أمريكا تروج لتقسيم للسودان يتجاوز الجنوب
قررت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعيين مبعوث خاص لملف دارفور، وتحدثت بلهجة لا تخلو من التهديد غير المباشر لحكومة الخرطوم على لسان سكوت غريتشن المبعوث الأمريكي لدى السودان عن التقسيم، وإمكان أن يطال دارفور وشرق السودان بعد الجنوب، مطالباً الحكومة السودانية بتحسين الأوضاع المعيشية واعتقال المسؤولين عن جرائم “ارتكبت هناك”، وأغرت واشنطن القاهرة بأن التقسيم يضمن لمصر الحصول على كمية المياه التي كانت تحصل عليها طبقاً لاتفاقية 1927 .
وقد قررت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعيين مبعوث خاص للتعاطي مع ملف دارفور وهو السفير دين سميث، القائم بالأعمال السابق بالسفارة الأمريكية بالخرطوم، أعلن ذلك سكوت غريتشن المبعوث الأمريكي لدى السودان من الخرطوم وهو يستعد لمغادرتها غداً، باتجاه الدوحة، وعبر محادثة هاتفية مع الصحافيين في واشنطن، ومعه نانسي ليندبورغ مسؤولة المساعدات الإنسانية بوكالة المعونة الأمريكية عن رحلتهما ولمدة 3 أيام إلى دارفور .
ورداً على سؤال عمّا تسرب مؤخراً عن قيام كينياً بتهريب السلاح للمتمردين في جنوب السودان في عهد بوش، وعما إذا كانت الولايات المتحدة في عهد أوباما قد نظرت في موضوع تهريب السلاح إلى المتمردين في دارفور، أجاب غريتشن بأن الولايات المتحدة ضد أي تدفق للسلاح إلى دارفور، وأن اهتمامها الحالي هو بوقف إطلاق النار، ولذا فهو سيغادر اليوم إلى الدوحة لحضور اجتماعات للمصالحة، ودعا غريتشن جميع الأطراف في دارفور إلى حضور هذه الاجتماعات للتحدث وللتوصل إلى إطار اتفاق .
وقال “نعم نحن قلقون بشأن تدفق السلاح وقد أثرت بسؤالك نقطة جيدة، لأن تدفق المزيد من السلاح من الخارج أمر غير مفيد ونريد حل مشكلة التمرد” .
ورداً على سؤال ل “الخليج” عمّا يتردد عن تقسيم السودان لعدة دول بدءاً بالجنوب ومروراً بدارفور ثم شرق السودان وربما أبيي، وعما إذا كان الحل الفيدرالي مطروحاً . قال غريتشن “إن الولايات المتحدة تعمل بشكل مكثف مع أعضاء المجتمع الدولي للتأكد من التطبيق الكامل لاتفاقية السلام التي تمكن الجنوب من الاختيار ما بين أن يستقل تماماً أو الدخول في فيدرالية . أما بشأن الحديث عن تقسيم السودان لعدة دول فإن غريتشن وجه رسالة مباشرة للحكومة في الخرطوم، مشيراً إلى أن عليها أن تتأكد من احتواء مطالب الناس في دارفور ومناطق أبيي وبورسودان أي شرق السودان بوجه عام، وأضاف غريتشن “بأن هذا يفسر كيف أن اجتماعات الدوحة ودارفور مهمة للغاية، لأنها توضح كيفية اقتسام السلطة والثروة . وكيف سيتم تقاسم الكعكة . وأشار غريتشن إلى أنه على حكومة الخرطوم القيام بواجباتها بشأن تحسين أحوال المعيشة، وتوفير الخدمات العامة، واحترام حقوق الإنسان وتوفير العدالة .
وكان غريتشن قد أكد أنه لا يجب ولا يمكن نسيان سكان دارفور، نظراً لانشغال الجميع باستفتاء الجنوب، مشيراً إلى استمرار معاناة أهل دارفور دون حدوث تغيير كبير في أوضاعهم ومعاناتهم، وقال إن هناك المزيد من العمل .
وبينما حرص على تأكيد قيام حكومة الخرطوم بتحسين الأوضاع الأمنية، إلا أنهم لم يعتقلوا المسؤولين عن الاغتصاب والسرقة والقتل .
وأعاد غريتشن تأكيد تعهد الرئيس أوباما بالالتزام بشكل كامل بحل مشكلة دارفور، ودعا غريتشن المتمردين في دارفور إلى وقف فوري لإطلاق النار والذهاب إلى اجتماعات الدوحة والانضمام للمفاوضات هناك أو لمفاوضات أخرى قد تعقد مستقبلاً في دارفور (نفسها) .
وعن استفتاء الجنوب المقرر له التاسع من يناير/ كانون الثاني، فإن غريتشن توقع أن تكون عملية شفافة، وأن تتم في موعدها وإن كانت الخشية الوحيدة لدى واشنطن هي التحديات القضائية، أي لجوء البعض إلى المحاكم لتعطيل الاستفتاء .
وأعلن غريتشن أن بطاقات الانتخاب التي يجري طبعها ستكون بالسودان بحلول الثالث والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول الجاري إلى الخامس والعشرين، وإذا حدث تأخير، فإن أقصاه لن يتعدى ال 27 من ديسمبر الجاري، وأضاف أن المراقبين سيكونون في أماكنهم (500 دولي وخمسة آلاف مراقب محلي لمراقبة عملية الاستفتاء) .
واعترف غريتشن بأن الفرصة قد فاتت بالفعل لإمكانية عقد اقتراع حول مستقبل أبيي، وأشار إلى أن هذا الموضوع سيتم حله سياسياً بالاتفاق بين الطرفين .
ورداً على سؤال آخر عن قلق القاهرة بشأن ما يحدث بالسودان وتأثير ذلك في حجم مياه النيل التي تحصل عليها مصر، قال غريتشن إن المياه التي تحصل عليها مصر عبر السودان بعد الاستفتاء، خاصة لو اختار الجنوب أن يكون مستقلاً، ستكون بنفس الكمية التي كانت مصر دوماً تحصل عليها طبقاً لاتفاقية 1927 .
وأشار إلى أن المياه التي تحصل عليها مصر يأتي معظمها من إثيوبيا عبر النيل الأزرق وليس عبر النيل الأبيض أي عبر السودان، وأضاف بأن الكمية التي تحصل عليها مصر لن تتغير إلا إذا قامت الدول التسع بعقد اتفاقية جديدة .
* جدير بالذكر أن المبعوث الجديد لدى دارفور عمل لثلاثة عقود في الشأن الدبلوماسي والإفريقي، وكان سفيراً أمريكياً سابقاً لدى غينيا والسنغال .
حنان البدري
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد