إنـه موسـم التسـوق ومـوسـم التـلاعـب بحواسـك كلهـا
حاجة التسوق، أو متعة التسوق؟ النتيجة واحدة، وهي «التسوق». من هنا فستان أنيق ينده لكِ «اشتريني». وهناك قميص أنيق يهمس هو أيضاً «اشتريني». واجهات عرض، وموسيقى، وأضواء، وتخفيضات.. كلها تدعوك «تفضل بالدخول»!
أيها الشاري، احذر تلك الإغراءات، فالتسوق ليس مجرد نزهة في مجمع تجاري كما نعتقد، إنما هو عملية أكثر تعقيداً، بحسب الباحثين.
ويقول أستاذ التسويق في جامعة «نورثوسترن» ألكسندر تشرنيف، «ليس سهلاً أن نسيطر على سلوك التسوق لدينا، لأنه يتأثر بقوى عديدة لا نأخذها بالاعتبار».
هي «الحواس الخمس»، يقول كاتب «لماذا نشتري: علوم التسوق» و«ماذا تريد النساء»، باكو أندرهيل، موضحاً أن الجميع في السوق سيحاول أن يستدرجك لتشتري من عنده، من خلال إقحام «حواسك الخمس».
يبدأ البائعون بإغراء «عينيك» أولاً، ويعملون على تسليط الضوء على بضاعتهم، بكل ما للكلمة من معنى، حيث يستخدمون النور ليجعلوا ما هو جيد يظهر بشكل أفضل على الواجهة، مما ستظهر عليه السلعة بعدما تشتريها.
ثم يستهدفون «أذنيك»، عبر الموسيقى التي يضعونها في متاجرهم. فإذا كنت تحب الموسيقى التي يضعونها، فانك ستشعر بالانتماء للمكان وبالتالي تشتري منه والعكس صحيح. فالموسيقى، تجذب الأشخاص إلى المحل، وقد تبقيهم لوقت أطول، أي يشترون أكثر. وإذا كانوا ينزعجون من تلك الموسيقى، يخرجون بسرعة لدرجة أنه لا يتسنى لهم الوقت للشراء. كما أن إيقاع الموسيقى له دوره، فعندما يكون سريعاً، يكون البحث هامــــشياً، أي ان السلال ستكون فارغة أكثر مقارنة بما اذا كان الإيقــــاع أبطأ، حيث يأخذون الوقت للبحث وبالتالي يشترون أكثر.
ما «تتنشقه أو تتذوقه»، له تأثيره على الشراء! لأن رائحة الكستناء المحمصة اللذيذة، أو العينات المجانية من حلوى العيد، هي من الأمور الفاعلة التي تدعو الزبائن لدخول المتجر وشعورهم بالراحة. ليس هذا فحسب، فالرائحة والطعم لهما وظائف خفية أيضاً، فهما يحثان الغدد التي تفرز اللعاب، ما يشعرك بالجوع. هو شعور كفيل بجعل المرء يشتري بشكل أكبر، وليس فقط الطعام.
أحيانا، قد يكون «اللمس» كفيلا بجعلنا نشتري قطعة ما، لأن الأبحاث أثبتت أن هناك ثلاثة أسباب تجعلنا نشتري القطعة لمجرد لمسها؛ الأول، لأن ملمس القطعة يعطينا معلومات عنها، ما إذا كانت ثقيلة أم خفيفة، ناعمة أم خشنة. أما السبب الثاني، فهو أننا نشتري القطعة لمجرد أننا نحب ملمسها... والثالث، هو أن لمس القطعة، يعطينا شعورا بامتلاكها، ويميل الأشخاص عادة لدفع مبالغ أكبر على أمور يشعرون أنهم سيمتلكونها.
«الاندفاع للشراء»، هو أحد العناوين الأساسية للشراء، فكم من المرات نذهب إلى المتجر لشراء شريط للكاميرا فقط، وينتهي بنا الأمر أن نشتري من هنا وهناك سلعاً أخرى، بينما نكون أمام الصندوق. وللتخلص من تلك المشكلة، يقول الخبراء إن الحل الأمثل هو بأن يقوم المتبضعون بكتابة لائحة قبل الذهاب للتبضع. وعليك أيضاً بالطعام الغني بالتريبتوفان والكربوهيدرات، حيث يخفض الناقل العصبي «السيروتونين» المفبرك من التريبتوفان بتخفيض السلوك الإندفاعي لدى الشارين.
وتذكّر أن السعر الأفضل هو «المجاني». يميل الأشخاص عادة إلى شراء ما يوحي لهم أنه صفقة جيدة، بمعنى «اشترِ كذا تحصل على كذا» حتى لو كان فخاً في معظم الأحيان. ويقول أستاذ علم النفس والسلوك الاقتصادي في جامعة دوك في درهام، دان أريلي إن «قوة «المجاني هي بالفعل خارقة» فأريلي مثلا اشترت سيارة باهظة الثمن، لأنها حصلت معها على فرصة تغيير الزيت ثلاث مرات مجاناً.
إن «الدفع نقداً» يختلف عن الدفع ببطاقات الائتمان أو بطاقات الصرف. فالدفع نقدا يشعرك بكل قرش تصرفه حيث ينقص المال في محفظتك، ما يشعرك أنك تزداد فقراً. وهذا مؤلم، على عكس البطاقات التي، عندما تدفع عبرها، لا تشعر بقيمة المال الذي ينقص من رصيدك. وأظهرت الدراسات أن الذين يتركون بطاقاتهم في المنزل يصبحون أقل عرضة للسلوك الإندفاعي في الشراء، وإنفاق ورقة 50 دولاراً، هو أصعب من إنفاق عشر أوراق من 5 دولار.
واتضح أن الرجال والنساء يختلفون في هذا السياق، وذلك الاختلاف يعود إلى العصر الحجري. فالنساء يقدرن التفاصيل بشكل أكبر ويعطونها أهمية، ويملن إلى معـــاينتها ومقارنتها بمنتجات أخرى قبل شرائها، على عكس الرجال الذين يدخلون المتجر، يشترون ما يريدون، ثم يخرجون ببساطة، بحسب الدراسات. فإذا لم يرافقــــك شريكك في التسوق، ليس لأنه أحمق، بل ربما لأنه رجل ببـساطة.
المصدر: السفير نقلاً (عن «لوس أنجلس تايمز»)
إضافة تعليق جديد