتل هذه أصبحت حياتها عبارة عن جحيم، من هنا ربما رغبتها في الانتقام الدفين من الجميع: لم تكن تحب أم زوجها لأنها تمارس غرامياتها مع شبان في الثلاثين من العمر. وحدها آن، التي كانت تدير معها شركة للإنتاج، كانت صديقتها المفضلة، ومع ذلك جعلت من زوج آن عشيقها. فقط كانت تخشى أن تعرف آن بالقصة وتتوقف عن الحديث معها، مع العلم بأنها لم تشعر أبدا بعذاب الضمير.
رواية عن علاقات مدمرة، عن قتل، عن خيانات، أي عن كل تلك الفضاءات التي كتب عنها دجيان طيلة مسيرته الأدبية، من هنا تبدو الجائزة أشبه بتكريم لهذه الروايات الماضية ولكاتب بقي طيلة حياته بعيدا عن المجتمع الأدبي.

إسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...