قتل وشد أزر
تتلخص وقائع هذه الدعوى ، أنه في مساء وقوع هذه الحادثة نشب خلاف بين كل من عمار ومحمد من جهة والمدعو زيوار من جهة أخرى، إثر حضور الأخير إلى محل عمار ومحمد المعد لبيع السيديات في بلدة مضايا، بغية مطالبتهما بمبلغ من المال من رصيد ثمن مسدس ، كان قد باعه لهما .ولكنهما امتنعا عن الدفع ، بحجة أنه قد تبين لهما أن المسدس غالٍ ومرتفع الثمن ، فطلب إعادة المسدس إليه ، ولكنهما لم يتجاوبا مع طلبه هذا أيضاً ، فوقعت ملاسنة بينهما لهذا السبب ، وجرى بينهم تهديد ووعيد ...
فخرج زيوار من محل محمد وعمار غاضباً وعاد إليهما بعد فترة مشهراً مسدساً عليهما، وراح يتوعدهما بالقتل إن لم يفضا هذه المشكلة فحضر خلفه فوراً شقيقه الذي حاول تهدئته وإعادته إلى المنزل ، بعد أن فض المشكلة على وعد دفع المبلغ من قبل محمد وعمار بعد نصف ساعة ..
في المنزل أنب والد زيوار ابنه بسبب هذه المشكلة ، فما لبث قليلاً حتى عاد إلى المحل فلم يجد غريميه فيه ، وإنما التقى بشريكهما الذي راح يطلب منه المقايضة على ما تبقى له في ذمة شريكيه من مبلغ باعطائه إما جهاز تلفزيون ، أو كمبيوتر من المحل فرفض الأخير هذا العرض، وطلب منه الخروج من المكان ، حيث شاهد خارجاً غريميه عمار ومحمد، جالسين ضمن سيارة بيضاء ، تعود لوالد محمد ، وقد توقفا على بعد حوالي 15 متراً قبالة المحل الذي خرج منه زيوار ، فاعتقد زيوار أنهما لا بد يترصدانه ، فأشهر مسدسه الذي كان لا يزال في يده ، وأطلق منه طلقة في الهواء ترهيباً ، فما كان من عمار إلا أن تناول المسدس الموجود في تابلو السيارة العائد لوالد شريكه محمد وأطلق النار باتجاه زيوار ، الذي دخل مع والدته وشقيقه إلى داخل المنزل وأغلقا البوابة الحديدية ، حيث استمر إطلاق النار بين الطرفين ، وأصيبت البوابة ببعض الطلقات ثم غافل زيوار شقيقه ووالدته ، وسلك درجاً سرياً يؤدي إلى الخارج ، حيث تم إطلاق النار عليه من قبل عمار الذي شاهده وهو نازل من على الدرج ، وأصابه تحت الثدي ، حيث تم إسعافه حينئذ إلى مشفى الزبداني، ومنه إلى مشفى الأسدي ، الذي وصل إليه مفارقاً الحياة، هذا وقد أفاد معظم الشهود أمام قاضي التحقيق بأنه كان في يد كل من محمد وعمار مسدس وهما يطلقان النار باتجاه المغدور زيوار الذي بادلهما إطلاق النار، باطلاق النار من مسدسه ولكن تراجع بعض هؤلاء الشهود فيما بعد عن أقوالهم أمام هيئة المحكمة الناظرة في هذه القضية ، وأفادوا بأن عماراً فقط من كان يطلق النار باتجاه المغدور بينما كان محمد واقفاً بجانبه . أثناء عملية الاطلاق وهو مجرد من السلاح غير أن والد المغدور ادعى بحق الاثنين معاً فكانت هذه الدعوى ... حيث أصدر السيد قاضي الاحالة بريف دمشق قراره رقم 133 في الدعوى أساس 364 المتضمن اتهام المدعى عليهما عمار ومحمد بجناية القتل قصداً ولزوم محاكمتهما أمام محكمة الجنايات . وبعد البت بالقضية بقرار قطعي إحالة الأوراق إلى النيابة العامة المختصة ، للنظر بأمر ملاحقة المدعى عليهما بجرم حيازة سلاح غير مرخص حسب العائدية والاختصاص النوعي ...
هذا ولدى مثول المتهمين أمام محكمة الجنايات الأولى في ريف دمشق ، طلب السيد ممثل النيابة العامة تجريم ومعاقبة المتهمين وفق منطوق قرار الاتهام ...
في حين طلبت الجهة المدعية ، الحكم على المتهمين بجناية القتل عمداً ومعاقبتهما بالاعدام والتعويض بمبلغ عشرة ملايين ل.س تعويضاً عن الضرر الذي أصابها من جراء قتل ولدها عمداً.... في حين طلب وكيل المتهمين في الدفاع إعلان براءة المتهمين مما نسب إليهما ، وفي حال الادانة تبديل الوصف الجرمي من جناية القتل القصد ، إلى جنحة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة 550 من قانون العقوبات العام ، أو اعتبار فعلهما من قبيل الدفاع المشروع عن النفس المحل ّ من العقاب ، كما طلب منحهما الأسباب المخففة التقديرية في حال الادانة وإجراء الخبرة على مكان الجرم بواسطة خبير جنائي لتحديد كيفية الاطلاق ومسار الطلقات ...
غير أن هيئة محكمة الجنايات قررت بالاتفاق تجريم المتهم عمار تولد 1982 بجناية القتل قصداً ومعاقبته بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة وكذلك تجريم المتهم محمد تولد 1980 بجناية التدخل بالقتل القصد ومعاقبته بالأشغال الشاقة سبع سنوات ونصف ...
مع إلزام الأول بدفع مبلغ (500000) ل.س والثاني (250000) ل.س لذوي المغدور تعويضاً لهم عن وفاة مؤرثهم مع حجرهما وتجريدهما مدنياً ، ومنعهما من الاقامة في مكان ارتكاب الجرم مدة تعادل محكومية كل منهما ... وقد استندت هيئة المحكمة في قرارها هذا على أن نية القتل متوفرة لدى المتهم عمار ، ويستدل عليها من ذهابه من المحل مع المتهم محمد ، وإحضارهما لسيارة والد الأخير ، وبضمنها المسدس المستعمل في الجريمة الذي كان ضمن تابلو السيارة ، وانتظارهما على مقربة من المحل ، ثم ترجلهما من السيارة ، وتناول المتهم عمار للمسدس من تابلو السيارة ، وقيامه باطلاق عدة طلقات باتجاه المغدور ، ومن مسافة قريبة (حوالى 15 متراً) وإصابة إحداها في مكان قاتل من الجسم تحت الثدي . وبالنسبة للمتهم محمد ، الذي أنكر جرم الاشتراك بالقتل في جميع مراحل التحقيق ، ونفى أنه قام باطلاق النار باتجاه المغدور ، مستفيداً من تناقض أقوال الشهود لهذه الجهة، فبعد أن أفاد بعضهم أمام قاضي التحقيق بأنه شارك باطلاق النار نحو المغدور ، عادوا وتراجع بعضهم عن أقواله أمام هيئة المحكمة ، قائلين أن من أطلق النار باتجاه المغدور هو المتهم عمار ، كما أنهم لم ينفوا وجوده في ذات الوقت مع المتهم محمد الذي قالوا إنه كان واقفاً إلى جانبه في مسرح الجريمة ، ما يجعل الشك يدور حول كونه شريكاً أصلياً مع الفاعل الأصلي الأساسي عمار ، وإن كان الشك يفسر في هذه الحالة لمصلحة المتهم إلا أن ذلك لا يعفيه من المسؤولية الجزائية ، لأن المتهم محمد خرج بداية مع المتهم عمار ، وقاما سوية باحضار السيارة العائدة لوالد المتهم محمد ، وضمنها مسدس والد الأخير . المودع داخل تابلو هذه السيارة ، وعادا إلى الشارع العام ، ووقفا قبالة المحل العائد لهما ، وبقيا ينتظران قدوم المغدور على الطريق ، ضمن السيارة ، وما أن شاهداه خارجاً من محلهما نزلا من السيارة ، بعد أن تناول المتهم عمار المسدس ، دون أدنى اعتراض أو ممانعة من المتهم محمد ، الذي وقف حسب ادعاء هؤلاء الشهود بجانب عمار، حين إطلاقه النار نحو المغدور زيوار ، ما ساهم في تشديد عزيمة الفاعل وشد من أزره ، في الوقت الذي كان بإمكانه فيه الانطلاق بالسيارة مع المتهم عمار والهروب من مسرح الجريمة .
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد