المهن النسائية الأجر بعد المظهر
بعض المهن توصف بأنها مهن نسائية، أو مناسبة لعمل المرأة أكثر من غيرها، كمهنة التدريس والخياطة وغيرها.. فهذا الرأي السائد على المستوى الشعبي أو كما يقال أصبح العرف العام..
سوق العمل لا تعترف بهذا العرف إطلاقاً، وغالبية النساء يعارضن هذا العرف، ويؤكدن أن هذا التقسيم قائم بناء على مصلحة الرجل في المقام الأول والواقع الفعلي للعمل لا يمنح المرأة أي امتيازات إيجابية. فالجهد المطلوب متساوٍ من المرأة والرجل على حد سواء، وفي أحيان كثيرة يكون مطلوباً من المرأة جهد مضاعف عن الرجل، والسبب هو في هذه النظرة العامة، التي تعتبر المرأة غير جديرة بالعمل، وتمارس العمل فقط من باب الهواية، وزيادة في الرفاهية، فهي ومن اللحظة الأولى تجد نفسها في حالة صراع مع محيطها لتثبت جدارتها في العمل.
سبعة مقابل واحد
إحصائية صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء تعود إلى العام 2007 حول المرأة العاملة، أن نسبة العاملات من النساء بالنسبة إلى الرجال في مختلف القطاعات السورية هي بمعدل 1/7، أي إن كل سبعة رجال يقابلهم في ميدان العمل امرأة واحدة. وتعتبر هذه الأرقام مفاجئة عقب الكثير من المبالغات التي تناولت هذه المسألة والتي ذهبت بعيداً في اعتبار نسبة العاملات من النساء في سورية تعادل 1/2 من الرجال. وأشارت الأرقام التفصيلية إلى أن العدد الإجمالي للعاملات أو المشتغلات وفي مختلف القطاعات هو 600 ألف عاملة فقط، بينما يبلغ إجمالي العمال الذكور 4.2 ملايين عامل، أي أن قوة العمل تتوزع إلى 12.5 % إناث و 87.5 % ذكور.
اتهامات عامة
(ت.م) مهندسة المعلوماتية، تخرجت في جامعة حلب عام2004، وتعمل في مهنة التدريس في الجامعات الخاصة، تصف تجربتها: « إن العمل مدرّسة في منطقة تبعد ست ساعات عن سكن الأهل، ليس بالشيء السهل، خاصة أنني أدرس مادة علمية في جامعة خاصة والطلاب يتعاطون مع المدرس بطريقة فوقية، فما بالك بالتعاطي مع المدرسة، حيث يتعاملون مع المدرّسة باستخفاف، ومحاولة التقليل من شأنها بشتى الوسائل وفي التعليم الخاص الإدارة تكون مع الطالب في أغلب الحالات، والمدرسة متهمة مسبقاً بأنها أقل قدرة على الإعطاء من المدرس دون معرفة إمكاناتها الحقيقية والأمر لا يتوقف عند الطلاب بل هذه نظرة عامة وحتى عند الإدارة نفس الفكرة موجودة ولكن بشكل مبطن».
التحرش الجنسي بالعاملات
تتطرق(م.ج) إلى المضايقات التي تتعرض لها العاملات، وتقول: «التحرش الجنسي موجود بشكل دائم وأنا شخصياً تعرضت لهذه الأمر أكثر من مرة، إما من قبل رب العمل أو من قبل زملائي في العمل، والحلّ الوحيد الذي أقوم به هو ترك العمل والبحث في ورشة أخرى، وهذه الحالة تتعرض لها أغلب العاملات في هذا القطاع وبشكل مستمر وكل زميلاتي اللواتي أعمل معهن تعرضن لمثل هذه الحالة، وفي بعض الو رشات اشترط صاحب العمل علاقة جنسية قبل أن يقبل بتوظيفي في ورشته..!.
و تؤكد المدرّسة (ت.م) على هذا الأمر» رغم كل المراسلات التي أجريتها مع الجامعات من أجل الحصول على وظيفة أفضل، إلا أنها باءت بالفشل والأمر الوحيد الناجح هو المقابلة الشخصية، وأجزم أن معظم الذين قابلتهم لم ينظروا إلى مؤهلاتي وخبراتي وإمكاناتي العلمية والعملية، بل الشيء الوحيد المهم هو المنظر العام ومدى التجاوب مع التلميحات والإشارات هي عوامل أقوى في التوظيف».
الجنس يحدد الراتب
أما (م.ج) عاملة في ورشة خياطة بريف دمشق، وتزاول هذه المهنة منذ 11 عاماً، وهي مطلقة ولديها ابنة تعيش مع والدها، تشكو من التمييز الذي تتعرض له في مهنتها لكونها امرأة، مبدية عجزاً عن تغيير هذا الواقع، سواء فيما يتصل بقضية الراتب أو المساواة في الفرص مع الرجل، فتقول: «هناك فرق في الأجور بين المرأة والرجل، عندما تبدأ المرأة بالعمل يكون أجرها 6000 ليرة سورية، ويصل الراتب إلى 9000 ليرة، بينما الرجل يبدأ بعشرة آلاف، ويصل إلى 14000 ألف ليرة، رغم أن يوم العمل هو واحد والإنتاج نفسه، وعندما تعترض الفتاة، يقول رب العمل إن الرجل مسؤوليته أكبر..!».
وهذا ما تؤكده المدرّسة (ت.م) من أن الجهد الذي تبذله المدرّسة في البداية كبير جداً ولا تستطيع تغيير تلك النظرة، وتفرض احترامها على الجميع، فهي تشعر بأنها في حالة حرب مستمرة وكل تصرفاتها محسوبة أو أن هناك من يترصدها في هذا القطاع، وعلى الرغم من كل ذلك، تتفاجأ أن راتب زميلها أعلى من راتبها، علماً بأن نظام الرواتب في الجامعات لا يوجد فيه أي مادة قانونية تنص على وجود فرق، ولكن الذي يحصل هو تفضيل المدرس في مسائل مثل البدلات والدورة وعدد ساعات التدريس، ما يعطي حوافز أعلى للمدرس وبالتالي ينعكس على مقدار الراتب». الخلل في الفارق بين الرجل والمرأة يبدو واضحاً من خلال إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء لعام 2007 أن متوسط أجر العاملة في سورية أصبح قرابة عشرة آلاف ليرة، إذا ما علمنا أن أجور المشتغلات من النساء عموماً تتراوح بين 5700 ل.س للمرأة الأميّة و11116 ل.س لحاملات الشهادة الجامعية وما فوق، كما أن عدد العاملات دون أجر يبلغ 189 ألف عاملة، في حين يبلغ عدد العاملات بأجر 411 ألف عاملة.
همام حداد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد