قمة الأسد وساركوزي: البناء على جسور الثقة للارتقاء بالعلاقات وتحقيق استقرار المنطقة
أكّدت القمة السورية - الفرنسية بين الرئيسين بشار الأسد ونيكولا ساركوزي في باريس أمس أهمية البناء على «جسور الثقة المتبادلة» بين الجانبين للارتقاء بالعلاقات وتوسيع آفاقها بما يخدم مصالح البلدين وسعيهما لتحقيق «الاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الاوسط لما له من آثار إيجابية على أوروبا والعالم».
وكان الأسد وساركوزي عقدا لقاء قمة في قصر الإليزيه أمس، تخللها غداء عمل، بحضور المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان وأمين عام الرئاسة الفرنسية جان كلود غيان.
وأفاد بيان رئاسي سوري ان اللقاء تضمن «استعراض مسيرة التطور الذي تشهده العلاقات السورية - الفرنسية والخطوات المبذولة لتعزيز التعاون بين البلدين الصديقين في جميع المجالات بما يتناسب مع عمق الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين» وأضاف البيان انه «تم التأكيد على أهمية البناء على جسور الثقة المتبادلة بين الجانبين لمواصلة الارتقاء بهذه العلاقات وتوسيع آفاقها بما يخدم مصالح سورية وفرنسا المشتركة وسعيهما لتحقيق الاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط لما له من آثار إيجابية على أوروبا والعالم».
كما جرى في القمة، وهي الخامسة بين الأسد وساكوزي وسبقتها مراسم الاستقبال المعتادة في الإليزيه «استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية»، وأكد الجانبان «حرصهما على استمرار التشاور حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك».
ووصفت شعبان المحادثات بأنها كانت «ايجابية شملت كل المواضيع واتصفت بالثقة عبّر عنها ساركوزي بأهمية دور سورية في المنطقة من اجل الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الاوسط». وزادت :»واضح ان العلاقات تطورت بين الرئيسين، كما بين البلدين سورية وفرنسا، الى مرحلة تمكن فيها الرئيسان الاسد وساكوزي من مناقشة جميع المواضيع التي تخص الشرق الاوسط واوروبا نتيجة القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية بين المنطقة واوروبا». كما لفتت الى ان الاسد وساركوزي كانا «مرتاحين جداً للنقاش الذي يأتي حلقة في هذه العلاقة تبني على ما سبقها وتستمر الى ما بعد للدخول في تفاصيل المواضيع المطروحة» التي تناولت المواضيع المتعلقة بالمنطقة ونوقشت بجدية كاملة ومسؤولية.
وقالت رداً على سؤال يتعلق بلبنان ان الاسد «اكد ان أمن لبنان واستقراره هو من دون شك في مصلحة استقرار سورية وامنها» واضافت ان «الاسد عبر عن حرصه على امن لبنان واستقراره. وان العلاقة السورية - اللبنانية في مصلحة سورية ولبنان»، مشيرة الى ان هناك اتفاقاً بين الجانبين على ان «الوضع في لبنان الآن صعب، ونأمل بأن يكون افضل في المستقبل بما فيه خير لكل اللبنانين» ولفتت الى ان الرئيسين الاسد وساكوزي متفائلان بهذا الموضوع.
واشارت شعبان الى ان المواضيع المتعلقة بإيران و «عملية برشلونة: الاتحاد من اجل المتوسط» لم تناقش خلال القمة، واوضحت رداً على سؤال يتعلق بمستقبل المفاوضات السلمية في الشرق الأوسط بأن الحكومة الإسرائيلية «في موقع آخر وليست في وارد الحديث عن السلام» وان سورية تعيد تثبيت مواقفها من انها «مع سلام عادل وشامل يضمن عودة الحقوق كاملة الى اصحابها الشرعيين». كما جددت دعم سورية الجهود الفرنسية لتحقيق سلام عادل وشامل، لافتة الى ان «الحكومة الاسرائيلية لا تبدي اي رغبة في سلام عادل وشامل في المنطقة».
واوضحت رداً على سؤال آخر ان الرئيس ساركوزي «عبر عن رغبة فرنسا بالاستمرار في بذل جهودها بالطرق كافة ومع كل الاطراف لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة ومنع حدوث اية حروب جديدة». كما اشارت الى ان القمة تضمنت الحديث عن المصالحة الفلسطينية و «ان المصالحة جوهرية من اجل عملية السلام، وان سورية ابدت استعدادها دائماً لبذل ما تستطيع لتوحيد الصف الفلسطيني لأننا نعرف ان وحدة الصف الفلسطيني تمنح القوة للموقف الفلسطيني كما تمنح القوة لعملية السلام» وزادت ان «سورية لا تألوا جهداً ولا تريد أن يقدم لها الشكر في هذا الموضوع، لكنها تبذل كل ما تستطيع لتوحيد الصف الفلسطيني».
واشارت رداً على سؤال آخر الى تصريحات الرئيس الاسد امس من «ان الشريك الاسرائيلي هو شريك وهمي» والى قوله سابقاً «لا نستطيع ان نتوقف عن البحث من اجل السلام حتى مع ادراكنا بأن الواقع صعب جداً، لأن البديل من السلام هو الحروب. ونحن لا نريد حروباً في المنطقة. نحن نريد سلاماً عادلاً وشاملاً. من هنا تركيزنا على الإصرار على عملية السلام».
وكان الاسد التقى ايضاً رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية برنارد اكويير. ومن المقرر أن يلتقي اليوم نخبة من كبار المثقفين والإعلاميين الفرنسيين. كما تلقي عقيلة الرئيس السوري، السيدة اسماء الاسد، محاضرة في الاكاديمية الديبلوماسية.
وأفاد بيان رئاسي بأن الأسد اكد خلال لقائه عدداً من أبناء الجالية السورية في فرنسا صباح امس أن «أبناء الجاليات السورية يمثلون مصدر فخر واعتزاز لوطنهم الأم بالنظر لما يتمتعون به من سمعة طيبة وما يحققونه من إنجازات مهمة على المستويين العلمي والعملي»، لافتاً الى قوله ان «أبناء الجاليات السورية هم خير سفراء لوطنهم الأم لكونهم يشكلون جسر تواصل راسخاً ودائماً بين مجتمعاتهم الأصلية ومجتمعاتهم الجديدة عبر اندماجهم في هذه المجتمعات وتفاعلهم معها من دون أن يذوبوا فيها ما يجعلهم قادرين على دمج ثقافتين والمساهمة في إيصال الصورة الحقيقية لمجتمعاتنا وما تتميز به من انفتاح على الآخر ورفض للعزلة. وشدد على أن هذا الهدف يتطلب اهتماماً متواصلاً بتعليم اللغة العربية للأجيال الناشئة من أبناء الجاليات وأن الحفاظ على اللغة العربية أمر حيوي لاستمرار التواصل مع الوطن الأم».
وطرح أعضاء الجالية أفكاراً حول عملية التطوير في سورية، وبحث الرئيس الأسد معهم الآليات المناسبة للاستفادة من خبراتهم التي كونوها في بلدان الاغتراب. كما تبادل الاسد والسيدة اسماء الحديث مع أبناء الجالية واستمعا إلى شرح عن أوضاعهم ومقترحاتهم لتفعيل دور الجالية وتعزيز التواصل مع وطنهم سورية.
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد