ليبيا: انطلاق معركة بني وليد وسرت والأنتربول يصدر «مذكرة حمراء» لاعتقال القذافي
بدا أمس أن ثوار ليبيا قد اختاروا الحسم العسكري وسيلة لتحرير البلاد من بقايا الوحدات الموالية للرئيس الفار معمر القذافي، وذلك إثر تعثر المفاوضات الجارية بوساطة قبلية لحقن الدماء. وقبل ساعات من انتهاء المهلة الممنوحة لمدينتي بني وليد وسرت للاستسلام، شهد الوضع الميداني تطوراً ملحوظاً، بعدما تحرك الثوار لاقتحام بني وليد، التي شهدت اشتباكات عنيفة، سرعان ما امتدت إلى سرت، فيما واصل المجلس الوطني الانتقالي إرسال تعزيزاته العسكرية باتجاه مدينة سبها بانتظار ساعة الصفر لفتح هذه الجبهة في الجنوب.
وابتداءً من مساء يوم أمس، خاض الثوار الليبيون قتال شوارع مع القوات الموالية للقذافي في بني وليد، في ما قد يكون بداية للهجوم النهائي ضد المعاقل الأخيرة للقذافي.
وقال المسؤول البارز في المجلس الوطني الانتقالي عبد الله كنشيل إن المقاتلين المناهضين للقذافي يقاتلون القناصة في شمالي بني وليد، وإنهم دخلوا أيضا بعض أحيائها من جهة الشرق.
وكان المجلس الانتقالي الوطني قد منح بني وليد، التي تبعد 150 كيلومترا جنوبي شرقي طرابلس، ومدينة سرت الساحلية، مهلة حتى اليوم للاستسلام سلمياً، وإلا واجهتا القتال.
وبرر كنشيل فتح جبهة بني وليد قبل انتهاء المهلة، بأن الثوار تحركوا لحماية المدنيين. وقدّر كنشيل أعداد الموالين للقذافي بحوالى 600 مقاتل، مشيراً إلى أن تعزيزات على الأرجح قد وصلت مؤخرا إلى هؤلاء المقاتلين.
ولفت كنشيل إلى أن «خلايا نائمة من الثوار تحركت داخل بني وليد»، مشيراً إلى أن «اشتباكات تدور بينها وبين عناصر مسلحة موالية للقذافي في شوارع المدينة».
وشدد كنشيل في الوقت ذاته على أن ما يجري «ليس هجوما شاملا، بل محاولة للقضاء على المواقع التي تنطلق منها الصواريخ وتستهدفنا، والقضاء أيضا على القناصة». وتابع «لا نريد هجوما شاملا من دون قرار من المجلس الوطني الانتقالي، لكننا في الوقت الحالي لا نملك أي خيار آخر إذ إننا نريد حماية وإنهاء محنة المدنيين.
وقال شهود عيان إن موالين للقذافي أطلقوا في وقت سابق زخات من الصواريخ على مقاتلي المجلس الانتقالي ناحية الشمال من بني وليد، وناحية الشرق من مدينة سرت، التي شهدت مداخلها ليل أمس قتالاً عنيفاً بين الجانبين.
وأرسل المجلس الانتقالي الليبي مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى سبها في الجنوب. وقال مسؤولون في القيادة العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الوطني في طرابلس ان ما بين 100 و150 عربة أرسلت إلى سبها أمس، وإن المزيد سيتوجه إلى هناك في قافلة في وقت لاحق اليوم.
وكان المقاتلون الموالون للقذافي استبقوا انتهاء مهلة الاستسلام بشن هجمات صاروخية على الثوار قرب بني وليد، بالإضافة إلى شنهم هجوما مضاداً في الوادي الأحمر الذي يبعد 60 كيلومتراً شرقي سرت.
وقال القائد الميداني للثوار عبد الله الخزامي «تتعرض قواتنا للقصف بصواريخ من نوع غراد، ونرد على مصادر النيران». وأضاف إن الثوار «يسيطرون حاليا على كامل وادي دينار» الذي يفصل بين مواقع المعارضين والمدينة التي تعتبر ممرا استراتيجيا نحو المعاقل الأخرى المتبقية للقذافي. وقال إن «الثوار بلغوا أبواب المدينة، وأول أحيائها بات أمامنا، لكننا لن ندخلها حتى تنتهي المهلة الممنوحة للاستسلام».
وعلى الطريق إلى سرت، مسقط رأس القذافي، سيطر الثوار أول من أمس على الوادي الأحمر، على بعد 60 كلم من المدينة، لكن جنودا موالين للقذافي شنوا هجوما مضادا في الوادي الأحمر.
وبعد ساعتين من المعارك العنيفة، صمد الثوار في مواقعهم، واحتشدوا على طول الطريق خلف مبنيين على طريق الخروج من المدينة، وردوا بالمدافع المضادة للطائرات. ويتمثل الرهان بالنسبة للثوار في التمركز اقرب ما يمكن من سرت في انتظار شن الهجوم الأخير. وأكد رئيس هيئة الإسناد والدعم لثوار بني وليد عبد الله الحكيم أن «قوات القذافي تستهدفنا بالصواريخ لمنع تقدمنا نحو المدينة»، كما تطلق «قنابل عنقودية».
في هذا الوقت، اصدر الانتربول «مذكرة حمراء» طلب فيها من الدول الأعضاء الـ188، اعتقال القذافي وابنه سيف الإسلام وصهره رئيس الاستخبارات عبد الله السنوسي الذين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقهم مذكرة توقيف.
وقال الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية رونالد نوبل إن تلك المذكرة «ستحد كثيرا من إمكانية الرجال الثلاثة عبور الحدود وستكون أداة مهمة للمساعدة على تحديد مكانهم والقبض عليهم». وأضاف ان القذافي «هارب من بلاده والمحكمة الجنائية الدولية تريد اعتقاله وملاحقته على التهم الخطيرة الموجهة إليه».
وقال رئيس حكومة النيجر مسعود حسومي إن نيامي ستحترم التزاماتها تجاه المحكمة الجنائية الدولية اذا دخل القذافي أو أبناؤه البلاد. وقال «نحن موقعون على نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) وبالتالي يعلمون ما سيتعرضون له اذا جاءوا. النيجر دولة حقوق ونحن سنحترم ايضا التزاماتنا الدولية».
وقالت مصادر أمنية في النيجر إن مجموعة جديدة من مسؤولي القذافي تتألف من 14 شخصا بينهم اللواء علي خانا الذي ينتمي لقبائل الطوارق وكان من المقربين للقذافي والمسؤول عن قواته الجنوبية موجودة في مدينة اغاديز بشمال النيجر.
وأكد مصدر رفيع المستوى من الطوارق أن قادة عسكريين مقربين من القذافي يتواجدون في بوركينا فاسو بعدما عبروا النيجر، لكن وزير اعلام بوركينا فاسو الان ادوار تراوري نفى هذا الامر.
وفي نيويورك، قال دبلوماسيون عاملون في الامم المتحدة ان مجلس الامن سيصوت الاسبوع المقبل على قرار يقضي بإرسال بعثة لمدة ثلاثة اشهر الى ليبيا.
وأشارت المصادر إلى أن مجلس الأمن سيوافق على ارسال بعثة تساعد السلطات الانتقالية الليبية على تنظيم انتخابات وصياغة دستور.
وجاء اقتراح ارسال هذه البعثة من الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون في رسالة وجهها الى اعضاء مجلس الامن، بحسب ما قال ايان مارتن.
وتابع ان اعضاء مجلس الامن يتناقشون حاليا في مشروع القرار، على ان يعرض على التصويت «في اقرب وقت ممكن» لكي تتمكن الامم المتحدة من «المباشرة بتقديم مساعدة الى الليبيين طلبوها في مجالات عديدة». كما سيتضمن هذا القرار تخفيفا للعقوبات المفروضة على ليبيا، بحسب ما اضاف دبلوماسيون.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد