الخضر والفواكه تتخطى حاجزاً لم تصله منذ عشر سنوات واللحوم تترقب الأسوأ
لا وجود في الأسواق لأي مادة غذائية رخيصة سوى مادة البطاطا التي تباع بسعر 20 ليرة على البسطات المتواجدة على أطراف الطرقات العامة وعبر السيارات الجوالة، أما في البقاليات فسعرها يصل إلى 45 ليرة، إذا كانت البقالية مصنفة ضمن قائمة النجوم. فالغلاء مستمر ولم يعد عبارة عن طفرات أو هبات تتلاشى أو تهمد بعد عدة أيام من هبوبها.
وفي المقابل فإن الدخول على حالها لم تطرأ عليها أي زيادة بل إن ماحدث من ارتفاعات متتالية في أسعار كل المواد والسلع خلال الفترة الماضية جعل القوة الشرائية للمستهلكين تصاب بالاعتلال والضعف، فشراء أي سلعة يستلزم رصد 20 – 30% زيادة على قيمتها التي كانت سائدة قبل نحو أربعة أشهر وبعض السلع تضاعفت مثل الأدوات الكهربائية.
الأطعمة الشعبية
كان الفقراء يدبرون أمور معيشتهم اليومية من خلال الاعتماد على تناول الفلافل – حمص مطحون – لبن – بطاطا مقلية – فول – وكانت تلك المواد رخيصة وتوفر وجبة معقولة للعائلات الفقيرة التي لا يزيد دخلها الشهري على عشرة آلاف ليرة لكن هذه المواد لم تعد في متناول يد الأسر الفقيرة فإما ارتفعت أسعارها بشكل كبير مثل اللبن 40 – 50 ليرة للكغ أو تضاعف سعرها مثل الحمص المطحون – مسبحة من 60 إلى 150 ليرة للكغ، وكانت تلك الأسر تتجرأ على شراء فروج مشوي بحدود 300 ليرة كل أسبوع مرة.
لكن الآن أصبح سعر الفروج المشوي بين 450 – 500 ليرة كما ارتفعت معه كل المواد والسلع فازداد حال مثل هذه الأسر سوءاً يضاف إلى ذلك أن العديد من هذه الأسر فقد فيها المعيل الوحيد مصدر دخله فتحول إلى البطالة بسبب الركود الاقتصادي والظروف السائدة حالياً.
ما سرّ الغلاء؟
إحدى السيدات كانت تتسوق حاجيات منزلها في منطقة باب سريجة قالت: يمكن أن نفهم سبب ارتفاع أسعار السكر والرز والطون والسردين والأجبان المستوردة وكل السلع التي يتم استيرادها وذلك بسبب ارتفاع أسعار الدولار، لكن السلع المنتجة محلياً وخاصة المنتجات الزراعية لا يمكن تفهم ولا تبرير ارتفاع أسعارها!.
فجرزة البقدونس أو البندورة أو الخيار.. الخ. لا أحد يمكنه تبرير ارتفاع أسعارها، فقد لجأت إلى الورقة والقلم فوجدت أن تجهيز صحن تبولة وسط يكلف 250 ليرة وصحن الفتوش تصل تكلفته إلى 150 – 200 ليرة وهذا نوع من المقبلات وليس وجبة، أما إذا أرادت أي ربة منزل صنع وجبة غداء، من الفاصولياء مع طبق رز فإن تكلفة هذه الوجبة تصل إلى 800 ليرة في الحد الأدنى وهذه الوجبة معدة لأسرة صغيرة مكونة من خمسة أفراد، فنصف كغ رز مع كغ فاصولياء مع نصف كغ لحمة يضاف لها التوابل والبصل... الخ، وبالتالي نستنتج كما تقول تلك السيدة إن وجبة الغداء لأسرة صغيرة تفوق تكلفتها الألف ليرة، وهذا يعني أن وجبات الغداء لأسرة صغيرة يمكن أن تكلف 30 ألف ليرة شهرياً وإذا أضيف لها مبلغ 400 ليرة يومياً تكلفة وجبتي الإفطار والعشاء فإن إجمالي تكلفة التغذية يصل إلى 42 ألف ليرة علماً أن متوسط الدخل في سورية لفئة ذوي الدخل المحدود لا يتجاوز الـ25 ألف ليرة وفي هذا السياق نستذكر ما قاله أحد وزراء الاقتصاد السابقين في صيف عام 2008 إن 70% من دخل الأسرة في سورية يذهب إلى التغذية وأيضاً يمكن أن نستذكر الدراسة التي أعدها المكتب المركزي للإحصاء في صيف عام 2010.
والتي كانت خلاصتها أن الأسرة السورية يلزمها شهرياً مبلغ 31 ألف ليرة لتدبّر أمور حياتها وهذه الأرقام مبنية على أسعار عام 2010 أما الآن فيمكن أن يضاف إلى هذا الرقم نسبة من 20 إلى 40% كي تتمكن الأسرة المكونة من خمسة أفراد تدبر أمور حياتها.
باختصار: إن الواقع الحالي خاصة ارتفاع الأسعار يشير بشكل واضح وجلي إلى حجم الصعوبات المعيشية الكبيرة التي تواجه الأسرة السورية والتي دفعها الواقع الحالي الصعب إلى ابتداع وانتهاج أساليب جديدة من الترشيد والتقشف والاكتفاء بالأساسيات وأهم هذه السلوكيات خفض استهلاك اللحوم والخضر والفواكه.
كما أن هذا الواقع يحتم على الدولة صياغة خطط جديدة لدعم المواد الأساسية وتشميل مواد جديدة بالدعم الحكومي مثل الزيوت والسمون والشاي والعمل على زيادة المرتبات والأجور.
المواد الأساسية
حصل انخفاض جديد على أسعار المواد الأساسية مبيع بالجملة خلال الأسبوع الماضي فقد انخفض سعر طن السكر ألف ليرة ويباع حالياً بـ58.5 ألف ليرة كما انخفض سعر طن الرز بمقدار ألفي ليرة إذ يباع حالياً بـ68 ألف ليرة وكان يباع الأسبوع قبل الماضي بـ70 ألف ليرة.
كما تراجعت أسعار الزيوت والسمون بشكل لافت فصفيحة زيت القطن تراجعت من 2300 ليرة إلى 1565 ليرة كما تراجع سعر ليتر بعض باقي أنواع الزيوت بمقدار خمس ليرات وتراجع سعر كغ السمون الوطنية الريف – الزهرة – الوردة بمقدار عشر ليرات مبيع بالجملة أما المنظفات فتقدر نسبة تراجع أسعارها بنحو 20% كما تراجع سعر كغ الشاي بمقدار 50 ليرة وكان سعر العلبة الكبيرة للشاي المعبأ (ظروف) 600 ليرة والآن يباع بـ450 ليرة بالجملة.
أيضاً تراجع سعر كغ الحلاوة الطحينية من 220 ليرة إلى 190 ليرة بالجملة كما شهدت الأسواق خلال الأسبوع الماضي عرض كميات كبيرة من السردين والطون وتم استيراد سردين من منشأ صيني لأول مرة وبأسعار معقولة 41 ليرة للعلبة الواحدة جملة، أما بالنسبة للبيع بالمفرق فلا تزال الأسعار على حالها، أو أن الانخفاض الذي طرأ على أسعار الجملة لم يوازه انخفاض مماثل في أسعار المفرق.
الأعلاف واللحوم
لم يحدث ما كان متوقعاً من انخفاض مهم في أسعار الأعلاف خلال الأسبوع الماضي بعد تحسن سعر صرف الليرة.
فقد حافظت أسعار الأعلاف على ما حققته من ارتفاعات باستثناء مادة الذرة التي تراجع سعر الطن منها ألف ليرة.
وكان متوقعاً حدوث تراجع في الأسعار بنسبة 25 – 35% وهي النسبة التي طرأت على سعر صرف الليرة، لكن يبدو أن تجار الأعلاف والمستوردين يرفعون أسعار الأعلاف إذا ارتفع سعر الصرف أما إذا انخفضت قيمة الدولار فهم غير معنيين بخفض الأسعار بما يوازي ما حصل من تطورات على سعر الصرف، علماً أن معدل تداول الأعلاف هو في أدنى حالاته إذا ما قيس بمثيله في السنوات السابقة بسبب خروج مئات بل آلاف المداجن من العمل نتيجة للظروف الاستثنائية الحالية التي تمر بها البلاد.
أما بالنسبة لأسعار الفروج فقد حافظت على ما حققته من ارتفاعات خلال الأسابيع الماضية وفي الأسباب نجد قلة الكميات المنتجة ما يعني زيادة في الطلب إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف أما مادة البيض فقد طرأ انخفاض على أسعارها والسبب يعود إلى الزيادة في الإنتاج التي حصلت نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي يزداد فيها إنتاج الدجاج البياض، وفيما يتعلق باللحوم الحمراء فأسعار لحوم أغنام العواس الحية على حالها، لكن لابد من الإشارة إلى الصعوبات الكبيرة التي يعاني منها المربون نتيجة سوء حالة المراعي الناجمة عن قلة الهطلات المطرية، وهناك أحاديث عن حالات تهريب للأغنام يقوم بها بعض تجار التهريب مستغلين سوء الحالة المادية للمربين الذين اضطرتهم الظروف الحالية إلى الاعتماد على الأعلاف الجاهزة الباهظة الثمن علماً أن الدورة العلفية التي فتحتها وزارة الزراعة منذ بداية الشهر الحالي لا توفر الغذاء للرأس الواحد إلا لعدة أيام..
الخضر والفواكه
لا تزال أسعار الخضر والفواكه مرتفعة جداً ولم يعهدها السوريون منذ أكثر من عشر سنوات، ولعل السبب في ذلك يعود إلى قلة المساحات المزروعة بسبب عدم تمكن الفلاحين من زراعة كامل المساحات بسبب الظروف الراهنة، في العديد من المناطق وما تخلفه ممارسة العصابات الإرهابية المسلحة من افتقاد للأمن والأمان وإصابة الحياة العامة بنوع من الشلل في بعض المناطق الساخنة.
المحروقات
بات وضع مادة المازوت مقبولاً فأسعار الليتر في السوق السوداء بين 18 – 20 ليرة فقد انتهى موسم التدفئة ويتركز الطلب على المادة حالياً لتشغيل المحركات والآليات أما مادة الغاز المنزلي فهي متوافرة بيسر وسهولة وسعرها الرائج 525 ليرة والرسمي 400 ليرة للمستهلك.
أخيراً بيع غرام الذهب في السوق السورية يوم أمس عيار 21 قيراطاً بـ3375 ليرة وعيار 18 قيراطاً بـ2893 ليرة وبلغ سعر الليرة الإنكليزية عيار 22 بـ28700 ليرة وعيار 21 بـ27400 ليرة أما الليرة الرشادية فهي بـ25700 ليرة وبلغ سعر الأونصة 1656 دولاراً.
محمد الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد