أرقام تكشف لأوّل مرّة عن الروتين في سورية

01-10-2010

أرقام تكشف لأوّل مرّة عن الروتين في سورية

إليكم هذه المعلومات الغريبة والحقيقية: نحو ألف مواطن يراجعون محافظة دمشق يومياً لتصديق عقود الآجار بينهم، فإذا كان كل من المؤجّر والمستأجر سيأتي بسيارة واحدة إلى مقرّ المحافظة من مسافة تقريبية هي 15 كيلو متراً ذهاباً وإياباً، الأمر الذي سيضطر كل سيارة تنقل المؤجّر والمستأجر لصرف ثلاثة لترات من البنزين، فإن ما يصرفه هؤلاء الألف الذين يتكرّر عددهم يومياً على التنقّل لتصديق هذه المعاملات يبلغ سنوياً أكثر من 14 مليون ليرة سورية.
وإذا اعتبرنا أنّ كل مُراجع منهم فقد يوم عمل (قدّرت قيمته بـ500 ليرة) بسبب ملاحقته لهذه المعاملة واضطراره للتنقل بين الدوائر الرسمية لإنجازها، يصبح المبلغ المهدور من ألف مواطن يومياً وعلى مدار السنة هو 150 مليون ليرة سورية، فإذا أضفنا إليها المبلغ المهدور على النقل يصبح مجموع ما يخسره المواطن والاقتصاد الوطني بسبب الروتين الذي اضطر المواطن لمراجعة محافظة دمشق في مركزها هو أكثر من 160 مليون ليرة سنوياً، هذا فضلاً عن الهدر البيئي والازحادم الذي تتسبّب به مثل هذه الحشود يومياً.
وما ذكرناه عن مراجعة المواطنين لتصديق عقود الآجار هو مجرّد مثال، لأنّ الدراسة ذاتها تكشف لنا على سبيل المثال أنّ نحو ستة آلاف مواطن يراجعون يومياً مديرية النقل في الزبلطاني، وأنّه يتم ترسيم نحو ثلاثة آلاف سيارة يومياً.
فإذا كانت كل سيارة تقطع يومياً مسافة 15 كيلو متراً ذهاباً وإياباً، لتصل إلى مديرية النقل، وأنّ كل سيارة ستحتاج لثلاثة لترات من البنزين، فإنّ الخسارة السنوية لهؤلاء المراجعين على التنقل فقط يبلغ أكثر من مئة مليون ليرة سورية.

 وإذا أضفنا لكل مُراجع خسارة يوم عمل وتعطيل السيارة عن العمل وخاصة سيارات الأجرة، يصبح مجموع الخسارة السنوية ما يقدّر بنصف مليار ليرة سورية.
يمكن لكل واحد منا أن يمسك الورقة والقلم ويحسبها على أساس ما يهدره يومياً على معاملات وإجراءات يمكن الاستغناء عنها أو يمكن تسهيلها وتحويلها إلى مكان أقرب أو نافذة واحدة أو يمكن أتمتتها وتحويلها إلى معاملة إلكترونية.
وما عرضناه من أرقام فيما سبق استند إلى دراسة حقيقية أجرتها محافظة دمشق على بعض القطاعات، علماً أنّ الخسائر يمكن أن تبدو مذهلة على المال والبيئة والصحة لو شملت الدراسة كل أنواع المعاملات والقطاعات.
كما أنّ الدراسة ستبدو متكاملة أكثر فيما لو كشفت عن الخسائر الأخرى التي يمكن أن تنتج عن مثل هذا الازدحام في محافظة دمشق أو مديرية النقل - وهما مجرّد مثال في هذه القضية - فالازدحام اليومي والمكثّف على كل معاملة من هذه المعاملات يؤدّي إلى نمو وظهور اختراعات جديدة للهدر وتكبيد المراجعين المزيد من الخسائر، وهذا ما يبدو جلياً في مثل هذه الدوائر الرسمية التي تصبح مقرّات لتفريخ معقّبي المعاملات وارتباطهم بشبكات من الفساد الإداري داخل هذه المؤسسات، بدليل أننا أصبحنا نسمع كل سنة أو سنتين تقريباً عن حالة من الإقالة الجماعية أو الإحالة الجماعية للقضاء لطقم كامل من الموظفين والمسؤولين في محافظة دمشق على سبيل المثال.
لاشك أنّ صدور مثل هذه الأرقام من محافظة دمشق يؤكّد أنّها بدأت تدرك المشكلة وحقيقتها، وهي خطوة تحسب لها وهي تقوم بتجربتها الأولى لمركز خدمة المواطن، لكننا نتساءل عن الرقم الذي يمكن أن نصل إليه على مستوى سورية، فيما لو قامت كل محافظة ووزارة ودائرة رسمية بدراسة مماثلة بالصراحة والجرأة ذاتها التي قامت بها محافظة دمشق, أتوقع أنّ نصل إلى أرقام أقل ما يقال عنها إنّها ستكون كارثية.
وعندها سنكتشف أسراراً أخرى ربما لم تخطر على بالنا يوماً، منها على سبيل المثال: لماذا تعتبر أماكن تجمّع الدوائر الرسمية التي تكثر فيها المراجعات اليومية مثل منطقة محافظة دمشق والزبلطاني والمصالح العقارية وغيرها، هي الأكثر تلوّثاً من الناحية البيئية، وسكانها الأكثر إصابة بالأمراض التنفسية والسرطانات والأمراض التي يسبّبها تركّز الرصاص الناتج عن احتراق أدخنة السيارات ومنها الإعاقة والتخلّف العقلي وغيرها؟.
كما سيكون السرّ الآخر الذي سنكتشفه، هو الرقم الحقيقي لمراجعي الوزارات والدوائر الرسمية والمستشفيات في العاصمة دمشق قادمين من مختلف المحافظات، ما سيكشف عن مأساة حقيقية تحصل يومياً بسبب اضطرار عشرات الآلاف من المواطنين لترك أعمالهم ومصالحهم ليومين أو أكثر، لمجرّد الحصول على توقيع أو تقديم شكوى ضد موظف قرّر استخدام الروتين حتى آخر رمق.
عندها ستكون النتيجة التي ستكتشف عن الخسائر المادية التي يتكبّدها هؤلاء يومياً وسنوياً على النقل وعلى تعطيل أشغالهم واستغلالهم من قبل الموظفين، والنفقات الأخرى من إقامة في الفنادق والأكل والشرب وغيرها، أكبر مما يمكن أن نتخيله الآن، حيث سنكتشف أنّ لدينا سياحة داخلية متكاملة تتضمن الإقامة في الفنادق وارتياد المطاعم والمستشفيات بسبب واحد وهو البيروقراطية والروتين.

 

حمود المحمود

المصدر: الاقتصادي

التعليقات

ما شاء الله بعد بكير يا محافظة دمشق ويا مجلس الوزراء ويا مجلس الشعب هل تتوقعون اتمتت المعاملات اكيد لا لان المرتزقة منها كتير ابتدءا بالمديرين الى الموظفين الصغار كان شرطي المرور بعمر بيته بخمس سنوات الان بستة اشهر وموظف الترسيم بالزبلطاني لايقبل يوميا اقل من 5000ليرة اذا كان صغير والكبار او كما قيل لي من احد الموظفين هناك ان المدير لايقبل يوميا اقل من 50000 ليرة وهذا الموظف من المرتشين اما المحافظة فيا ويلك اذا عندك معاملة اول الشي تروح البنك تجيب رزمة فئة ال200 ليرة ورزمة فئة ال500 ورزمة فئة ال1000 لتكسر روتين الموظف بهم الخ...........

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...