هواجس ممدوح عدوان الشعرية في كتابه الأخير
لم يمهل القدر ممدوح عدوان كي يرى مخطوطه الأخير مطبوعاً.. وهاهو يبصر النور أخيراً،تحت عنوان «هواجس الشعر ـ دار ممدوح عدوان».
الكتاب حصيلة عمل الشاعر واشتغالاته النقدية في حقل الشعر تحديداً، طوال نحو أربعة عقود،كان خاض خلالها معارك وسجالات ساخنة،في معنى الشعر ومفهومه للحداثة، وتأثير التكنولوجيا على الشاعر والمتلقي،بالإضافة إلى شهادات ،كان صاحب «أمي تطارد قاتلها» قدمها في ندوات واستفتاءات وحوارات صحفية.ويلحظ قارئ الكتاب حجم التحولات في آراء هذا الشاعر المشاكس،خصوصاً فيما يتعلق بقصيدة النثر،فقد كان يرفض معظم نماذجها، لينتهي به المطاف إلى الاعتراف بها وكتابتها أيضاً،وربما هذا ما يفسر خفوت نبرته الشعرية في السنوات الأخيرة،بعد أن كان شاعراً ايقاعياً بامتياز، ويدافع بشراسة عن خياراته، ففي قصائده الأخيرة،يستكشف مناطق شعرية لطالما أهملها في تجاربه السابقة، لانهماكه الطويل في مقارعة قضايا كبرى،قادت قصيدته إلى ضفاف الشعر العمومي، هذا الشعر الذي جاء ترجيعاً مباشراً لهزائم ونكسات متلاحقة ،وجد جيل الستينيات، الذي ينتمي إليه ممدوح عدوان، نفسه أسير هواجس سياسية ووطنية،أطاحت بجماليات القصيدة وابتكاراتها اللغوية،ومعانيها من الداخل،وربما لهذا السبب أعاد الصرخة مرة أخرى بقوله «نحن جيل بلا آباء»، في مسعى نقدي لاحق لترميم قصيدته من الرطانة العابرة،وسحبها إلى منطقة أليفة، تعتني باليومي،من دون أن يتخلى عن أهمية الإلقاء في الشعر،وفحص تاريخية الشعر العربي، والتباس النظرة إلى «المقروء والمنطوق والمرئي»، وصولاً إلى تأثير الكمبيوتر على بناء القصيدة ومراميها البلاغية والايقاعية.
ويرفض ممدوح مقولة «موت الشعر»، فيضع اللوم على «موت القارئ»، معتبراً أن الأزمة التي يعيشها الشعر العربي، منذ خمسين عاماً، جاءت من خارج الشعر، وبتأثير أنماط الحياة الحديثة،وموجة الشعراء الجدد، هؤلاء الذين انصاعوا للشعر المترجم،وخربوا الذائقة.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد