الطلب المحلي على الذهب شبه معدوم والانخفاضات لم تسعف الليرات والأونصات
شهدت أسعار الذهب في السوق السورية خلال الأسابيع الماضية انخفاضات متتالية متأثراً بتحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، إضافة إلى انخفاض سعر الأونصة عالمياً.
واليوم، يتمتع الذهب عالمياً باستقرار نسبي بالتزامن مع نظرة لبعض الاقتصاديين تقول إن الذهب يقف أمام مفترق لطريقين.. الأولى ستقود أسعاره إلى انخفاضات حادة وتصل به إلى أدنى من 1000 دولار أميركي للأونصة، علماً أنها سجلت أمس سعر 1662 دولاراً.
وفي هذا الجانب نفى رئيس جمعية الصاغة جورج صارجي صحة التوقعات بانخفاض الذهب إلى مستويات كبيرة مبيناً أنه من المتوقع وصول سعر الأونصة إلى 2000 دولار مع نهاية العام الجاري، وقال: «من المستحيل تصور هبوط أسعار الأونصة وعودتها إلى أرقام كنا نعرفها في السابق فقط، أما اليوم فهناك أسعار مختلفة لا تعود لتشبه مثيلاتها في السابق».
أما الطريق الثانية التي يتوقع الاقتصاديون أن يسلكها الذهب تتمثل بأن المعدن الأصفر سيرتفع إلى مستويات عليا أكثر مما هي عليه الآن بكثير، وكانت إحدى الدراسات التقنية لحركة الذهب الحالية تشير إلى وجود توقعين اثنين الأول هو ارتفاع الأونصة فوق مستوى 1750 دولاراً الأمر الذي يعزز استمرار الارتفاع فوق 2000 دولار للأونصة، أما التوقع الثاني وهو ضعيف نسبياً يتمثل بانخفاض الذهب دون مستوى 1500 دولار للأونصة واختراقه حاجز 1450 دولاراً ما يعزز هبوط الذهب في مرحلة تصحيح حادة يعاود بعدها الارتفاع من جديد. وخلال عدة أسابيع يتضح مسار الذهب في السوق مع ترجيح التوقع الأول.
وفي تأييده لهذا الرأي أشار رئيس جمعية الصاغة إلى الطلب الكبير والمتزايد على الذهب في دول شرق آسيا، وكذلك الأزمة المالية المتفاقمة التي تمر بها كل من أوروباً والولايات المتحدة الأميركية وانهيار اقتصادي المرتقب لتلك الدول في أي لحظة، «ما يجعل من الذهب الملاذ الأمن لاقتصاداتها وعلى الأقل ستفكر بالذهب وسيلة احترازية هذا إن لم تكن قد فكرت سلفاً وملياً بالأمر».
ونوّه صارجي بشراء كل من الصين والهند كميات هائلة من الذهب مبيناً أنهم يمثلون نصف العالم أي بما معناه أن نصف العالم الموجود في هاتين الدولتين يقتني ولا يزال يسعى لاقتناء الذهب أكثر من أي وقت مضى، ويساعدهم في ذلك الأموال الطائلة والثروات التي أصبحت تمتلكها هذه الدول.
ولفت صارجي إلى سماح الحكومة الصينية لمواطنيها مع بداية العام الحالي باقتناء وتجارة الذهب علماً أن هذا الأمر كان محظوراً لعقود طويلة، «وهو ما سيرفع الطلب على الذهب تدريجياً دون تراجع ما سيؤدي إلى رفع أسعار الذهب على الدوام».
وبيّن صارجي أن الطلب المحلي على الذهب في السوق السورية حالياً شبه معدوم حتى بما فيها الليرات والأونصات، ولم تسعفها الانخفاضات في أسعاره لأن الناس تصبح متخوفة من انخفاضات أخرى. واستدرك قائلاً: في حين لو كان هناك ارتفاع في أسعار الذهب لكنا شهدنا طلباً متزايداً على الذهب وأكبر دليل على ذلك ما حدث خلال الأشهر العديدة الماضية عندما تعاظم الطلب على الليرات والأونصات الذهبية عندما قرر الكثيرون التخلص من الليرة السورية خوفاً من تدهورها.
وفي سياق متصل انتقد صارجي قرار وزارة الاقتصاد رقم 746 الصادر في نيسان الماضي وتساءل عن الكثير من المفردات التي جاء القرار على ذكرها ولم يجد أي من أعضاء الجمعية الحرفية للصاغة تفسيراً لها مثل عبارة (السماح باستيراد مادة الذهب نصف الخام) والواردة في المادة الأولى من القرار إضافة إلى أن هذا الاستيراد هو بناء على مشتملات البند الجمركي رقم 7108 ما سيكلف استيراد الغرام الواحد من الذهب المنصوص عليه في القرار ما يزيد على 250 ليرة سورية.
وبيّن صارجي أن الفقرة (ب) من القرار تتحدث عن استيراد الذهب وفق بنود جمركية أخرى قد تصل بإضافة تكاليف غرام الذهب الواحد إلى أكثر من 80% من سعر استيراده.
كما طالب صارجي باسم الصاغة السوريين إيضاحات حول المادة رقم 4 من القرار والتي تقول إنه (يتم تسديد قيم المستوردات وفق أحكام قرار وزارة الاقتصاد رقم 53 لعام 2012)، وفيما لو كان على الصائغ المستورد إحضار قيمة الذهب المستورد بالعملة السورية والحصول على دولار بدلاً منها أو أن عليه إحضار الدولار بنفسه.
وبخصوص المادة 6 من القرار والتي تتحدث عن ضرورة تقيد الحرفيين بمجموعة من الضوابط خلال عملية التصدير قال صارجي: إن وضع المجوهرات في صندوق ووضع قيمة كل قطعة على حدة إضافة إلى القيمة الإجمالية لكافة محتويات الصندوق فيها تعقيد واسع للإجراءات وتعجيز للمصدرين.
واقترح صارجي تعديل هذه المادة بإلزام الصائغ المصدر بوضع الذهب في حقيبة يستطيع حملها بيده لأن الذهب ليس للشحن ويجب أن يبقى في متناول يد الصائغ، كما أن الالتزام بوضع سعر كل قطعة ذهب مصاغة على حدة أمر صعب للغاية لأن هناك من يقوم بحمل 200 زوج من الأقراط الذهبية على سبيل المثال وهنا يستحيل القيام بكتابة وزن وسعر كل قطعة منها على حدة، ومن الأفضل لو أن القرار نص على التزام الصائغ بإعلان الوزن الإجمالي والسعر الكامل لمجمل القطع المراد تصديرها، وخصوصاً أن صناعة الذهب هي صناعة حرفية بحتة وكل قطعة ذهب قد تحمل وزناً مختلفاً عن غيرها.
وأضاف صارجي: نص القرار أيضاً على أنه في حال صدرنا الذهب وأردنا إحضار كمية من الذهب الخام بدلاً من الكميات التي خرجت وتم بيعها في الخارج التصدير ستعتبر تلك الكميات المستوردة بمثابة الاستيراد وليست كبديل من الكميات التي خرجت، «وهو ما يفرغ الغاية الاقتصادية لتجارة الذهب من مضمونها إذ لا يمكن تصدير الذهب بربح 50 ليرة لكل غرام على سبيل المثال وفي الوقت نفسه يكلف الغرام الخام المستورد 250 ليرة ما سيجعلها تجارة خارجية خاسرة على الدوام.
حسان هاشم
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد