أنامل صغيرة تعزف مستقبلها الموسيقي

03-07-2011

أنامل صغيرة تعزف مستقبلها الموسيقي

تمكّن مجد سرور (9 سنوات) من الحضور إلى قاعة الدراما في دار الأوبرا السورية، ولو متأخراً قليلاً، قبل بدء حفلة مسابقة صلحي الوادي الدولية الرابعة للمواهب الشابّة على آلة البيانو، ليكون آخر الداخلين إلى الكواليس، ليعزف سوناتا موزارت (545)، لكنه يبدو بعد انتهاء الحفلة حزيناً، فمشاركته في المسابقة تعني له حُلم الفوز بالمركز الأول في فئة «أ» من المشاركين، وبحصوله على المركز الثالث تَشكَّل لديه إحباطٌ، ثم تصميم أكبر على مواصلة التدرُّب على آلة البيانو التي لم يمتلكها في منزله إلا قبل عام فقط.

وعلى عكسه، تبدو دوريا زينية (9 سنوات)،التي حازت المركز الأول في الفئة ذاتها. قالت ضاحكة: «اعتقدت أنني الأخيرة لأنهم قرأوا النتيجة بالمقلوب». بدأت دورياً بالعزف على آلتها عندما كانت في الرابعة، وهي الآن تدرس في معهد صلحي الوادي (1934- 2007) وسط تشجيع والدَيها على الاستمرار بالتدرُّب لتصبح في المستقبل عازفة في الأوركسترا، وقد وقفت الطفلة على خشبة المسرح واثقةً لتُحيّي الجمهور، بعد أن تحركت أصابعها بخفة على أزرار البيانو «الأحلى من أي شيء أو من أي آلة في العالم» لديها.

افتتح المسابقة عازف البيانو البولونيّ تكاشيفزكي (المدير الفني لمسابقة شوبان الدولية للبيانو في هارتفورد)، احتفالاً بالذكرى المئوية الثانية لميلاد الموسيقي فرانز ليست بعزف قطع موسيقية له من مثل: «مازوركا»، «بولونيز» و»نوكتورن».

وشارك في الدورة 40 متسابقاً، من سورية واليابان وأرمينيا ورومانيا، اختيروا من بين 100تقدّموا باستماراتهم إلى لجنة التحكيم، وحصل هوســيب كاركوريان القادم من حلب على الجائزة الثانية للفئة «ج»، فيما حُجِب المركزانِ الأول والثالث من هذه الفئة لِتدنِّي المستوى.

وحُجِبت أيضاً الجائزة الأولى من الفئة «د»، وتَشارَك أمين الحلو (صافيتا/ سورية)، وأتسيوكي سكاكيبار (اليابان) المركزَ الثاني. الفئة العمرية بين (16- 18) عاماً التي تبدو إمكاناتها التقنية أكبر في العزف، يُكشَف في أدائها الكثير من خفايا هذا الهوس بالعزف على آلة البيانو، فبينما كان المشارك اليابانيّ يعزف بحرفية خالية من أي تعبير على الوجه، كان أمين يعطي الأزرار البيض والسود شيئاً من الحياة، وكذلك علياء خير بك (سورية) التي حازت المركز الثالث في الفئة ذاتها.

إلا أن استعراضاً واضحاً في الأداء من أنجيلا بطرس (سورية)، جعلها خارج المراكز، ومُنِحَت على نحوٍ خاص ورشةَ عمل مُدَّةَ خمسة أيام في لندن (من المجلس الثقافي البريطاني)، لتطوّر مهاراتها، ومن الواضح أن اللجنة المُكوّنة من أربعة أعضاء، هم: توشيكي أوسوي (اليابان)، كريستيان تكاشيفزكي (بولونيا)، سماء سليمان (سورية)، إضافة إلى رئيسها المدير الفني للمسابقة السوري وسيم القطب، راعت هذه الأمور في وضع النقاط لكل متشارك، أي أنها تنبّهت لوضعية العازف على الآلة، وطريقة استخدامه الدواسة (البيدال)، وكيفية إصدار الصوت والتفاعل مع مفاتيح البيانو، والحساسية تجاهها.

كما خَصَّصت نقاطاً لصحّة تأدية المقطوعة بناءً على فترتها الزمنية وعصرها، وأفردت معياراً للأداء التقني للعازف، ويقول قطب: «إنه لمن المتعب التحكيم بهذا الكم القليل من الأعضاء، لكننا فضّلْنا ذلك لتوحيد المعيار العام للمسابقة التي تعطي المشاركين نقاطاً متعارفاً عليها دولياً بين الستين والمئة نقطة».

منذ عام 2009، يرأس قطب المسابقة التي انطلقت تكريماً لمؤسّس أول معهد للموسيقى في سورية، ومؤسس «الفرقة الوطنية السيمفونية السورية»، صلحي الوادي، وحرص قطب على منْح كل مشارك هذا العام دبلوماً خاصاً بالمشاركة، حتى إنْ لم يكن فائزاً، كما فوجِئَت كارني بارزكيان بأنها أُهدِيَت آلةَ بيانو جديدة (من عائلة الوادي) على رغم أنها لم تحصل على أي مرتبة.

وهنا يقصد المسؤولون عن المسابقة توضيحَ أشياء قد تغيب عن أذهان الأهالي، مفادها أن الأهمية للمشاركة في المقام الأول، وليس الفوز، ولاسيما أن بعض الأطفال بكى حزناً جراء استبعاده من الجلسات التي أقيمت بين (26- 29 حزيران/ يونيو)، ووقف الأهل يُبرّرون ضعف أداء أطفالهم، خصوصاً أولئك القادمين من معهد حلب، ويشتكون من سوء تحضير الأساتذة لما سيُعزَف، ويُبرّر قطب، قائلاً: «الأمر هنا، يتعلّق بجاهزية الأطفال وخوضهم تجربةَ الصعود على المسرح للمرة الأولى، وليس شيئاً آخر».

ما تحدّث عنه  قطب هو برنامج مطابق للمعايير الدولية، فقد حَدَّد للفئة الأولى برنامجاً يُلزِم بعزف ثلاث مقطوعات تُغطّي عصر الباروك، والقطع المتعددة الأصوات لـ(باخ)، وسوناتا، إضافة إلى مقطوعة (دراسة) تظهر مقدرة العازف الفنية، وتتزايد الصعوبة في الفئات الأخرى، بين الحركات الثلاث للسوناتا، ومقطوعات (يوهان سباستيان باخ، فرانز شوبرت، فولفغانغ أماديوس موتزارت، لودفيج فان بيتهوفن).

«بعض المشاركين على مستوىً عالٍ، وبعضهم مُنخَفِض الأداء، المهم هو الموهبة وإمكانية الطفل، وكيفية حصوله على الصوت من صفائح الآلة الموسيقية» يقول أوسوي، الذي أشرف على ورشة عمل قصيرة مع فِئَتَي «أ، ب»، في معهد «صلحي الوادي» في دمشق، مُوضِّحاً كما هو معروف، أنّ: «لكل شخص ميزات خاصة، كما لكل فئة عمرية مُستوىً، لهذا حاولت أن أعطي الأطفال فكرةً عن مستويات الأداء عامّةً في هذه الورشة».

رنا زيد

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...