مهمات رئيس الحكومة المصرية الجديد والأسئلة الحرجة التي ستواجهه
الجمل: بدأت نتائج الانتفاضة الشعبية المصرية التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك تأخذ أبعادها الأكثر عمقاً لجهة تغيير بنية النظام السياسي الداخلية والسياسية الخارجية المصرية، وفي هذا الخصوص وعلى خلفية استمرار ضغوط الانتفاضة فقد غادر وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط منصبه، وتقول التسريبات بأن الدكتور نبيل العربي سوف يتولى منصب وزير الخارجية المصري، فمن هو نبيل العربي؟ وإلى أي مدى سوف ينجح في إدارة حسابات الفرص والمخاطر المتعلقة بملف السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد نظام الرئيس حسني مبارك؟
* الدكتور نبيل العربي: ماذا تقول المعلومات؟
تشير المعلومات والمعطيات المتعلقة بالسيرة الذاتية الخاصة بالدكتور نبيل العربي إلى العديد من النقاط التي يمكن أن تلقي الضوء على شخصية نبيل العربي، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• ولد الدكتور نبيل العربي في 15 آذار (مارس) 1935، وبحلول 15 من شهر آذار (مارس) 2011 الجاري سوف يكون عمره 81 سنة.
• حصل على ليسانس القانون من كلية القانون بجامعة القاهرة في عام 1955، ثم حصل بعد ذلك على درجة الماجستير ثم على درجة الدكتوراه في العلم القضائي من مدرسة القانون التابعة لجامعة نيويورك الأمريكية.
• تولى العديد من المناصب الرفيعة المستوى: السفير المصري في الهند، مندوب مصر الدائم في مقرات الأمم المتحدة في نيويورك بأمريكا وجنيف وسويسرا، ثم عمل قاضياً في محكمة العدل الدولية من عام 2001 وحتى عام 2006، وتولى منصب عضو محكمة التحكيم الدولي في هاغيو الهولندية منذ عام 2005.
• تولى العديد من المهام منها: عضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة من عام 1994 وحتى عام 2001، وتولى منصب رئيس الوفد المصري الذي أشرف على مفاوضات أزمة طابا بين مصر وإسرائيل، وعمل مستشاراً للحكومة السودانية في ملف أزمة حدود منطقة أبيي بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان.
الدكتور نبيل العربي شريك في مؤسسة زكي هاشم وشركاه، إضافة إلى أنه ظل يتولى منذ عام 2008 منصب مدير المركز الإقليمي الخاص بالتحكيم التجاري الدولي، والذي يوجد مقره في القاهرة، هذا، وما هو لافت يتمثل في أن الدكتور نبيل العربي قد عمل مستشاراً قانونياً للوفد المصري في مؤتمر سلام كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1978، والذي أدى إلى اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية (اتفاقية كامب ديفيد) والتي أخرجت مصر من حلبة الصراع العربي-الإسرائيلي.
* السياسة الخارجية المصرية: تحديات ما بعد مرحلة حسني مبارك؟
تقول معطيات العلوم السياسية، وتحديداً المتعلقة بالسياسة الخارجية بوجود ارتباط وثيق بين السياسة الخارجية والسياسة الداخلية، وذلك على أساس اعتبارات كثيرة تتعلق بعملية صنع واتخاذ القرار، وبمدى قدرة النظام السياسي على الاستقرار، وبالظروف السائدة على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، وفي هذا الخصوص نلاحظ الآتي بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية:
- التحدي الأول: توفير المعونات الغذائية، وذلك لأن التبعية المصرية لمساعدات القمح الأمريكي أصبحت تشكل أحد العوامل الحاكمة أمام متخذ القرار السياسي المصري.
- التحدي الثاني: حماية أمن وادي النيل وذلك لأن مياه النيل هي شريان الحياة الوحيد للدولة المصرية، والتي بدونها تصبح مصر عبارة عن صحراء جرداء لا شيء فيها سوى الرمال والجبال الجافة.
- التحدي الثالث: تداعيات الصراع العربي-الإسرائيلي وذلك لأن مصر مهما سعت للابتعاد عن حلبته، فإن تطورات الوقائع الجارية في هذا الصراع سوف تظل تمارس حضورها القوي في الساحة السياسية المصرية.
- التحدي الرابع: مخاطر النمو السكاني المتزايد، وحالياً تبلغ الكتلة السكانية 85 مليون نسمة، يتمركزون على ضفاف النيل التي تشكل 7% من مساحة مصر، وبقية الـ93% هي عبارة عن صحراء خالية لا تتوفر فيها مقومات الحياة.
هذا، وللتعامل مع هذه التحديات نجد أن مهمة القيام بتصريف أعباء السياسة الخارجية المصرية تنطوي على قدر كبير من المصاعب والمنعطفات الشديدة الدعوة، وفي هذا الخصوص، سوف يجد وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي نفسه في مواجهة الأسئلة الحرجة الآتية:
• كيفية الاستمرار في الحصول على المساعدات والمعونات الأمريكية دون القيام بتلبية الشروط الأمريكية التي لا تبالي لا بسيادة ولا بمصلحة مصر.
• كيفية الاستمرار في تطبيق بنود اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية دون التأثر بالانتهاكات الإسرائيلية السافرة لأمن واستقرار الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة بما في ذلك الشعب المصري نفسه.
• كيفية إطلاق دبلوماسية مياه النيل في ظل قيام دول المنبع بإنشاء تكتل إقليمي جديد يطرح بنوداً وأجندة يصعب على مصر الالتزام بتطبيقها.
• كيفية إدارة التعاون المصري مع البلدان العربية والبلدان الأوروبية دون الأخذ في الاعتبار تأثير العامل الإسرائيلي والعامل الأمريكي اللذان يضغطان من كافة الاتجاهات لجهة إخضاع السياسة المصرية للابتزاز والمزيد من الابتزاز.
وما هو أكثر أهمية يتعلق بالسؤال الحرج القائل بكيفية إعادة دور مصر الإقليمي القائد، وهو دور يصعب استعادته عن طريق الكلام الإنشائي وإطلاق التصريحات وإنما بإعادة بناء القدرات المصرية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتكنولوجية والصناعية والزراعية وهلمجرا، وهي عملية إعادة بناء تتطلب توافر الإمكانات ورؤوس الأموال وحشد الموارد، وتشير كل التقارير إلى أن مصر سوف لن تستطيع استعادة هذه المكانة في فترة أقل من عشر سنوات كحد أدنى.
تقول المعلومات بأن وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط قد تولى المنصب في العام 2004 وعلى مدى السبعة أعوام الممتدة حتى إخراجه من المنصب قبل بضعة أيام، قد ظل أكثر اهتماماً بانتهاج سياسة خارجية مصرية تركز على الرد على المطالب الأمريكية-الإسرائيلية بعبارة "أمرك يا أفندم" المشهورة.
والآن، تقول التسريبات بأن الخبير المصري الرفيع المستوى في القانون الدولي والعمل الدبلوماسي الدكتور نبيل العربي قد وافق رسمياً يوم أمس الأحد على تولي منصب وزير الخارجية المصري الجديد، فهل يا ترى سوف يعمل من أجل استعادة وزن ومكانة مصر السياسي الإقليمي والدولي أم أنه سوف يسير على نفس نهج سلفه أحمد أبو الغيط ويستبدل عبارة "أمرك يا فندم" بعبارة "تحت أمرك يا فندم"؟!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد